عرب وعالم / الكويت / بوابة المصريين في الكويت

الحِراك الأميركي – المصري في لبنان: «تحذيرات بقفازاتٍ حريرية» واستكشاف أفق التفاوض

  • 1/3
  • 2/3
  • 3/3

«بين سطور» اللقاءات البالغة الأهمية التي شهدتْها بيروت، وكان محورها كل من الموفدة الأميركية مورغان أورتاغوس ومدير المخابرات العامة المصرية حسن رشاد، لاحتْ المَخاطرُ الجسيمةُ التي تحوم فوق لبنان الذي بات في الأسابيع الأخيرة كمَن يضع «رِجْلاً» في ملعبِ نارٍ مرشَّحٍ لاستعادةِ عَصْفه و«رِجْلاً» أخرى في «شبكة أمانٍ» يحاول الخارجُ إرساءها لتفكيكِ «صاعق» ملف سلاح «حزب الله» وتوفير ظروف سَحْبه من دون حربٍ جديدة أو تصعيدٍ كبير.

ولم تكن «التطميناتُ» التي سُرِّبت في بيروت عن أن أورتاغوس لم تحمل خلال لقاءاتها مع الرؤساء جوزف عون ونبيه بري ونواف سلام «تهويلاً وتهديداً بالحرب» كافيةً لجعْل أوساط سياسية مطلعة تتراجع عن تقييمها بأنّ الوضع اللبناني في ذاته يقيم عند «درجة التهديد الأعلى» التي يقترب معها من «الأحمر» وهو ما تجلّى في مساريْن متوازييْن:

– الأول تكثيف إسرائيل استهدافاتها والارتقاء بها أفقياً وعمودياً وإكمالها «البناء» الأمني والإعلامي الأقرب إلى حيثياتِ «حرب محدّدة الأهداف».

– والثاني «الدبلوماسيةُ المكثّفة» في اتجاه «بلاد الأرز» التي استوجبها التصعيدُ الإسرائيلي المتعدّد البُعد والتي عبّر عنها «زَحْفٌ» للموفدين الأميركيين، من أورتاغوس التي وصلتْ الاثنين وتغادر غداً الأربعاء، ليحطّ بعد ساعاتٍ المبعوث توماس برّاك، بالتوازي مع الزيارة الاستثنائية لمدير المخابرات المصرية الذي التقى عون وبري وسلام وقائد الجيش العماد رودولف هيكل، والأمين العام للجامعة العربية أحمد أبوالغيط، في انتظار محطة لا تقلّ دلالة للموفد الأمير يزيد بن فرحان خلال أيام في أعقاب تقارير تحدثت عن أنه كان يعتزم القيام بهذه الزيارة غداً.

«دبلوماسية الشبح»

ورغم أنّ أجواءَ اللقاءات التي عقدتها أورتاغوس ورشاد جاءت «من جانب واحد» هو لبنان الرسمي الذي اكتفى بتوزيعِ ما أَسْمَعَه لكلٍّ من الزائرين من دون كشف ما نَقلاه، فإن الأوساط المطلعة اعتبرتْ أنّ ما أحاط بالاجتماعات وإن كانت أقرب إلى «دبلوماسية الشبح» التي تَعَمَّدت الموفدةُ الأميركيةُ خصوصاً اعتمادها بحصْر «توثيق» الزيارة بصورتيْن فوتوغرافيتيْن في القصر الجمهوري وحظْر أي تصوير بالفيديو، عَكَسَ بوضوح حراجة اللحظةِ التي يقف الوطنُ الصغير أمامها ومحاولة عواصم القرار الغربية والعربية تنبيهه إلى المخاطر العالية التي تترتّب على أي استمرار في إدارة ملف سلاح «حزب الله» وفق قواعد مرحلة ما قبل تسوية غزة وتالياً وضْعه على مسارٍ كفيلٍ بإحباط ما تحوكه له إسرائيل تحت هذا العنوان.

وفي هذا الإطار، لم يَعُدْ سراً أن التفاوض بين لبنان وإسرائيل، وفق ما كان دعا إليه عون في اليوم نفسه لقمة «سلام غزة» في شرم الشيخ لمعالجة «المشاكل العالقة» على أن يتحدّد شكلها في حينه، يبقى هو مفتاحُ أيِّ مسارٍ لخفْضِ التصعيد كما الانتقال إلى الحلّ الدائم الذي باتت له إطر ناظمة متكاملة، من القرار 1701، إلى اتفاق وقف النار (27 نوفمبر)، وورقة براك، وقرار الحكومة اللبنانية بحسب سلاح «حزب الله» وخطة الجيش التطبيقية.

وإذ ليس خافياً أن واشنطن تضغط في اتجاه مفاوضات مباشرةٍ تسمح ببت هذا الملف سريعاً وعلى إيقاع المرحلة الجديدة التي دشّنها اتفاق غزة بأبعاده الإستراتيجية، فإنّ ما رافق زيارة أورتاغوس حمل إشاراتٍ إلى إمكان إيجاد مخرج لهذه النقطة عبر اعتمادِ لجنة الإشراف على اتفاق 27 نوفمبر (الميكانيزم«) الخماسية التي تترأس الموفدة الأميركية اجتماعها اليوم كمنصةٍ لتفاوضٍ قد يخفّف الحَرج عن لبنان الرسمي على مستوى «اليافطة» باعتبار أن اجتماعات الميكانيزم التي يشارك فيها جنرالات من الولايات المتحدة وفرنسا وإسرائيل ولبنان واليونيفيل هي واقعياً «مباشرةً».

وإذ يَعترض هذا الأمر في الشكل نقطتان جوهريتان تتمثلان في هل توافق تل أبيب على هذه الصيغة وتكتفي بها واشنطن، وهل يَقبل لبنان بتوسيع هذه الآلية لتضمّ تمثيلاً مدنياً وتقنياً يَستحضر مطالبة أورتاغوس قبل أشهر بتشكيل لجان عمل دبلوماسية، وهو ما أفيد أنها كررتْه اليوم الثلاثاء، فإن في جوهر مثل هذا التفاوض عقدة رئيسية يمثّلها استمرار «حزب الله» في رفض تسليم سلاحه شمال الليطاني، إلى جانب صعوباتٍ تعترض تكرار تجربة غزة حين تولى الرئيس ترامب الضغط على نتنياهو لوقف الحرب في موازاة قيام دول التأثير على«حماس»بضغط مماثل للسير بالاتفاق وتسليم الأسرى والجثث.

وبحسب الأوساط المطلعة فإن «حلقةً مفقودةً» مازالت قائمة في هذا السياق، في ضوء استبعاد إدخال إيران في أي مسار ضغط على «حزب الله»، رغم قنواتِ تواصل مفتوحة وسرية بين طهران وإحدى دول الثقل العربي، وسط اعتقادٍ أن ثمة رهاناً على أن يكون الرؤساء اللبنانيون وخصوصاً بري، بمثابة «دولِ التأثير»، وذلك على قاعدةِ تظهيرٍ واضح لما سيخسره لبنان في حال أي حرب جديدة ربما لن توفر البنى التحتية والأخطر احتمال أن يكون التصعيد ولو غير الشامل ممراً لمثل هذا «التأثير» تحت ضغط النار.

وفي حين اعتبرت الأوساط أن مهمة أورتاغوس وبراك (رغم الإيحاء بأن الأخير سيقوم بزيارة وداعية قبل وصول السفير الأميركي الجديد مايكل عيسى) هي على طريقة «التمهيد» لأرضية عملية تفاوضية شائكة بعد إفهام الجانب اللبناني بما هو على المحكّ ما لم يحزم أمره ويسرّع سحب سلاح «حزب الله»، وأن زيارة مدير المخابرات المصرية هي في إطار إعلان نيات القاهرة بالاضطلاع بمَهمة ربط لبنان بمسار غزة الذي شكلت القاهرة قاطرة رئيسية له، استوقفتْها مجموعة إشاراتٍ مقلقة عززت الخشية من احتدام السباق بين الدبلوماسية والنار وهي:

– ما نُقل عن مصادر أفادت أنه خلال لقاءِ سلام وأورتاغوس أبلغت الأخيرة إليه«معلومات من الجانب الإسرائيلي تفيد بأنّ حزبَ الله لايزالُ يتسلَّحُ ويستعيدُ قوّتَه».

وإذ اعتبرت المصادر، كما أورد موقع «المدن»، أن هذا الطرح يمكن قراءتُه «كرسالة تحذيريّة»، لكن «من دون لهجةٍ عالية أو تهديدٍ مباشر»، كشفت أن أورتاغوس شددت على «أهمية التفاوض مع الجانب الإسرائيلي وأن هذا المسار يُصبِح أكثر إلحاحاً في ضوء ما تشهده المنطقة من تطوّرات متسارعة»، في إشارةٍ إلى المخاوف من توسّع التوتّر الحدودي وما يرافقه من ضغوط إقليمية.

كما ركّزت أورتاغوس خلال النقاش على «ضرورة سحب السلاح جنوب نهر الليطاني وشماله»، في تكرارٍ للطرح الأميركي الدائم بشأن «حصر السلاح بيد الدولة اللبنانيّة»وتثبيت الاستقرار في الجنوب.

– ما أوردته وسائل إعلام لبنانية (تلفزيون ال ابي سي آي) عن أن أورتاغوس ستلتقي وزيرة الشؤون الاجتماعية حنين السيد «لبحث جاهزية المراكز الاجتماعية بالجنوب ووضْعها ومدى استجابتها لأي طارئ قد يحصل في الأسابيع المقبلة»، ما عكس مخاوف من شيء ما قد يتعرض له لبنان، علماً أن تقارير في بيروت تحدثت عن «استعدادات» في عدد من المدارس في بيروت والضاحية لمحاكاةِ أي تصعيد مفاجئ من إسرائيل.

الحدود الشرقية

– تقاطُع المعلومات عند أن أورتاغوس، التي وصلت إلى لبنان آتية من إسرائيل، أثارت مسألة الحدود الشرقية مع ووجوب ضبطها بالكامل في ضوء التقارير عن تهريب أسلحة عبرها الى«حزب الله»، وهي المسألة التي تعتبرها تل أبيب خطاً أحمر لأنه يعني «إعادة تكوين الحزب مخزونه العسكري».

وترافقت إثارة هذا الملف من أورتاغوس مع ما أوردته هيئة البث الإسرائيلية عن مصادر أمنيّة من أن «حزب الله» نجح في تهريب مئات الصواريخ قصيرة المدى من سوريا إلى لبنان خلال الأشهر الأخيرة، كاشفةً عن «إحباط محاولات تهريب شحنات أسلحة بينما وصلت شحنات أخرى إلى مخازن الحزب في لبنان».

وأضافت المصادر الأمنيّة أنّ «تل أبيب أبلغت واشنطن بتفاصيل عمليات تهريب السلاح عبر الحدود السورية – اللبنانية».

كذلك، أشارت هيئة البث الإسرائيلية نقلاً عن مصدر غربي، إلى أنّ «الأجواء في لبنان مشحونة جدّاً، واحتمال اندلاع مواجهة مع إسرائيل مرتفع ولا يمكن منعه كليّاً».

– ما نقلته صحيفة «إٍسرائيل هيوم» عن مسؤولين إسرائيليين من أنه «ان لم تستطع الحكومة اللبنانية نزع سلاح الحزب فلن يكون هناك مفر من تنفيذ عملية مركزة ومحددة ضد أهداف للحزب»، مشيرة إلى «تقديرات بأن حزب الله لا يملك سوى نحو 10 آلاف صاروخ مقارنةً بنحو 120 ألف كان يمتلكها عشية الحرب الأخيرة».

– التقرير الذي نشرته وكالة «رويترز» عن أن الجيش اللبناني فجر عدداً كبيراً من مخازن أسلحة «حزب الله» لدرجة أن المتفجرات التي بحوزته نفدت، ناقلة عن مصدرين لبنانيين أحدهما أمني والآخر مسؤول لبناني «إنَّ النقص في المتفجرات لم يمنع الجيش من تسريع وتيرة مهام التفتيش للبحث عن أسلحة مخبأة في الجنوب»، بالقرب من إسرائيل.

وقال أحد المصدرين ومسؤولان آخران مطلعان على أنشطة الجيش في الآونة الأخيرة إنَّ الجيش يكتفي الآن بإغلاق المواقع التي يعثر عليها بدل تدميرها لحين وصول دفعات أميركية من العبوات الناسفة وغيرها من المعدات العسكرية.

واعتُبر هذا التقرير بمثابة «هجوم مضاد» من لبنان على «مضبطة الاتهام» الإسرائيلية في ما خص دور الجيش ومهمته جنوب الليطاني، وبما يعكس استشعاراً بخطورة ما تعدّ له تل ابيب من هذه الزاوية.

تفعيل عمل لجنة مراقبة

وكان القصر الجمهوري وزّع بياناً عن لقاء عون مع أورتاغوس أوضح أن الرئيس اللبناني أكد «ضرورة تفعيل عمل لجنة مراقبة وقف الأعمال العدائية – الميكانيزم – ولاسيما لجهة وقف الخروق والاعتداءات الاسرائيلية المستمرة على لبنان وتطبيق القرار 1701 في الجنوب لتمكين الجيش اللبناني من استكمال انتشاره حتى الحدود الدولية الجنوبية. كما شدد الرئيس عون على ضرورة تمكين المواطنين الجنوبيين من العودة الى منازلهم وترميم المتضرر منها خصوصاً مع اقتراب فصل الشتاء».

وفي حين أفاد المكتب الإعلامي لبري بأنه مع أورتاغوس «الأوضاع العامة والتطورات الميدانية المتصلة بالخروق والاعتداءات الإسرائيلية اليومية على لبنان، إضافة إلى عمل (الميكانيزم) وتفعيل دورها»، جاء في المعلومات الرسمية عن اجتماع سلام والموفدة الأميركية أن رئيس الحكومة شدد خلاله على أنّ «هدف أيّ مفاوضات هو تطبيق إعلان وقف الأعمال العدائيّة الصادر في نوفمبر الماضي، ولا سيّما لجهة وقف الاعتداءات الإسرائيليّة والانسحاب الكامل من الأراضي اللبنانيّة المحتلّة». وأضاف أنّ من أهداف هذا المسار أيضا «الوصول إلى الإفراج عن الأسرى اللبنانيين».

وأشار سلام إلى أنّ «تطبيق قرار الحكومة بحصر السلاح، سواء جنوب نهر الليطاني أو شماله، يتطلّب الإسراع في دعم الجيش اللبناني وقوى الأمن الداخلي، من خلال عقد مؤتمر دولي مخصَّص لهذه الغاية». كما أكّد أنّ «تثبيت الاستقرار في الجنوب يستدعي دعماً دوليّاً لعقد مؤتمر للتعافي الاقتصادي وإعادة الإعمار».

لا تهويل أميركياً

وفي موازاة ذلك، أفيد بأن عون كان مرتاحاً للقائه أورتاغوس «وكل ما حُكيَ عن تهويل وتهديد بالحرب تحمله المبعوثة الأميركية غير صحيح، وأن أورتاغوس طرحت في لقائها عون توسيع عمل لجنة الميكانيزم وأبدت جهوزية الإدارة الأميركية لمساعدة لبنان في طروحاته».

كما أكدت مصادر بري أن كلّ ما حُكي عن أنّ أورتاغوس نقلت إليه تهديدات أمنيّة وتحدّثت عن حتميّة الحرب «غير صحيح»، في موازاة تسريب «أن أورتاغوس طرحت أمام برّي خيارين الأول هو التفاوض المباشر مع إسرائيل والثاني التفاوض غير المباشر عبر لجنة الميكانيزم وربّما تتوسّع وتضمّ مدنيين وقد يكون هذا هو المخرج الذي يُعمل عليه. كما أن أورتاغوس نقلت لبرّي ما يُشاع عن تهريب أسلحة من سوريا إلى لبنان وقالت إنّ الإدارة الأميركية لم تتأكد بعد من هذا الموضوع وهي لم تتبنَّ الرواية الإسرائيلية إنّما نقلتها كما هي وأكّدت المخاوف في حال ثبوتها».

أما بالنسبة إلى محادثات مدير المخابرات المصرية، فقد أورد المكتب الإعلامي لعون أن رشاد نقل في مستهل اللقاء «تحيات الرئيس عبدالفتاح وتمنياته له بالتوفيق في قيادة لبنان نحو شاطئ الأمان. وتمَّ عرض الأوضاع العامَّة في المنطقة عموماً، وفي الجنوب خصوصاً، إضافة الى الوضع في غزة. وأبدى الوزير رشاد استعداد بلاده للمساعدة في تثبيت الاستقرار في الجنوب، وإنهاء الوضع الأمني المضطرب فيه. كما جدد التأكيد على للبنان».

وحمّل عون رشاد تحياته إلى السيسي، شاكراً «الدعم الذي تقدمه مصر للبنان في المجالات كافة، مرحباً بأي جهد مصري للمساعدة في وقف الاعتداءات الإسرائيلية على لبنان وإعادة الاستقرار إلى ربوعه».

المصدر: الراي

ملحوظة: مضمون هذا الخبر تم كتابته بواسطة بوابة المصريين في الكويت ولا يعبر عن وجهة نظر مصر اليوم وانما تم نقله بمحتواه كما هو من بوابة المصريين في الكويت ونحن غير مسئولين عن محتوى الخبر والعهدة علي المصدر السابق ذكرة.

قد تقرأ أيضا