الشارقة: سارة المزروعي
التصوير الفوتوغرافي لغة عالمية قادرة على تجاوز الكلمات وحفظ ما قد يضيع من تفاصيل الذاكرة، فالصورة تمنح للحظة قيمتها، وتحوّل العابر إلى باقٍ، وتكشف جماليات قد لا تراها العين للوهلة الأولى. في هذا الحوار، نقترب من تجربة المصوّر الإماراتي الشاب سليمان عبيد الشامسي الذي وجد في الكاميرا وسيلة للتعبير والتوثيق، فحوّل شغفه من مجرد تسلية إلى أسلوب حياة يجمع بين الفن والرسالة الإنسانية.

كيف كانت بدايتك مع التصوير الفوتوغرافي؟
انطلقت رحلتي مع التصوير منذ أيام الدراسة، ومع بداية انتشار الهواتف المتحركة المزودة بالكاميرات، بدأت ألتقط الصور وأحتفظ بها كذكريات عزيزة. ومع مرور الأيام، كبر الشغف في قلبي، وتطورت مهاراتي بفضل الله، حتى بدأت أطور من معداتي وأدواتي في عالم التصوير، لأواصل هذه الهواية التي أصبحت جزءاً من حياتي.
ما أول صورة التقطتها وتشعر أنها كانت بداية شغفك؟
بالنسبة لي، كل صورة ألتقطها هي بداية جديدة لرحلة شغف لا تنتهي، وكل لقطة تحمل معها نفس الحماس وكأنها الأولى.
هل التصوير بالنسبة لك هواية، أم مهنة، أم أسلوب حياة؟ ولماذا؟
بدأ التصوير بالنسبة لي كتسلية بسيطة، لكن مع مرور الأيام تحوّل إلى هواية أحبها، حتى أصبح اليوم مصدر دخل إضافي ومشروعاً جميلاً وممتعاً. وما يميّزه بالنسبة لي أنه يحوّل اللحظة العادية إلى صورة تبقى للأبد، تحفظ الذكرى وتمنحني فرصة الاستمتاع بها مراراً وتكراراً.

توثيق وتأثير

برأيك، ما أهمية التصوير في حفظ التراث والذاكرة البصرية للإمارات؟
التصوير يلعب دوراً محورياً في حفظ التراث والذاكرة البصرية للإمارات؛ لأنه يعمل كجسر يربط الماضي بالحاضر، ويحفظ للأجيال القادمة ملامح حياتنا وهويتنا. كما يسهم في إبراز العديد من المواضيع التي يمكن الرجوع إليها لاحقاً، ودعم الدراسات البحثية وغيرها من المواضيع المهمة.
هل ترى أن الصورة قادرة على تغيير نظرة الناس أو التأثير في قضايا اجتماعية؟
نعم، الصورة تمتلك قدرة كبيرة على تغيير نظرة الناس والتأثير في القضايا الاجتماعية؛ لأنها توصل الرسالة مباشرة وبقوة، وتتجاوز حاجز اللغة والكلمات. فالصورة قد تثير المشاعر، وتحرك الوعي، وتحفّز على التغيير. كما أنها توثق وتثبت الحقيقة، وتكمن قوتها الحقيقية في الجمع بين الجمال الفني والرسالة الإنسانية أو الاجتماعية، بحيث تترك أثراً طويل الأمد في ذهن المتلقي.
ماذا يعني لك التصوير على المستوى الشخصي؟
بالنسبة لي، التصوير لغة بصرية أكتب بها قصصي دون حروف، وأرسم بها مشاعري دون فرشاة. هو القدرة على إيقاف الزمن عند لحظة تستحق أن تُعاش مراراً، وتحويل مشهد عابر إلى ذاكرة خالدة. في كل صورة أضع شيئاً من قلبي، وكأن العدسة مرآة لروحي تكشف جمال التفاصيل التي قد تغفلها العيون.
كيف ترى مستقبل التصوير في ظل دخول الذكاء الاصطناعي والتقنيات الحديثة؟
مستقبل التصوير لا خوف عليه أبداً، فمهما تطوّر الذكاء الاصطناعي وتقدّمت التقنيات، سيبقى بعيداً عن لمسة المصوّر المحترف ونظرته الخاصة. الكاميرا قد تلتقط الصورة، لكن العين البشرية المبدعة والعقل الذي وهبه الله لنا هما من يمنحانها الروح والمعنى. الإبداع الإنساني لا يُستنسخ، واللحظة التي يقتنصها المصوّر بقلبه قبل عدسته، لا يمكن لأي آلة أن تصنعها.