الإسكندرية جاكلين منير
الخميس، 17 يوليو 2025 04:06 منظمت مكتبة الإسكندرية ندوة عن شخصية المعرض بعنوان "محمد بن عيسى: رحلة العطاء والابتكار الثقافي"، اليوم الخميس، ضمن فعاليات البرنامج الثقافى المقام على هامش معرضها الدولى للكتاب فى دورته العشرين، بمشاركة أحمد المسلمانى، رئيس الهيئة الوطنية للإعلام، والأديب والمفكر محمد سلماوى، والكاتب الصحفى سليمان جودة، والدكتور حسين حمودة، أستاذ الأدب العربى بكلية الآداب جامعة القاهرة، قدمها الدكتور أحمد زايد؛ مدير مكتبة الإسكندرية.
افتتح الدكتور أحمد زايد، الندوة بالتأكيد على أن الاحتفاء بالمفكر والمثقف محمد بن عيسى هو أحد الأيام التاريخية فى مكتبة الإسكندرية، فهو واحد من أهم المفكرين العرب الذى تولى مناصب هامة من بينها وزارة الثقافة ووزارة الخارجية المغربية وصاحب المشروع الثقافى الرائد فى مدينة أصيلة، مؤكدًا أنه رغم رحيله إلا أنه لم يغب بفكره وانجازاته.
وتطرق "زايد" إلى مقال سابق كتبه عقب رحيل محمد بن عيسى، قائلًا: "فى رحيله فقدت الثقافة العربية أحد أعمدتها الراسخة، الذى جمع بين العمل الرسمى والمبادرات الثقافية المستقلة، لم تكن إنجازاته خطابًا بل أفعالًا مؤثرة رسّخت نموذجًا تنمويًا يحتذى به حيث جسّد التواضع فى حياته واختار أن يبقى قريبًا من الناس بروح صافية وشخصية أخّاذة".
وأكد "زايد" أن مشروع محمد بن عيسى الثقافى فى مدينة أصيلة يُعد نموذجًا فريدًا ومُلهمًا فى العمل الثقافى العربى، بدأه فى أوائل الأربعينيات من عمره حين أطلق "موسم أصيلة الثقافى الدولي" محولًا المدينة المغربية الصغيرة إلى ملتقى سنوى يجمع نخبة المبدعين والمفكرين من مختلف أنحاء العالم.
وأضاف: "يقوم المشروع على ربط الثقافة بالمكان حيث تتحول المدينة خلال الموسم إلى معرض فنى مفتوح تتزين جدرانها بالجداريات وتُقام فى أحيائها ندوات فكرية ومعارض فنية وموسيقية، وقد استطاع المشروع أن يدمج بين التنمية الثقافية والسياحية وأن يحوّل الثقافة من خطاب نظرى إلى واقع ملموس يحتضنه الناس ويشاركون فى صناعته".
وأشار "زايد" إلى الرسائل التى يمكن استخراجها من تجربة "بن عيسى" على رأسها أهمية الرجوع إلى أسفل من خلال الاهتمام بالمدن والقرى الصغيرة، وأهمية رجوع المبدعين إلى مكان نشأتهم فالعالمية يمكن أن تصل من المحلية مثل تجارب نجيب محفوظ ومحمد بن عيسى.
وتابع:" من أهم الرسائل أيضًا التحريض الثقافى وضرورته فى عصر الفرقة، وتأمل الإنجازات الكبيرة التى تظهر فى العالم العربى وإفساح المجال لأصحاب الإنجازات حتى إذا كانت مختلفة، وكذلك العمل مع بسطاء الناس فهم بشر لهم آرائهم وأفكارهم".
فيما تحدث أحمد المسلمانى، عن تجربة محمد بن عيسى فى تحويل بلدته الصغيرة "أصيلة" إلى بلدة معروفة لدى العرب والأفارقة وبعض الدول الأوروبية على غرار مدينتى كان الفرنسية ودافوس السويسرية، حيث يمكن أن يلعب الفكر والثقافة دورًا فى إضاءة المدن وجعلها حاضرة.
وأشار "المسلماني" إلى وجه التشابه بينه وبين "بن عيسى" فى إدارة اقتصاد الندرة، إذ فرض حضور المدينة الثقافى "أصيلة" رغم محدودية الموارد، كما نجح فى الجمع بين ثنائيات نادرة وهى وجوده واستكمال دراسته فى واشنطن ثم عودته إلى مدينته، وجمع عضوية البرلمان والمناصب الوزارية، وأخيرًا المكانة السياسية الكبرى والتواضع مع الناس.
وأوضح "المسلماني" أن "بن عيسى" شخص سهل وبسيط ويمنح دروس ببساطة، مضيفًا أن عام 1979 هو عام فارق فى المنطقة بسبب الثورة الإيرانية وظهور الجماعة المتطرفة التى احتلت الحرم المكى، وهو عام فارق ايضًا فى حياة المفكر الراحل حيث كان يسعى إلى نشر الثقافة والفكر فى المنطقة.
وأكد "المسلماني" أن الثقافة هى المحرك الأساسى للتاريخ، وبهذا المنظور فإن الصراعات الموجودة فى المنطقة وآخرها الحرب على غزة وراءها محرك دينى وثقافى، متطرقًا إلى مفهوم "المثقف العضوي" الذى يتبنى أدوارًا من خلال فكره وثقافته لتطوير مجتمعه.
ومن جانبه، أكد محمد سلماوى، أن الثقافة تقوم دائمًا على دعامتين هما الإبداع الثقافى والمحرك الثقافى هناك تكامل بينهما ولا يمكن أن يعمل كل منهما منفردا، مشددًا أن العالم العربى مليء بالمبدعين الذين حصلوا على جوائز فى مختلف المجالات، ولكن يُفتقد المحرك الأساسى للإبداع وهو توفير المناخ المناسب للتميز.
وأضاف "سلماوي" أن "بن عيسى" يمثل هذا المحرك الثقافى، وحينما كان فى البرلمان كان محركًا للثقافة فى بلدته ثم أسس المنتدى الذى كان يحب أن يسميه "أيام أصيلة الثقافية" فى وقت كان فيه العالم العربى منقسم، ولكنه نجح على جمع النقائض واستطاع أن يربط المغرب العربى بالمشرق العربي.
وأوضح "سلماوي" أن المفكر الراحل عاش فترة من حياته فى مصر وهذه الفترة رغم قصرها إلا أنها مهمة جدا لانها فترة تكوينه وهى التى شكلت فكرة العربى القومى، وقد تبوأ مناصب كثيرة استحقها عن جدارة وكل هذه المناصب كانت تصب فى النهاية فى موقعه فى بلدية أصيلة ولذلك استطاع أن ينقلها إلى مركز كبير على الخريطة الدولية، مختتمًا بأن أفضاله على الثقافة العربية لا تحصى.
بينما وجه د. حسين حمودة، الشكر إلى المكتبة على الاحتفاء بشخصية إبداعية وثقافية وإنسانية متميزة مثل محمد بن عيسى، مشيرًا إلى مقال سابق توقف فيه عند مشروع منتدى أصيلة الذى يُعد نموذج كبير للعمل الأهلى فى مجال الثقافة والإبداع تأسس تحت إشرافه عام 1997، سعى من خلاله لتعزيز الحوار بين الثقافات والحضارات وجمع أنشطة متنوعة على مدينة صغيرة على شاطئ المحيط الأطلسي.
وأضاف: "خلال أيام المنتدى تتحول المدينة الصغيرة إلى فضاء إبداعى مفتوح وقدم جوائز عديدة عن الرواية العربية والشعر العربى والشعر الأفريقى، فهو بحق يمتلك شخصية المفكر والمبدع وصاحب الدور الفعال الذى يحتاج إلى تأمل إنجازاته".
فيما قال سليمان جودة، أن "بن عيسى" يتشابه مع المدن متعددة المداخل والأبواب فعند استعراض حياته تجد أنه شخصية استثنائية حيث تنقل بين عمله الصحفى والإذاعى والبرلمانى والوزارى والإبداعى والأهلى، ليكون "منتدى أصيلة" هو حصيلة هذه الرحلة الطويلة.
وأوضح "جودة" أن المفكر الراحل جمع بين مصريته ومغربيته فى مزيج عجيب، كما كان يؤمن بأن الكلمة يمكن أن تكون مؤثرة بين الناس ولم يتوقف عن إيمانه بدور المثقف خلال ٤٥ دورة للمنتدى بدون انقطاع حتى أصبح له سمعة عالمية ووضع مدينة "أصيلة" على خريطة الثقافة العالمية، جعلها مدينة تحتضن العالم كله وليس أفريقيا أو العالم العربى فقط.
وأكد "جودة" أنه صاحب مشروع يؤمن به وصاحب حضور قوى بشخصه ومشروعه ثم نجح فى استمرار هذه الفكرة، وقد اثبت أن المثقف العربى يستطيع أن يمتلك دبابة ودباباته هى الكلمة والإبداع، مختممًا بأهمية أن تناقش الندوة التواصل الثقافى بين المشرق والمغرب العربى، قائلًا "أعتقد أن المشرق العربى يقصر فى التواصل الثقافى مع دول المغرب العربى الخمس".
وفى مداخلة خلال الندوة، وجه محمد آيت وعلي؛ سفير المملكة المغربية لدى مصر، الشكر إلى مكتبة الإسكندرية ووصفها بالصرح الثقافى العظيم داخل الوطن العربى يربط التاريخ بالحاضر ويؤكد حقيقة أن مصر أرض الكنانة قدمت الكثير للثقافة العربية والعالمية من خلال مفكريها ومثقفيها.
وأكد "وعلي" أن تخصيص هذه الدورة لمحمد بن عيسى هو بمثابة اعتراف بالجميل لما حمله من حب وتقدير وعواطف نبيلة تجاه مصر التى درس فيها المرحلتين الثانوى والجامعية حيث تشكل فكره الثقافى ووعيه ووجدانه العروبى، مشددًا أن "بن عيسى" استطاع تأسيس المنتدى بالصبر والمثابرة والإبداع ونجح فى جمع كل تيارات الفكر والإبداع العربى وكان يحمل فكرًا وسطيًا بين ثقافة اليسار وثقافة اليمين.
جدير بالذكر أن فعاليات الدورة العشرين لمعرض مكتبة الإسكندرية الدولى للكتاب تتواصل خلال الفترة من 7 إلى 21 يوليو الجارى، بالتعاون مع الهيئة المصرية العامة للكتاب، واتحادى الناشرين المصريين والعرب، فى مقر المكتبة على كورنيش الإسكندرية وبالتوازى فى القاهرة فى "بيت السنارى" بحى السيدة زينب، و"قصر خديجة" بحلوان.
وتقدم 79 دار نشر مصرية وعربية أحدث إصداراتها بخصومات متميزة لرواد المعرض، وعلى هامش المعرض يتم تقديم 215 فعالية ثقافية، ما بين ندوات وأمسيات شعرية وورش متخصصة، بمشاركة قرابة 800 مفكر ومثقف وباحث ومتخصص فى شتى مناحى الإبداع والعلوم الإنسانية والتطبيقية.
جانب من الندوة
ملحوظة: مضمون هذا الخبر تم كتابته بواسطة اليوم السابع ولا يعبر عن وجهة نظر مصر اليوم وانما تم نقله بمحتواه كما هو من اليوم السابع ونحن غير مسئولين عن محتوى الخبر والعهدة علي المصدر السابق ذكرة.