اقتصاد / صحيفة الخليج

منع «الاحتراق الوظيفي» يوفر 2.5 مليار دولار على دول الخليج

كشفت دراسة جديدة أجرتها ستراتيجي آند الشرق الأوسط، التي تُعدّ جزءاً من شبكة برايس ووترهاوس كوبرز، أنّ الاستثمار في الصحة النفسية والبدنية للقوى العاملة قد يسهم في تحقيق وفورات تصل إلى 2.5 مليار دولار في قطاع الرعاية الصحية بدول مجلس التعاون الخليجي. وتسلط نتائج الدراسة الضوء على مجموعة من التحديات الفريدة التي تؤثر على الصحة البدنية والنفسية للعاملين في مجال الرعاية الصحية، موضحةً التأثير الكبير للاستثمار في صحتهم وراحتهم.
من المعلوم أن قطاع الرعاية الصحية يتطلب العمل لساعاتٍ طويلة والتعرض لضغوطٍ عالية وبذل مجهودٍ بدني كبير، ما يُسبّب إرهاقاً مزمناً للعاملين فيه إلى جانب مشكلات صحية أخرى. وتشير التقارير إلى أن نحو 50٪ من الأخصائيين العاملين في قطاع الرعاية الصحية حول العالم يعانون من الاحتراق الوظيفي، بينما يواجه حوالي 48٪ منهم مشكلات في العضلات والعظام سنوياً. ومع تجاوز عدد العاملين في قطاع الرعاية الصحية بدول مجلس التعاون الخليجي 800,000 عاملاً في عام 2025، فإنّ الاستثمار في تعزيز صحتهم وراحتهم في بيئة العمل يمكن أن يُؤدي إلى تحول كبير على مستوى القطاع بأكمله.

التكلفة البشرية


تشير دراسات حديثة إلى أن الاحتراق الوظيفي لدى موظفي قطاع الرعاية الصحية يساهم في انخفاض مستوى الرضا المهني لديهم بمقدار أربعة أضعاف، بينما تتضاعف احتمالات ارتكاب الأطباء الذين يعانون من الإرهاق للأخطاء الطبية بمقدار 2.2 مرة خلال الأشهر الثلاثة الأخيرة من العمل بعد الاحتراق. علاوة على ذلك، فإن الحالة النفسية الناتجة عن معاناة المرضى، والتعامل مع التشخيصات المرضية الصعبة، واتخاذ قرارات حاسمة تتعلق بالحياة والموت لها تداعيات سلبية على العاملين في القطاع. ومع تزايد هذه التحديات، أصبحت منظومات الرعاية الصحية تتعرض لضغوط متصاعدة، ويُعدّ نقص القوى العاملة من العوامل المحورية التي تسهم في تفاقم هذه الضغوط.
وقال عرفان مرالي، الشريك في ستراتيجي آند الشرق الأوسط: «في ظل التحول السريع الذي يشهده قطاع الرعاية الصحية في دول مجلس التعاون الخليجي، ووجود قوة عاملة كبيرة في هذا القطاع، أصبح إيلاء الأولوية للصحة النفسية والبدنية للقوى العاملة أكثر إلحاحاً من أي وقت مضى. فإلى جانب الفوائد التي تعود على الموظفين أنفسهم، يمكن أن تحقق الجهود المبذولة في هذا المجال مكاسب مالية ملموسة، وتساهم في دفع عجلة التحسينات الشاملة في القطاع، مما يعزز الأداء العام لمنظومة الرعاية الصحية.»

التأثير على سير العمل


يمتد تأثير الصحة النفسية والبدنية إلى الجوانب المالية والمنهجية، حيث يؤدي تدهور صحة الموظفين إلى زيادة معدلات التغيب ودوران الموظفين، فضلاً عن انخفاض الرضا المهني، ما يخلق حلقة مفرغة تؤثر سلباً على كل من العاملين في مجال الرعاية الصحية والمرضى. تشير الدراسات إلى أن إعطاء الأولوية للصحة النفسية والبدنية للقوى العاملة من شأنه أن يعزز الإنتاجية بنسبة تصل إلى 25٪، ويقلل التغيب عن العمل بنسبة 17٪، ويسهم في خفض معدل دوران الموظفين بنسبة 11٪. وتشمل الفوائد الإضافية العائدة على القطاع زيادة مستوى الرضا المهني، وتقليل الأخطاء الطبية، وتحسين نتائج المرضى، بالإضافة إلى إمكانية توفير 2.5 مليار دولار على مستوى المنظومة في دول مجلس التعاون الخليجي.

اعتماد نهج استباقي


تقترح الدراسة أن يتبنى مقدمو الرعاية الصحية نهجاً متكاملاً يجمع بين استراتيجيات والتدخل لدعم تحقيق التحسينات المطلوبة كما يلي:
تسهم التدخلات الأولية، التي تركز على معالجة الضغوطات في مكان العمل من جذورها أو تخفيفها، في تحقيق تحسينات طويلة الأجل تتجاوز رفع المعنويات بشكل مؤقت. ويمكن للمؤسسات الصحية معالجة مشكلات مثل أعباء العمل المفرطة، وورديات العمل غير المرنة، والأدوار غير الواضحة من خلال تقييم بيئة العمل والممارسات التنظيمية والأدوار الوظيفية لديهم.
تركز التدخلات الثانوية على تزويد العاملين في مجال الرعاية الصحية بالمهارات والاستراتيجيات اللازمة للتعامل مع الضغوط التي لا يمكن تجنبها أو القضاء عليها، مثل الأعداد الكبيرة للمرضى، والمعضلات الأخلاقية، والضغط النفسي. ويمكن تحقيق ذلك من خلال عقد للتدريب على المرونة، وورش عمل لإدارة الإجهاد، وبرامج لليقظة الذهنية، وشبكات للدعم بين الزملاء، وذلك لمساعدة الموظفين على التعامل مع المواقف العالية الضغط بفعالية.
كما تضمن التدخلات الثلاثية، المصممة لمساعدة المتخصصين في الرعاية الصحية الذين يعانون من أعراض واضحة مرتبطة بالتوتر، حصول هؤلاء المتخصصين على الدعم اللازم للتعافي وإعادة الاندماج بفعالية في العمل. ويمكن أن يسهم الوصول إلى برامج الإرشاد والعلاج الطبيعي وبرامج دعم الموظفين المناسبة في مساعدة هؤلاء المتخصصين على التعافي وتقليل خطر الإجهاد البدني والحالات العضلية الهيكلية المزمنة، بالإضافة إلى ضمان عودتهم إلى تقديم أفضل أداء في العمل. وبما أن منظومات الرعاية الصحية تقدم خدمات مماثلة للمرضى بالفعل، فإن هناك فرصة لتوسيع هذه الموارد لتشمل الموظفين بطريقة مستدامة ومجدية اقتصادياً.
وقالت الدكتورة كريستيل أبو نادر، المديرة في ستراتيجي آند الشرق الأوسط: «لضمان الحفاظ على منظومة رعاية صحية مرنة، من الضروري وجود مهنيين مدعومين وأصحاء قادرين على تلبية متطلبات العمل المتزايدة. لذلك، أصبح الاستثمار في الصحة النفسية والبدنية للقوى العاملة ليس مجرد خطوة أخلاقية، بل أساساً لبناء منظومة مرنة تحقق نتائج أفضل للجميع. ومن الجدير بالذكر أنّه يمكن للقطاع تعزيز استدامة وجودة وكفاءة منظومة الرعاية الصحية على المدى الطويل من خلال إيلاء الأولوية للصحة النفسية والبدنية للعاملين فيه.»

ملحوظة: مضمون هذا الخبر تم كتابته بواسطة صحيفة الخليج ولا يعبر عن وجهة نظر مصر اليوم وانما تم نقله بمحتواه كما هو من صحيفة الخليج ونحن غير مسئولين عن محتوى الخبر والعهدة علي المصدر السابق ذكرة.

قد تقرأ أيضا