اقتصاد / ارقام

أخطاء المستثمرين الجدد .. كيف يمكن أن تؤثر على السوق؟

  • 1/4
  • 2/4
  • 3/4
  • 4/4

في عام 2021، ومع طفرة أسهم التكنولوجيا، اندفع آلاف المستثمرين الجدد لشراء أسهم شركة "كويدل"، وهي شركة للتقنيات الحيوية الطبية ومتخصصة في اختبارات كوفيد-19.

 

وجاء هذا الاندفاع بعد تداول اسمها في مجموعات على "ريديت" و"تيك توك" كفرصة لا تُعوّض بسبب الطلب العالمي على الفحوصات، إذ كان العالم حينها لا يزال يرزح تحت تأثيرات الجائحة.

 

 

وارتفع السهم بنسبة تتجاوز 150% خلال فترة قصيرة، مما عزز شعورًا عامًا بأن "الفرصة قد لا تتكرر"، وبدأت موجة من الشراء الجماعي من مستثمرين أغلبهم دخل عالم الاستثمار في الأسهم لأول مرة فقط بسبب الحماس المنتشر على وسائل التواصل.

 

للاطلاع على المزيد من المواضيع والتقارير في صفحة مختارات أرقام

 

لكن ما لم ينتبه له كثيرون هو أن الشركة تعتمد على منتج ذو طبيعة مؤقتة (مرتبط بالجائحة)، وأن تقييمها تجاوز الواقع الفعلي.

 

وبمجرد أن بدأت الأخبار تشير إلى نهاية موجات الوباء، بدأ السهم بالهبوط الحاد، ليفقد خلال أشهر قليلة أكثر من نصف قيمته، تاركًا وراءه آلاف المستثمرين الصغار في حالة من الصدمة.

 

كثير منهم لم يدرك أن ما دفع بالسهم إلى الارتفاع لم يكن بالضرورة أساسيات مالية قوية، بل موجة من المضاربات العاطفية وسلوك القطيع، الذي يجعل من الصعب التمييز بين الفرصة الحقيقية والفقاعة المؤقتة.

 

وحذر كتاب "المستثمر السلوكي" للمؤلف "دانيال كروسبي" من الجوانب النفسية التي تؤثر على قرارات المستثمرين، خاصة الجدد منهم، مسلطًا الضوء على أن السلوك الاستثماري غالبًا ما يتشكل بفعل العواطف والانحيازات الذهنية أكثر من التحليل العقلاني.

 

يرى كروسبي أن كثيرًا من المستثمرين الجدد يقعون ضحية لما يسميه "وهم السيطرة" و"التحيّز للجديد"، حيث يعتقد المستثمر أنه قادر على اقتناص الفرص بشكل مستمر لمجرد متابعته لأخبار التداول عبر الإنترنت أو تواصله بمجموعات استثمارية على وسائل التواصل.

 

ويشير الكتاب إلى أن هذا النوع من السلوك الجماعي العاطفي يمكن أن يخلق فقاعات غير مستدامة، ويزيد من تقلبات الأسواق، تمامًا كما حدث في موجات أسهم "الميم" أو في حالات مثل شركة "كويدل".

 

وفي الوقت نفسه، لا يُغفل الكتاب إمكانات التعلّم والنضج التي قد يكتسبها هؤلاء المستثمرون بمرور الوقت، إذا توفرات لهم بيئة استثمارية منظمة وغنية بالمعرفة، مشددًا على أن فهم النفس البشرية أصبح من أهم مفاتيح النجاح الاستثماري في العصر الحديث.

 

تضاعف أعداد المستثمرين الجدد

 

في السنوات الأخيرة، شهدت الأسواق المالية موجة دخول غير مسبوقة من المستثمرين الجدد، مدفوعين بسهولة الوصول عبر التداول ووفرة المحتوى المالي على مواقع التواصل.

 

 

ففي الولايات المتحدة وحدها، فُتح أكثر من 30 مليون حساب تداول جديد خلال عامي 2020 و2021، مما رفع نسبة مساهمة المستثمرين الأفراد في حجم التداولات إلى حوالي 25% من إجمالي السوق، وهي نسبة تضاعفت مقارنةً بعقد مضى.

 

أما في أوروبا، ارتفعت حصة المستثمرين الأفراد في إجمالي الأصول المدارة من 26% في عام 2019 إلى 30.8% في نهاية عام ، وهو ما يعكس مدى الإقبال من المستثمرين الجدد الذين دخلوا أسواق الأسهم خلال تلك الفترة.

 

وبينما يُعد انخراط الأفراد في الاستثمار خطوة إيجابية على المدى البعيد، فإن الأخطاء المتكررة لهؤلاء الوافدين الجدد قد تخلق تأثيرات ملحوظة – وأحيانًا خطيرة – على ديناميكيات السوق.

 

فمثلاً، تشير البيانات في السوق إلى أن 40% من المستثمرين الأفراد في عام 2023 كانوا مبتدئين بخبرة تقل عن عام واحد.

 

وفي الهند، أدت الزيادة الكبيرة في مشاركة المستثمرين الأفراد الجدد إلى إثارة مخاوف الجهات التنظيمية بشأن استقرار السوق، مما دفعها إلى اتخاذ إجراءات لتنظيم هذا النشاط.

 

أبرز الأخطاء وتأثيرها على الأسواق

 

هناك العديد من الأخطاء الشائعة التي يرتكبها المستثمرون الجدد، ويمكن أن تتحول هذه السلوكيات الفردية إلى تأثيرات جماعية تزعزع استقرار الأسواق.

 

فيما يلي أبرز التأثيرات التي أظهرتها التجارب، والتي تُثبت أن نقص الخبرة لا يؤثر فقط على العوائد الشخصية، بل يمتد ليغير ملامح السوق نفسها:


1- موجات الشراء الجماعي تخلق فقاعات مؤقتة

 

غالبًا ما ينجرّ المستثمرون الجدد خلف الزخم السعري دون دراسة كافية للأصول، ما يؤدي إلى تضخيم أسعار بعض الأسهم أو الأصول بطريقة غير مبررة.

 

وتكون النتيجة ما يُعرف بـ"الفقاعة الصغيرة"؛ وهي فترات قصيرة من الارتفاع الحاد، يعقبها تصحيح حاد ومفاجئ.

 

 

هذا ما حدث خلال أزمة أسهم الميم في 2021، عندما قفزت أسعار شركات مثل "إيه أم سي" و"جيم ستوب" حماس جماعي من مستثمرين جدد، دون أن يكون هناك مبرر مالي وراء هذا الارتفاع، وعند انحسار الحماسة، انهارت الأسعار تاركة وراءها آلاف الخاسرين.

 

2- السلوك الجماعي يغيّر أنماط التداول

 

التدفق الجماعي للمستثمرين الأفراد نحو أسهم أو قطاعات معينة قد يُحدث انحرافًا مؤقتًا في اتجاهات السوق.

 

ففي الظروف العادية، تحكم الأسواق قوى العرض والطلب المدعومة بتحليل أساسي وفني، لكن دخول أعداد ضخمة من المستثمرين المبتدئين الذين يشترون أو يبيعون بناءً على أخبار أو إشاعات قد يؤدي إلى تشويش في حركة الأسعار.

 

هذا النوع من السلوك يؤثر على صنّاع السوق، ويزيد من تقلبات الأسعار، ما يرفع من تكلفة إدارة المخاطر للمؤسسات الكبرى، ويؤدي إلى تغير في استراتيجيات التداول الاحترافي.

 

3- الارتباك وقت الأزمات يزيد من حدة التراجعات

 

عندما تسود حالة ذعر أو تبدأ الأسواق في الهبوط، غالبًا ما يكون المستثمر الجديد هو أول من يبيع، وأحيانًا بكميات كبيرة، لأنه لا يمتلك خبرة في التعامل مع التقلّبات ويفتقر إلى خطة واضحة لإدارة الخسائر.

 

في مارس 2020، خلال موجة الذعر مع تفشي جائحة ، أظهرت بيانات من شركات وساطة كبرى أن المستثمرين الأفراد كانوا الأكثر نشاطًا في البيع عند القاع، وهو ما ساهم في تعميق الهبوط على المدى القصير.

 

4- التشويش على المستثمر المؤسسي

 

تأثير المستثمرين الجدد لا يتوقف عند تحريك الأسعار، بل يمتد إلى تشويش الرؤية التحليلية للمستثمرين المحترفين.

 

فعندما تصبح الأسواق موجهة بتصرفات جماعية غير منطقية، يصعب على مديري الصناديق والمحللين الماليين تقييم الواقع الفعلي للقيمة العادلة للأصول.

 

قد يدفع هذا الارتباك بعض المؤسسات إلى الحذر المفرط، أو التردد في ضخ السيولة، مما يخلق بيئة أكثر اضطرابًا وأقل كفاءة.

 

 

5- نمو مفرط في التداولات اليومية

 

في بعض الأحيان، يؤدي النشاط المفرط للمستثمرين الجدد إلى ارتفاع غير معتاد في حجم التداول اليومي، ما قد يخلق انطباعًا مضللًا بقوة السوق.

 

لكن هذه الأحجام تكون في الغالب مدفوعة بعمليات مضاربة قصيرة الأجل، سرعان ما تتلاشى وتترك السوق هشًّا أمام أي خبر سلبي.

 

هل التأثير سلبي دائمًا؟

 

رغم التحديات التي يخلقها المستثمرون الجدد، لا يمكن إغفال الجوانب الإيجابية لدخولهم السوق. فهؤلاء الوافدون الجدد يضيفون سيولة مهمة، ويساهمون في توسيع قاعدة المستثمرين.

 

كما أنهم قد يحملون – مع مرور الوقت واكتساب الخبرة – رؤى مختلفة تُسهم في تجديد الفكر الاستثماري التقليدي الذي ظل سائدًا لعقود.

 

لكن الاستفادة من هذا الزخم الجديد لا تتحقق تلقائيًا، بل تحتاج الأسواق إلى جهود تنظيمية وتوعوية تواكب هذا التحول.

 

ومن بين أبرز هذه الجهود، فرض رقابة على منصات التواصل لتقليل انتشار المعلومات المضللة، وتعزيز ثقافة التعلّم المالي بين فئة الشباب، وتوفير أدوات تداول تتناسب مع مستويات مختلفة من الخبرة.

 

كما يمكن تشجيع بناء محافظ استثمارية طويلة الأجل تقوم على أسس علمية لا على الانفعالات اللحظية.

 

فالأسواق المالية أشبه بمرآة تعكس تصرفات من يتداولون فيها، وكلما زاد عدد المستثمرين الجدد، زادت أهمية وعيهم في تشكيل ملامح هذه المرآة، إذ إن القرارات الفردية، مهما بدت بسيطة، تترك أثرًا تراكميًا في ديناميكيات السوق.

 

أخطاء المستثمرين الجدد ليست مجرد دروس شخصية، بل ظواهر قابلة للتكرار تملك قدرة حقيقية على التأثير في استقرار الأسواق، وربما في ثقة المجتمع المالي ككل.

 

لذلك، فإن الاستثمار في وعي المستثمر لا يقل أهمية عن الاستثمار في الأسهم نفسها، لأن العقل الواعي هو خط الدفاع الأول أمام أي فقاعة مستقبلية.

 

المصادر: سي إن بي سي- صحيفة وول ستريت جورنال- الهيئة الأمريكية لتنظيم الأسواق المالية- وكالة بلومبيرج- شركة مورنينج ستار- كلية إدارة الأعمال بجامعة نيويورك- شركة فانجارد للأبحاث

ملحوظة: مضمون هذا الخبر تم كتابته بواسطة ارقام ولا يعبر عن وجهة نظر مصر اليوم وانما تم نقله بمحتواه كما هو من ارقام ونحن غير مسئولين عن محتوى الخبر والعهدة علي المصدر السابق ذكرة.

قد تقرأ أيضا