اقتصاد / ارقام

هل سوق الأسهم متضخم ومبالغ في تقديره؟

  • 1/4
  • 2/4
  • 3/4
  • 4/4

"المشكلة الحقيقية حاليًا تتمثل في خلق حالة كبيرة من عدم اليقين، فلكي تبني مصنعًا عليك أن تعلم السياسات المستقبلية على مدى العشرين عامًا المقبلة، وليس على مدى أيام فحسب، ولا يكفي أن تعلم السياسات لعامين أو حتى أربعة".. هكذا وصف الملياردير "بيل جيتس" وضع الاقتصاد الأمريكي خلال حوار تلفزيوني مع "فريد زكريا".

 

وعلى الرغم من هذا التوصيف الدقيق للاقتصاد الأمريكي، فإن سوق الأسهم الأمريكية استعادت إلى حد بعيد الكثير من خسائرها "صدمة" القرارات التي أعلنها الرئيس الأمريكي دونالد ترامب في بداية أبريل، حيث انخفض مؤشر "ستاندرد أند بورز 500" وقتها من مستوى فوق 6000 نقطة إلى دون 5000 نقطة في ظرف أسبوع، إلا أنه استعاد مستوى 5800 نقطة في نهاية تداول 23 مايو.

 

 

السوق الأمريكي مقابل الأسواق العالمية

 

ويثير هذا الوضع تساؤلا عن مدى "عقلانية" السوق الأمريكي للأسهم، لا سيما أن عوامل عدم اليقين لم تتبدد على الإطلاق، سواء من حيث مواجهات الرسوم الجمركية، أو مخاطر تغيير سلاسل التوريد، أو حتى عدم الاستقرار الجيوسياسي.

 

للاطلاع على المزيد من المواضيع والتقارير في صفحة مختارات أرقام

 

ويختلف السوق الأمريكي بالفعل عن كثير من الأسواق حول العالم من حيث تقييمه، فعلى سبيل المثال يتراوح المتوسط المرجح لمضاعف الربحية لمؤشر "ستاندرد أند بورز 500" منذ بداية عام 2025 بين 26 و28، بينما في سوق مثل السوق الهندي يبلغ متوسط مضاعف الربحية 25 ويبلغ الرقم نفسه في السوق الكندي 20 بينما في السوق الصيني يتراوح عند 10.

 

كما أن السوق الأمريكي هو الوحيد الذي وصل متوسط المضاعف فيه لـ120 قبل انهيار 2009، وهو رقم مبالغ فيه للغاية ويتنافى مع أبسط قواعد المنطق لكيفية نمو الشركات والقطاعات الاقتصادية المختلفة، لا سيما في الدول المتقدمة ذات الاقتصادات المستقرة، والتي تنمو بنسب أقل من نظيرتها النامية.

 

ويتنافى هذا مع أن المبرر لارتفاع مضاعف الربحية المتوسط يشير إلى توقعات كبيرة بالنمو مستقبلًا، بينما لا تتجاوز توقعات النمو لمجمل الاقتصاد الأمريكي، بما في ذلك الشركات المدرجة في سوق المال 1.4% لعام 2025، وتبلغ النسبة نفسها للهند 7% وللصين 4.8-5% بما يجعل التفاوت الكبير بين مضاعف الربحية بين وأمريكا مع الاختلاف الكبير في النمو الاقتصادي وتوقعاته المستقبلية محل تساؤل.

 

 

تركز الملكية

 

ومن ضمن الأسباب الرئيسية لـ"تضخم" السوق الأمريكي للأسهم عن غيره، هو عدم تمتع نسبة كبيرة من المشتغلين فيه بالمعارف الرئيسية، حيث تكشف إحدى الدراسات أن ما يزيد على 66% من المتعاملين في السوق الأمريكي يعانون مما يُعرف بـ "متلازمة الدائرة المفرغة".

 

في هذه المتلازمة، يسعى المستثمرون جاهدين للتوصل إلى قرار استثماري منطقي من خلال تحليل البيانات والمعطيات المتاحة. إلا أن هذا السعي يؤدي بهم إلى الإرهاق، وفي نهاية المطاف، سواء طالت المدة أو قصرت، يجدون أنفسهم يعتمدون على آراء ونصائح الآخرين. يمكن أن يكون هؤلاء الآخرون وسطاء في البورصة، أو وكلاء، أو مؤثرين على شبكات التواصل الاجتماعي، أو حتى على يعتمد على الذكاء الاصطناعي.

 

والشاهد أن هذه المتلازمة موجودة في كل الأسواق، لكنها أكثر انتشارًا في السوق الأمريكي بشكل واضح، بسبب التأثير القوي نسبيًا لوسائل الإعلام التي تتناول تحركات الأسهم والتوصيات حولها بشكل مكثف لا يضاهيه إلا السوق الهندي.

 

ومن ضمن أهم العوامل في عدم العقلانية في سوق الأسهم حقيقة امتلاك 1% من أغنى أغنياء الأمريكيين فقط لأكثر من 50% من سوق الأسهم، فعلى الرغم مما يوفره هذا لضمانة لعدم وقوع السوق في حالة "سقوط حر" إذا شهد تراجعات حادة، فإنه في الوقت نفسه يجعل هناك قدرة على توجيه السوق وتواصل ارتفاعه في أغلب الأوقات بما يدعم بقاء ثروات هؤلاء الأغنياء مزدهرة.

 

القطط السمان

 

وتشير المحللة البارزة في مجلة "فورتشن"، "إيرينا إيفانوفا" إلى أنه في كثير من المرات يشير تحليل صعود السوق الأمريكي بوضوح إلى تأثير من تصفهم بـ"القطط السمان"، في إشارة إلى حائزي النسب الكبيرة من الأسهم، على تحركات السوق دون أسباب واضحة أو تقليدية، مؤكدة أن تحركات السوق صعودًا وهبوطًا في عام كانت مدفوعة بالأساس بقدرة تلك القلة على تحريك السوق.

 

 

ولهذا السبب ارتفعت نسبة امتلاك أغنى 1% من الأمريكيين في سوق الأسهم من 40% في عام 2002 إلى 54% في عام 2024، في تأكيد على قدرة التحركات التي قادها هؤلاء لا سيما في الأزمات مثل الأزمة المالية العالمية وفترة من أجل مزيد من التركيز للثروات في أيديهم.

 

كما تسهم المؤسسات "التريليونية" سواء صناديق إدارة الأصول والتحوط أو صناديق التقاعد الكبرى في تدعيم تركيز الملكية كي يظل السوق في مستويات عالية.

 

"تسلا" نموذجًا

 

ومن الحالات الصارخة على تأرجح الأسهم الأمريكية بشكل كبير للغاية بدون "منطق" يدعم هذه التقلبات، شركة "تسلا" لتصنيع السيارات الكهربائية، فبين نوفمبر 2021 وديسمبر 2022 انخفضت قيمة سهم الشركة بنسبة 73% بسبب مشاكل خطوط التوريد وتأثرها بأزمة كورونا، فضلًا عن مخاوف الأسواق حينها من عدم تفرغ "إيلون ماسك" لإدارة الشركة في ظل انشغاله بمشاريعه الأخرى وأبرزها تويتر (إكس).

 

والشركة نفسها ارتفع سهمها بنسبة 91% من 20 مايو 2024 حتى 20 مايو 2025، وذلك على الرغم من أن التحديات التي تواجهها الشركة أصبحت أكبر وأشد من ذي قبل، وقد تكون تأثيراتها أكثر استدامة من تغير مؤقت في هياكل التوريد.

 

وتشمل تلك التحديات حالة العداء بين بعض شرائح المستهلكين لـ"ماسك" وتأثيرها على شراء منتجاتها بل حتى بعض الهجمات العنيفة ضد مصانعها ومعارضها، وتأثرها الكبير بالمنافسة مع الشركات الصينية الأقل كلفة، حتى أن "بي. واي. دي" أصبحت السيارة الكهربائية الأعلى مبيعًا في أوروبا مؤخرًا متفوقة على تسلا، فضلًا عن إنتاج الشركة لجزء كبير من سياراتها وأجزائها في الصين.

 

وعلى الرغم من تسجيل سهم الشركة قممًا سعرية اقتربت من 480 دولارًا في ديسمبر 2024، ووصل مضاعف الربحية لأكثر من 200، وبلغ في ختام أسبوع التداول الثالث من شهر مايو 2025 إلى 187، فهل من المنتظر أن تتضاعف إيرادات الشركة في ظل هذه التحديات، أو حتى في غيابها، ليبرر مثل هذا الرقم؟

 

 

ونلفت الانتباه هنا أيضًا إلى أن طبيعة حيازة سهم "تسلا" أيضًا تتوافق مع ما سبق حول تأثير تركيز الملكية على توجيه السوق الأمريكي، فوفقًا لإفصاحات نهاية 2024 يمتلك "ماسك" قرابة 13% من أسهم الشركة، ويمتلك عملاق إدارة الأصول "فانغارد" قرابة 7.6%، و"بلاك روك" 6.3%، و"ستيت ستريت" 3.5%، أي أن 4 جهات تحوز 30% من شركة بلغت قيمتها السوقية في العشرين من مايو 2025، 1.06 تريليون دولار.

 

وللاعتبارات السابقة من التأثير الإعلامي الكبير أو حتى "البروباجندا"، وغياب الرشادة لدى نسبة من المتداولين، وتركيز الملكية تظهر السوق الأمريكية بالنسبة لكثيرين "متضخمة" نسبيًا إلى درجة وصلت برئيس بنك الاحتياطي الفيدرالي الأسبق "آلان جرينسبان" لإطلاق تصريحاته التاريخية حول "الوفرة غير العقلانية" في السوق الأمريكي، وهو ما تفاقم مؤخرًا إلى حد كبير.

 

المصادر: أرقام- فورتشن- فوربس- إنايكواليتي- وول ستريت جورنال- واي شارت

ملحوظة: مضمون هذا الخبر تم كتابته بواسطة ارقام ولا يعبر عن وجهة نظر مصر اليوم وانما تم نقله بمحتواه كما هو من ارقام ونحن غير مسئولين عن محتوى الخبر والعهدة علي المصدر السابق ذكرة.

قد تقرأ أيضا