اقتصاد / صحيفة الخليج

الشارقة.. العنوان الأشمل للتنمية

أحمد القصير*

المدن التي تصنع أثراً حقيقياً، تُقاس بحجم مشاريعها التنموية ذات الأثر المستدام، وبقدرتها على تحويل هويتها إلى مسار تنموي مدروس. في هذا السياق تتسم الشارقة بالفرادة، فمنذ اللحظة الأولى اختارت أن تكون نموذجاً خاصاً، واضح المعالم، بعيداً عن التكرار وسريع الزوال. هذا الخيار الذي لم يكن وليد الصدفة، جاء ليعكس رؤية فكرية متجذّرة في مشروع حضاري طويل الأمد.
هذه الرؤية تجسد نهجاً ثابتاً، يقوده صاحب السمو الشيخ الدكتور سلطان بن محمد القاسمي، عضو المجلس الأعلى حاكم الشارقة، حيث أعاد سموه تعريف التنمية بوصفها استثماراً في الإنسان والمعرفة والمكان، وتعريف الهوية بوصفها رافعة مركزية تُبنى عليها السياسات وتُصمَّم وفقها المشاريع.
ومن هذا المنطلق، اتخذت الشارقة موقعاً مختلفاً عن سواها في المشهد السياحي والثقافي، ووضعت معالمها ووجهاتها وفضاءاتها، ضمن منظومة حضارية متكاملة توثق العلاقة بين الزائر والمكان، فأصبحت مشاريع الإمارة نتاج لوعي سياقها التاريخي والاجتماعي، ما يجعل من كل تجربة فيها امتداد للتاريخ وشراكة في الرؤية.
إن الهوية الأصيلة لإمارة الشارقة على خريطة والضيافة اليوم، جاءت تتويجاً لرؤية تنموية متوازنة تجمع بين طموح التحديث واحترام التاريخ، حيث استطاعت أن تشق طريقها في التنمية العمرانية، دون المساس بهويتها الثقافية وبذاكرتها المكانية، إذ تراعي المشاريع الحديثة خصوصيتها، وتُصاغ وفق رؤية عمرانية تستلهم روح المكان، وتحتفظ بالفضاءات الثقافية والتراثية، مثل منطقة قلب الشارقة، ومنتزه مليحة الوطني، وبيت الحكمة والمحميات الطبيعية. جميع هذه المعالم تؤكد الاهتمام بالإنسان محور التنمية، وتعزز جودة الحياة، وتؤكد أيضاً، أن الحفاظ على التراث شرطاً من شروط التقدم، وليس تحدياً يعيق طريقه.
من هنا يأتي نجاح إمارة الشارقة، من الاستثمار في بيئة تحتضن المعرفة، وتحترم العائلة، وتقدّم للزائر ما يتجاوز الدهشة المؤقتة، نحو ارتباط حقيقي بالمكان. وهذا ما يظهر جلياً في تعدد المشاريع، التي تخدم العائلة ككيان أساسي في نسيج الإمارة، من حيث تصميم الوجهات، وخصوصية التجربة، وتنوع الأنشطة، بما يعكس احترام الشارقة لمنظومتها الاجتماعية، دون أن تُقصي الحداثة أو التنوع. وفي قلب هذه الرؤية المتفردة، تبرز هيئة الشارقة للاستثمار والتطوير «شروق»، التي حولت هذه الأفكار الكبرى إلى مشاريع ملموسة، تصنع الفرق في حياة الناس، فمن خلال استراتيجيات متكاملة تجمع بين الاستثمار الاقتصادي، والحفاظ على الطابع الثقافي والبيئي، أسهمت «شروق» في رسم ملامح وجهات الشارقة ومعالمها، لتكون كل تجربة سياحية أو ترفيهية أو ثقافية، امتداداً لهوية الإمارة الأصيلة، وضماناً لاستدامة التنمية وجودتها.
ولأن مشاريع الشارقة تنطلق من هويتها، فهي تُبنى لتدوم. تستند إلى تخطيط طويل الأمد يُحاكي المستقبل، ويضع في أولوياته الأثر الثقافي والاقتصادي والاجتماعي. كل وجهة جديدة تعد قيمة مضافة، تتسق مع الرسالة الأشمل للإمارة.
تقدّم الشارقة اليوم نموذجاً حضارياً يتجاوز فكرة السياحة والضيافة كمُنتج، ويتعامل معها بوصفها وسيلة لبناء العلاقة بين الإمارة وزوارها. هذه العلاقة التي تقوم على الثقة، وعلى رسالة واضحة المعالم لا تتغير بتغير الاتجاهات. وما يلمسه الزائر من انسجام بين الفكر والمكان، هو لتراكم هذا النهج التنموي الواعي.
وبهذا الاتساق، لا تقيس الشارقة منجزاتها بالكم فقط، لأن النوع والجودة والقيمة والمعنى هي غايتها ورسالتها في وجه متغيرات سريعة، تعيد تشكيل العالم بعيداً عن التخطيط الواعي. ففي وقت تتسابق فيه المدن نحو التوسع، كانت الشارقة سبقت الجميع، وأصبحت بالفعل جزءاً ثابتاً من العناوين الثقافية الكبرى، ومثالاً يُستشهد به، عند الحديث عن المدن التي تُبنى على المعرفة وتنهض بالقيم. صورتها واضحة، ورسالتها مسموعة، ومكانتها راسخة في الوعي العربي والدولي كعاصمة للثقافة والسياحة والتنمية المتوازنة.

* المدير التنفيذي لهيئة الشارقة للاستثمار (شروق)

ملحوظة: مضمون هذا الخبر تم كتابته بواسطة صحيفة الخليج ولا يعبر عن وجهة نظر مصر اليوم وانما تم نقله بمحتواه كما هو من صحيفة الخليج ونحن غير مسئولين عن محتوى الخبر والعهدة علي المصدر السابق ذكرة.

قد تقرأ أيضا