كتبت هبة السيد

في ظل التوجه الوطني نحو تعزيز التحول الرقمي وتحقيق التنمية المستدامة، تبرز منصة "مصر الرقمية" كإحدى أهم المبادرات الاستراتيجية التي أطلقتها الدولة خلال السنوات الأخيرة لتحديث الخدمات الحكومية وتيسيرها للمواطنين، فقد جاءت هذه المنصة استجابة لحاجة المجتمع إلى خدمات أسرع وأكثر شفافية، وضمن رؤية الدولة لبناء اقتصاد رقمي متكامل يضع المواطن في صلب عملية التطوير.

وقد أطلقت المنصة رسميًا في يوليو 2022 بتوجيه من رئيس الجمهورية، لتبدأ بنحو 70 خدمة رقمية تغطي عددًا من المجالات الحيوية، مثل التموين، المرور، التوثيق، وغيرها، وبمرور الوقت تطورت المنصة لتضم اليوم أكثر من 200 خدمة رقمية موزعة على 16 حزمة خدمية، بما يتيح للمستخدمين إنجاز معاملاتهم بسهولة عبر الإنترنت دون الحاجة للذهاب إلى الجهات الحكومية.

ولم تقتصر جهود الدولة على توفير بوابة إلكترونية فقط، بل جرى إطلاق 15 تطبيقًا ذكيًا على الهواتف المحمولة بنظامي iOS وAndroid، لتوسيع الوصول إلى الخدمات الحكومية في أي وقت ومن أي مكان.

ومن بين هذه التطبيقات: "توكيلاتي"، و"تأميناتي"، و"مركباتي"، و"دعمي"، و"قضاياي"، و"الأحوال الشخصية"، و"الشهر العقاري"، و"شركاتي"، وغيرها من التطبيقات التي تلامس احتياجات المواطن اليومية.

وقد حققت المنصة انتشارًا واسعًا، إذ تجاوز عدد المستخدمين النشطين 9 ملايين مواطن حتى الآن، وهو مؤشر قوي على مدى ثقة المواطنين في هذا التحول الرقمي، ومدى تجاوبهم مع أساليب التكنولوجيا الحديثة في إدارة تعاملاتهم الرسمية.

من جهة أخرى، وضمن المشروع القومي للبنية المعلوماتية للدولة، تم الانتهاء من ربط أكثر من 100 قاعدة بيانات حكومية ببعضها البعض، بالتعاون مع هيئة الرقابة الإدارية.

ويهدف هذا الربط إلى خلق منظومة معلومات موحدة تساعد على تعزيز الشفافية، وتحسين كفاءة تقديم الخدمات، والقضاء على التكرار والازدواجية في البيانات، فضلًا عن دعم عملية اتخاذ القرار ووضع سياسات قائمة على بيانات دقيقة ومحدثة.

ويعد هذا المشروع نقلة نوعية في أسلوب تعامل الدولة مع البيانات والخدمات، ويضع الأساس لما يُعرف بـ"الحكومة الذكية"، التي تعتمد على التكنولوجيا في تقديم الخدمة للمواطن بكفاءة وجودة أعلى، وفي وقت أقل.

كما يعزز هذا التوجه من قدرة الدولة على التصدي للتحديات الاقتصادية والإدارية، ويجعل المواطن شريكًا في عملية التطوير، وليس مجرد متلقٍ للخدمة.

منصة "مصر الرقمية" إذًا ليست فقط أداة للخدمة، بل هي رؤية شاملة لمستقبل دولة رقمية تعتمد على التكنولوجيات الحديثة لتحقيق الشفافية، وتحسين جودة الحياة، ورفع كفاءة الجهاز الإداري، وهي نموذج يحتذى به في بناء مجتمع رقمي يواكب متطلبات القرن الحادي والعشرين.