اقتصاد / صحيفة الخليج

تحويل مشهد تجارة التجزئة إقليمياً

أندري موروزوف*

تتجاوز قدرات وكلاء الذكاء الاصطناعي - الأنظمة البرمجية الذكية القادرة على اتخاذ قرارات مستقلة- النماذج التقليدية لتعلم الآلة، والتي تعتمد عادةً على التدخّل البشري لتنفيذ التنبّؤات. لا تتوقف إمكانات وكلاء الذكاء الاصطناعي على تقديم التحليلات، بل تشمل التصرف بشكل استباقي والتكيف بصورة آنيّة مع الظروف المتغيرة. يُعد هذا التحول بالغ الأهمية خاصة لمنظومة تجارة التجزئة التقليدية، والتي تعاني البيانات المجزأة والبيئات المادية غير المتوقعة.
تُعد دول منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا، ولا سيما دولة العربية المتحدة، في طليعة الدول التي تُبادر لتبنّي التقنيات المتقدمة، مدفوعة بمبادرات طموحة مثل استراتيجية دبي للذكاء الاصطناعي ورؤية 2030، وذلك بهدف ترسيخ مكانة الدولتين في طليعة الابتكار الرقمي عالمياً. ومع توقع وصول سوق التجزئة في منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا إلى 1.4 تريليون دولار، بحلول عام 2032، تُعيد الحلول القائمة على الذكاء الاصطناعي تشكيل هذا القطاع بسرعة.
سنستكشف فيما يلي عدداً من المجالات، التي يقود فيها وكلاء الذكاء الاصطناعي تغييرات تحويلية في المشهد التقليدي لتجارة التجزئة.
تواجه محلات تجارة التجزئة التقليدية تحدياتٍ في إدارة المخزون، بسبب الأنظمة المتجزِّئة والاعتماد على العمليات اليدوية، مما يؤدي إلى نفاد أو فائض المخزون. في دولة الإمارات، يختبر تجار التجزئة الكبار، مثل ولولو ماركت، تقنية تحديد المنتجات بموجات الراديو (RFID)، لتحسين الدقة، بينما تستكشف شركات تجارة التجزئة العالمية إمكانية مراقبة الرفوف بصورة لحظية، باستخدام الرؤية الحاسوبية.
يتفوق وكلاء الذكاء الاصطناعي في هذا المجال، من خلال تتبع مستويات المخزون بشكل مستقل، وإعادة طلب المنتجات تلقائياً، وإعادة توزيع المخزون بناءً على الظروف والمتطلبات بصورة آنيّة. يقلل هذا النهج الاستباقي من الأخطاء اليدوية، ويحد من احتمالية نفاد المنتجات، ويحسن المخزون باستمرار.
يعتمد معظم المتاجر التقليدية على مخططات وتشكيلات ثابتة، تُحدّث يدوياً وبشكل غير منتظم، مما يحد من قدرتها على الاستجابة لسلوكيات العملاء واتجاهات السوق. في حين أن أنظمة تعلم الآلة الحالية، تُحلل بيانات المبيعات التاريخية، إلا أنها لا تستطيع تحديث مخططات عرض المنتجات داخل المتجر بصورة آنيّة. تُطوّر الذكاء الاصطناعي هذه العملية، من خلال الاستفادة من الرؤية الحاسوبية والتحليلات في الوقت الفعلي، لتحسين مخطط عرض، تنظيم وترتيب المنتجات على أرفف المتجر باستمرار وبدقة بناءً على بيانات حركة العملاء وتفاعلاتهم المباشرة لتحقيق أقصى قدر من المبيعات ورضا العملاء. كما أنها توفر رؤية تفصيلية لخصائص المتجر والمعدّات المتوفرة فيه، مما يتيح اتخاذ قرارات تخطيط أكثر دقة وفاعلية لتعزيز المبيعات والارتقاء بتجربة العملاء.
تعاني لوجستيات التجزئة في منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا، البطء في الاستجابة للاضطرابات الناجمة عن التحدّيات المناخية والتحديات المرتبطة بالبنية التحتية، مما يؤدي إلى انخفاض الكفاءة وارتفاع التكاليف. وبينما أسهمت التنبؤات المعتمدة على تعلم الآلة بتحسين دقة التخطيط، إلا أن الاستجابة للاضطرابات المفاجئة لا تزال تتطلب إشرافاً يدوياً، مما يحدّ من تحقيق المرونة الكاملة. يُحوّل وكلاء الذكاء الاصطناعي مشهد سلسلة التوريد، من خلال تقديم تعديلات ذاتية بصورة آنيّة، ودمج بيانات المتجر المباشرة، وظروف حركة المرور، والعوامل البيئية لإعادة توجيه عمليات التسليم، وإعادة توزيع المخزون بانتظام، وتبسيط عمليات المستودعات. بالإضافة إلى ذلك، تسهم قدرة وكلاء الذكاء الاصطناعي على أتمتة عمليات التفاوض والاتصال مع الموردين بتقليل التعقيدات التشغيلية وتعزيز المرونة.
يعتمد النموذج الحالي للمتاجر المستقلة، مثل «أمازون غو» (Amazon Go)، على قواعد ثابتة ومحددة مسبقاً تفتقر إلى القدرة على التكيف مع الظروف غير المتوقعة، ففي حين أن المتاجر التي لا تتطلب وجود محاسبين توفر استقلالية محدودة، إلا أنها تتطلب إعداداً وإشرافاً مكثفين. يدعم وكلاء الذكاء الاصطناعي متاجر التجزئة المستقلة بشكل شامل، من خلال إدارة العمليات، بما في ذلك تجديد المخزون، ومنع السرقة، والتفاعل مع العملاء مباشرة. يفتح وكلاء الذكاء الاصطناعي الباب للعديد من الفرص، إلا أنّ تحقيق هذه الفرص على أرض الواقع، يتطلّب أولاً تحسينات كبيرة في جودة البيانات وإمكانية الوصول إليها. حالياً، تُشكل مجموعات البيانات المُجزأة وغير المكتملة عقبات رئيسية أمام إمكانية منظومة وكلاء الذكاء الاصطناعي على نطاق واسع.
* رئيس «AInventory» في «يانغو تك» لتجارة التجزئة

ملحوظة: مضمون هذا الخبر تم كتابته بواسطة صحيفة الخليج ولا يعبر عن وجهة نظر مصر اليوم وانما تم نقله بمحتواه كما هو من صحيفة الخليج ونحن غير مسئولين عن محتوى الخبر والعهدة علي المصدر السابق ذكرة.

قد تقرأ أيضا