مع بداية العام الدراسي الجديد، يعود موسم التسوق المرتبط بالمدارس إلى الواجهة، وفي الوقت الذي يستعد فيه الآباء لصرف المزيد من النقود على احتياجات أبنائهم للعودة إلى المدارس، تتزايد مشاهد الاكتظاظ في المتاجر والمراكز التجارية لبيع الأدوات الدراسية.
غير أنّ هذا الموسم، لم يعد يرتبط بشراء ضروريات القرطاسية التقليدية مثل الأقلام والدفاتر والزي المدرسي، إذ يشهد اليوم تحوّلًا ملحوظًا نحو بعد جديد.
فلم يعد شراء المستلزمات الدراسية مجرد تلبية للحاجات التعليمية، بل أصبح مساحة للتعبير عن المكانة الاجتماعية وخيارات أسلوب الحياة، وأحيانًا مجالًا للرفاهية.
للاطلاع على المزيد من المواضيع والتقارير في صفحة مختارات أرقام
إذ تسلّل عامل الرفاهية إلى حقائب الطلاب ومحتوياتها، لتتحول بعض الأدوات البسيطة إلى رموز للتميز، بل حتى للتباهي.
فبعد أن كان الطالب لا يحمل في حقيبته سوى بعض الأدوات التي تصل قيمتها بضعة دولارات، أصبحت تلك الحقيبة ذاتها تصل قيمتها أحيانًا لمئات الدولارات، فيما تصل تكلفة تجهيز الطالب الواحد إلى أضعاف ما كان عليه الحال قبل سنوات قليلة.
توسّع تعريف المستلزمات المدرسية
لم يعد الآباء يكتفون بشراء ما يسدّ الحد الأدنى من متطلبات المدارس؛ بل يتجه العديد منهم إلى اقتناء علامات تجارية فاخرة وأدوات ذكية وإكسسوارات ذات كلفة عالية، تعكس الذوق والطموح والقدرة الشرائية.
فمن الحقائب الراقية التي تُسعّر كقطع أزياء، إلى الأجهزة اللوحية التي تحل محل الدفاتر التقليدية، توسّع تعريف "المستلزمات المدرسية" بوتيرة سريعة، كما لتكشف بعض الأمثلة من السوق العالمية.
ففي المملكة المتحدة مثلًا، تصل تكلفة مجموعة العودة للمدارس التي تقدمها علامة بوربيري، بما في ذلك حقيبة الظهر والمقلمة والملابس، إلى نحو 2700 جنيه إسترليني (3660 دولار أمريكي)، وهو سعر يضعها في فئة فائقة الرفاهية يصعب على معظم الأسر تحمّلها.
أما على منصات التسوّق الفاخرة مثل فارفيتش، فتظهر اتجاهات مشابهة؛ إذ تُعرض حقيبة ظهر للأطفال من غوتشي بأسعار تتراوح بين 1200 و1300 دولار أمريكي تبعًا للحجم والعروض.
في المقابل، تأتي بعض الحقائب الأخرى من بوربيري، مثل حقيبة فانتاج تشيك، بسعر يقارب 890 دولارًا أمريكيًا، وهو ما يوضح أنّ حتى أبسط الخيارات ضمن هذه الفئة لا تزال تُصنّف في خانة المنتجات الفاخرة.
عامل الرفاهية وتغيّر أنماط الاستهلاك
تشير أبحاث المستهلكين إلى أنّ جيل الألفية وجيل زد يلعبان دورًا محوريًا في إعادة تشكيل خريطة الإنفاق على العودة إلى المدارس.
فبدلًا من التركيز على المنتجات الأرخص، أصبح الكثير من الآباء يولون أهمية أكبر للجودة، والاستدامة، وصورة العلامة التجارية.
وأصبحت الأدوات المكتبية الصديقة للبيئة، ووسائل التعليم الرقمية والمدعومة بالذكاء الاصطناعي رائجة على نحو متزايد.
عوامل أعادت تشكيل سوق المستلزمات الدراسية:
العامل | ملاحظات |
مشاركة الأطفال في اختيار المستلزمات | تزايد تطلعات الطلاب يفرض ضغوطًا على الآباء |
ارتفاع الأسعار | يزيد من كلفة شراء القرطاسية |
العلامات الفاخرة كرمز اجتماعي | تلجأ إليها بعض الأسر كوجاهة اجتماعية |
وسائل التواصل الاجتماعي | تيك توك وإنستغرام تقودان الصيحات في عالم القرطاسية |
التكنولوجيا | تزايد الإقبال على الأجهزة اللوحية وخاصة المدعومة بالذكاء الاصطناعي |
ووفق استطلاع ديلويت 2025، يُتوقَّع أن يصل حجم إنفاق الأسر على مستلزمات العودة حتى نهاية المرحلة الثانوية في الولايات المتحدة إلى نحو 30.9 مليار دولار أمريكي، بمتوسط إنفاق يبلغ حوالي 570 دولارًا لكل طالب.
وتشير الدراسة نفسها إلى أن الإنفاق على الملابس والإكسسوارات ارتفع بنسبة 6%، في حين تراجع الإنفاق على المستلزمات المدرسية التقليدية بنسبة 3%، وعلى التكنولوجيا بنسبة 8%، ما يعكس تحوّل الأولويات الاستهلاكية.
وبحسب استطلاع رأي أجرته ستاتيستا في 2024، فإن ما يقارب 42% من أولياء الأمور الأميركيين يصرحون بأن أطفالهم يشاركون في اختيار المستلزمات بأنفسهم.
ويأتي هذا في وقت تتزايد فيه تأثيرات المنصات الاجتماعية مثل تيك توك وإنستغرام في تحديد اتجاهات الشراء، سواء عبر التوصيات أو عبر ظهور المنتجات في صيحات رقمية منتشرة بين المراهقين.
كما يبرز عامل الرفاهية بشكل واضح في أسواق آسيا، حيث أظهر تقرير صدر عن برايس ووترهاوس في 2024 أنّ شريحة متنامية من الأسر باتت تعتبر المستلزمات المدرسية امتدادًا لهوية العائلة الاجتماعية.
ويلجأ البعض هناك إلى شراء أدوات تتجاوز تكلفتها مئات الدولارات مثل الحقائب المدرسية الفاخرة، وهو ما يضعها في خانة الكماليات أكثر من كونها أدوات مدرسية عملية.
الانقسام الاجتماعي يظهر في القرطاسية
المفارقة أن هذا الميل نحو الرفاهية يأتي في وقت تتزايد فيه الضغوط الاقتصادية عالميًا، فالتضخم وارتفاع تكاليف المعيشة لم يقلّلا من الطلب على المنتجات الفاخرة، بل رسّخا الفجوة بين الأسر.
وفي الوقت الذي تنغمس العائلات ذات الدخل المرتفع في تسوق فاخر للمدارس، تسعى أخرى إلى خفض النفقات غير الأساسية أو اللجوء إلى المستلزمات المستعملة.
وتُظهر بيانات ديلويت أن 75% من الآباء مستعدون لتغيير العلامة التجارية إذا ارتفعت أسعارها بشكل مبالغ فيه، بينما يفضل نسبة منهم شراء علامات تجارية فخمة باعتبارها وسيلة للتعبير عن المكانة الاجتماعية.
هذا التباين لا ينعكس فقط في نوعية الحقائب والأقلام، بل يمتد إلى أنماط الاستهلاك نفسها. فبعض العائلات تقتني مجموعات محدودة الإصدار من دفاتر مرسومة يدويًا أو أقلام مطلية بالذهب.
في حين تبحث أخرى عن بدائل اقتصادية عبر الأسواق الشعبية أو المبادرات المجتمعية التي تعيد تدوير المستلزمات.
وفي دول عدة، برزت مبادرات تضامنية تسعى إلى سد هذه الفجوة؛ مثل جمع التبرعات لتوفير القرطاسية للطلاب المحتاجين أو إطلاق متاجر مدرسية بأسعار مدعومة، لكن تبقى هذه الجهود محدودة مقارنة بضغوط الشراء المجتمعية.
وأصبحت صور الأطفال على وسائل التواصل بزيّ مدرسي فاخر أو حقيبة تحمل اسم علامة عالمية، رمزًا لطبقة اجتماعية معينة، ما يكرّس الانقسام النفسي قبل الاقتصادي.
التكنولوجيا ترفع من حجم الإنفاق
إلى جانب البعد الاستهلاكي، تلعب التكنولوجيا دورًا محوريًا في زيادة ضغوط التكلفة فيما يتعلق بالعودة إلى المدارس.
ولم يعد تجهيز الطالب يقتصر على شراء دفاتر وأقلام وحقيبة، بل بات يشمل أجهزة لوحية أو حواسيب محمولة، إضافة إلى اشتراكات في تطبيقات تعليمية ومنصات رقمية باتت جزءًا لا يتجزأ من العملية التعليمية الحديثة.
وتشير تقارير أسواق التجزئة في الولايات المتحدة إلى أن الإنفاق على الإلكترونيات التعليمية وحدها تجاوز 13 مليار دولار في موسم العودة إلى المدارس عام 2023، وهو رقم يعكس التحول الجذري في أولويات الأسر.
أما في الأسواق الناشئة، فقد أصبحت الأجهزة الذكية شرطًا أساسيًا لبعض المدارس الخاصة، ما يزيد من الأعباء على أولياء الأمور ويضاعف الفجوة بين من يستطيع تلبية هذه المتطلبات ومن يكتفي بالحد الأدنى.
كما أن التطوير السريع للمناهج الرقمية يفرض على العائلات تحديث الأجهزة بصورة دورية، وهو ما يختلف جذريًا عن المستلزمات التقليدية التي قد تُستخدم لأكثر من عام.
وفي بعض الحالات، أصبح اقتناء التكنولوجيا جزءًا من التنافس الاجتماعي، حيث تحرص بعض الأسر على شراء أحدث إصدار من الأجهزة أو الملحقات لإبراز صورة من صور الوجاهة.
وبذلك، لم تعد "قائمة المستلزمات المدرسية" مجرد بنود استهلاكية بسيطة، بل تحوّلت إلى التزامات مالية مستمرة ترتبط بتسارع الابتكار التكنولوجي.
وأصبح موسم العودة إلى المدارس ليس مجرد بداية عام دراسي روتيني؛ بل تحوّل إلى مساحة للتعبير عن الهوية الاستهلاكية والمكانة الاجتماعية وخيارات نمط الحياة، وانتقل سوق المستلزمات المدرسية من خانة الضرورة إلى خانة الرفاهية.
المصادر: أرقام- ديلويت- برايس ووترهاوس كوبرز- صحيفة ذا صن- الاتحاد الوطني للبيع بالتجزئة
ملحوظة: مضمون هذا الخبر تم كتابته بواسطة ارقام ولا يعبر عن وجهة نظر مصر اليوم وانما تم نقله بمحتواه كما هو من ارقام ونحن غير مسئولين عن محتوى الخبر والعهدة علي المصدر السابق ذكرة.