د. لويس حبيقة *
مؤسسات «بريتون وودز» الثلاث ترعى الاقتصاد الدولي منذ 1945 ولا بدائل عنها حتى اليوم. فالبنك الدولي يتعاطى بشؤون التنمية وصندوق النقد بالاستقرار المالي والنقدي، أما مؤسسة «الغات» فحاولت تأمين حرية التجارة الدولية عبر قواعد ومواصفات يلتزم بها الأعضاء. استبدلت «الغات» بمنظمة التجارة العالمية «WTO» في سنة 1995 لأن مهمات المنظمة أوسع بكثير من «الغات». هي لا تراقب فقط حرية تجارة السلع بل حرية الخدمات أيضاً كما تشمل صلاحيتها كل جوانب حماية الملكية الفكرية والأدبية والفنية وغيرها. هنالك جهاز مهم داخل المنظمة لفض النزاعات التجارية بين الدول الأعضاء.
البنك والصندوق يقرضان، أما المنظمة فتراقب وتنظم فقط. كان من المفترض أن تنجح المنظمة أكثر بكثير، لكن عوائق جدية حصلت في وجهها، منها سياسية وأخرى إدارية وغيرها. أما اليوم فالعوائق الأساسية في وجهها هي السياسات التي تقيد حرية التجارة الدولية كالسياسات الصناعية منها الدعم ومجمل المواصفات الاصطناعية. بسبب التحديات التي تواجه التجارة العالمية وبالتحديد سياسات التعريفات الجمركية التي يمارسها الرئيس ترامب، المطلوب إحياء المنظمة بسرعة.
فالاقتصاديون يختلفون على الكثير، لكنهم مجمعون على أن حرية التجارة مهمة جداً للنمو ولتعزيز فرص التنمية. عندما تستعمل التعريفات الجمركية كسلاح سياسي، تبتعد عن سبب وجودها الأساسي كداعم للتنمية. تختلف هيكلية المنظمة عن هيكلية البنك وصندوق النقد الدوليين إذ لكل دولة في المنظمة صوت واحد، أما في المؤسستين الأخريين فالتصويت يوازي حصة الدولة في رأس المال. المنظمة هي إذاً أكثر ديمقراطية حيث تؤخذ القرارات بالإجماع ما يبطئ عملها ويشل قدرتها على التحرك.
تضم المنظمة 166 دولة كأعضاء يغطون الأكثرية الساحقة من حجم التجارة الدولية. انضمت الصين إليها في 2001 وروسيا في 2012. سيشكل الاقتصاد الصيني إحدى الركائز الرئيسية التي سيبنى عليها الاقتصاد العالمي. لماذا نجحت الصين اقتصادياً وفشلت روسيا؟ ساعدت الصين قوة وحكمة السلطة المركزية التي وجهت السلطات المحلية كي تعطي أفضل ما عندها للقطاع الخاص. غير الانضمام إلى منظمة التجارة العالمية هيكلية الاقتصاد الصيني إلا أن المسيرة ما زالت طويلة.
الإنجاز الأكبر في عمل المنظمة هو استطاعتها فض العديد من النزاعات بين الدول بفضل الثقة التي تمتعت بها والتي انحدرت مؤخراً. أهم النزاعات المقدمة إلى أجهزة المنظمة هي بين الدول الغربية. من التحديات الكبيرة إمكانية الاتفاق على آلية لتحرير التبادل السلعي الزراعي العالمي وهذا يقلق الدول الغربية خاصة. يريد الغرب التأكد من حسن تطبيق اتفاقية حماية الملكية الفكرية وتطويرها وهذا يقلق الدول النامية.
فالدول الغربية في معظمها تدعم قطاعاتها الزراعية بسخاء ولا تناسبها رفع الحماية لأسباب اقتصادية وسياسية داخلية. من مصلحة مجموعة الدول النامية إدخال الزراعة في اتفاقيات المنظمة بحيث يخف الدعم في الاقتصادات الغربية. أما تطبيق حماية الملكية الفكرية وتطويرها لتشمل كافة أنواع الفكر، فيقلق الدول الفقيرة لتأثيره السلبي في سرعة توافر وتكلفة المنتجات الغربية المستوردة، التربوية منها خاصة.
* كاتب لبناني
ملحوظة: مضمون هذا الخبر تم كتابته بواسطة صحيفة الخليج ولا يعبر عن وجهة نظر مصر اليوم وانما تم نقله بمحتواه كما هو من صحيفة الخليج ونحن غير مسئولين عن محتوى الخبر والعهدة علي المصدر السابق ذكرة.
