عرب وعالم / الامارات / صحيفة الخليج

فنون تروي حكايات رمال الصحراء في معرض أبوظبي للصيد والفروسية

يواصل معرض أبوظبي الدولي للصيد والفروسية، الذي يُقام تحت رعاية سمو الشيخ حمدان بن زايد آل نهيان، ممثل الحاكم في منطقة الظفرة ورئيس نادي صقاري ، فعالياته لليوم الرابع على التوالي، وينبض قطاع الفنون والحرف اليدوية بروح لا تشيخ، ويهمس للزائرين بحكايات من رمال الصحراء، حيث عاش الأجداد وتجلّت العادات والتقاليد في تفاصيل الحياة اليومية.
تتراقص النقوش اليدوية على أسطح الأعمال كأنها وشم على جبين الزمن، تحكي عن خيام منصوبة تحت السماء، وعن قهوة تُصبّ في دلال من ذهب، وعن خيولٍ أصيلة تملأ الأفق صهيلاً وفخراً، وكل خط مرسوم، وكل لونٍ مختار، هو امتداد ليدٍ كانت تزرع وتروي وتبني.
ضوء خافت
لم تكن التكنولوجيا دخيلةً على هذا القطاع، بل جاءت كضوء خافت يُسلّط شعاعه على الجمال، فزادت الحرف اليدوية بهاءً من دون أن تطمس ملامحها، ومن تداخل التقنيات المعاصرة مع الحرف التقليدية، أُخرجت لوحات تحفظ تراث الأمس، وتقدّمه للأجيال القادمة كهدية لا تُقدّر بثمن.
وفي زيارة سريعة إلى استديو «تجربة الفنون الغامرة»، كمثال عن القطاع، قالت شيخة حمد مغاور العلي رائدة الأعمال، المدير العام لاستديو مغاور آرت: «تجربة الفنون الغامرة، ليست مجرد مشروع فني، بل رحلة غنية لاستكشاف الهوية الإماراتية من خلال الإبداع، جاءت بالتعاون مع ديوان الرئاسة، ليطلق استديو «مغاور آرت» مجموعة من اللوحات المرسومة يدوياً بكل حب وتفانٍ، ثم أُضيفت إليها لمسة من الذكاء الاصطناعي لتحاكي الحركة وتمنحها روحاً نابضة تنطق بالتراث».
وقالت شيخة العلي: «الفن هو لغة عالمية، والتراث هو هويتنا، وعندما ندمج الاثنين، نخلق حواراً بصرياً يُلهم ويُدهش».
إلى ذلك، زار الفريق الشيخ طالب بن صقر القاسمي فعاليات معرض أبوظبي الدولي للصيد والفروسية 2025.وتجول الشيخ طالب بن صقر، في عدد من الأقسام والأجنحة المحلية والدولية التي تعرض أحدث أسلحة الصيد والقنص، والشركات الوطنية الرائدة في قطاع الأسلحة المشاركة، اطلع خلالها على آخر الابتكارات والتقنيات الحديثة المستخدمة في الصيد والفروسية، وعدد من قطاعات المعرض الأخرى، والفعاليات والأنشطة المتنوعة.
ثمّن الشيخ طالب بن صقر، اهتمام القيادة الرشيدة للدولة ودعمها للمحافظة على التراث وصونه. مشيداً بالمكانة العالمية المميزة التي وصل إليها المعرض ليواصل عاماً بعد عام مسيرة من التميز، رسمت ملامح قصص نجاح تضاف إلى إنجازات الدولة والعاصمة أبوظبي.

بدوره، يشارك مجلس «إرثي» للحرف المعاصرة في فعاليات المعرض، حيث يقدم تجربة متكاملة تتزامن مع احتفاء المجلس بمرور عشر سنوات على تأسيسه، بما يعكس رسالته في تمكين الحرفيين والحرفيات وإبراز الحرف الإماراتية التقليدية بروح معاصرة.
وشهد جناح «إرثي» إطلاق مجموعة حصرية بالتعاون مع المصممة اللبنانية العالمية ندى دبس، جاءت لتجسّد تمازجاً فنياً بين الحرفة الإماراتية الأصيلة وفنون التصميم المعاصر، حيث استلهمت المجموعة عناصرها من حرفة «التلي»، حيث ظهرت الخطوط والزخارف التقليدية بأسلوب هندسي أنيق على قطع خشبية معاصرة.
وتأتي هذه المجموعة ضمن برنامج «التبادل الحرفي» الذي يجمع بين الإبداع اللبناني والإماراتي في صياغة تصاميم مشتركة، على أن تعود عوائدها إلى دعم الحرفيين والحرفيات في الإمارات ولبنان، بما يعزز استدامة الحرف ويوسّع آفاقها الاقتصادية.
وقالت ريم بن كرم، المديرة العام للمجلس «تأتي مشاركتنا الأولى في المعرض تجسيداً لرؤية قرينة صاحب السموّ حاكم الشارقة، سموّ الشيخة جواهر بنت محمد القاسمي، رئيسة مجلس «إرثي» التي تؤمن بأن الحرف الإماراتية قادرة على أن تكون جسراً يربط بين الماضي وابتكارات الحاضر، فتراث الصيد والفروسية بما يحمله من رموز ومعانٍ عميقة في الهُوية الإماراتية، يفتح أمام الحرفيين والحرفيات مساحات واسعة لاستلهام أفكار إبداعية قادرة على ابتكار قطع فنية وتصاميم معاصرة تعكس جماليات هذا الموروث الغني لدولة الإمارات العربية المتحدة ومنطقة الخليج العربي». ويقدم معرض أبوظبي الدولي للصيد والفروسية عبر أجنحته المتنوعة منصات رقمية مبتكرة، تجمع بين التثقيف التراثي والترفيه.
ويشارك مركز حمدان بن محمد لإحياء التراث في فعاليات المعرض بمنصة تهدف إلى تقديم التراث الإماراتي بصورة حديثة، تسهم في جعل الزائر جزءاً من تجربة تعليمية وتفاعلية متكاملة، تستعرض تاريخ الدولة الغني وتقاليدها العريقة بأسلوب مشوق وجذاب.
كما يشهد معرض أبوظبي الدولي للصيد والفروسية، استعراضاً لأحدث الابتكارات التي تدعم الصقارة، عبر الطائرات المخصصة للتدريب، وأجهزة التتبع المعتمدة على أنظمة الأقمار الصناعية، وتقنيات الواقع الافتراضي التي تتيح تجربة غير مسبوقة لمتابعة الصقور أثناء الصيد، بما يعكس التلاقي بين التراث الإماراتي وأحدث ما توصلت إليه التكنولوجيا.
وأكد خبراء ومسؤولو شركات، أن التكنولوجيا والابتكارات الرقمية، باتت تتغلغل بشكل متزايد في بعض النواحي التراثية كالصيد، لتمنحها مزيداً من الاحترافية والمتعة.
وقالت عفراء الظاهري، مؤسسة وصاحبة شركة الشراغة للصقارة، إن الشركة تعرض لأول مرة على مستوى العالم اختراعاً مبتكراً يتمثل في ذكية تُثبت على برقع الصقر وتبث مشاهد مباشرة عبر نظارات الواقع الافتراضي (VR) أو عن طريق الشاشات، ليعيش الصقار تجربة الصيد كما لو كان يرى بعيني الصقر نفسه.
من جانبه، أوضح محمد العلي، مبرمج وفني طائرات بدون طيار خاصة بالصقور في مؤسسة الليث للطيور، أن الطائرات المخصصة لتدريب الصقور مثل «فالكن ترينر» توفر بيئة تدريب آمنة وفعالة تحاكي ممارسات الصيد الطبيعية.
بدوره أوضح ماجد نجم، مسؤول المبيعات في شركة مارشال لصناعة أجهزة تتبع الصقور، أن أجهزة التتبع الخاصة بالصقور شهدت وتشهد الكثير من التطور المتسارع مِنْ أجهزةٍ نطاقاتها محدودة وتقوم بتتبع صقر واحد، إلى أجهزة واسعة النطاق وقادرة على تتبع 20 صقراً في وقت واحد.
بدوره، يشهد جناح نادي صقاري الإمارات في معرض أبوظبي الدولي للصيد والفروسية سلسلة من الأنشطة التعليمية والترفيهية المخصصة للأطفال، بهدف غرس قيم الصقارة والحفاظ على التراث الإماراتي في نفوس الأجيال الناشئة.
أيضا، شهد المعرض مشاركة متميزة من شركة «INPEX - Energy for a brighter future» اليابانية، التي قدمت باقة من الأنشطة التراثية والفنية التي عكست عمق العلاقات بين الإمارات واليابان وأبرزت التقاء الحضارتين في مجال الصقارة، وصناعة القفازات الخاصة بها، وفنون السيوف اليابانية، ومراسم الشاي التقليدية.
وقالت نوريكو أوتسوكا، رئيسة الجيل الثامن عشر لمدرسة «سوا للصيد بالصقور» أقدم مدرسة صقارة في ، إن مشاركتها في المعرض تجسد حرصها على إبراز الصقارة بوصفها إرثاً ثقافياً عريقاً يجمع بين اليابان والعالم العربي، ويعكس عمق القيم الإنسانية التي يحملها هذا الفن الأصيل.من جانبه، قال كازويا إيشيكاوا، صانع القفازات الياباني المتخصص في أدوات الصقارة، إنه يشارك في المعرض للمرة الثامنة.وأشار إلى أنه ابتكر أسلوباً إبداعياً يمزج بين القفاز الياباني التقليدي المستخدم مع النسور في العصور القديمة، والطراز الحديث، لتقديم منتجات تلبي متطلبات الصقارين المحترفين.
ولفت إلى أن بعض قفازاته تحمل زخارف يدوية وفنية غير مألوفة في السوق العربي، ما يجعلها لا تقتصر على الجانب العملي فقط بل تُعتبر أيضاً قطعة فنية.
من جهته، قال شينسوكي أوواكو، مدير شركة «كانيماسا» اليابانية لصناعة السيوف، إن الشركة تعرض سيف «كاتانا»، الذي كان استخدامه مقصوراً تاريخياً على الطبقة الحاكمة مثل «الساموراي». ولفت إلى أن سيوف الكاتانا لم تعد مجرد أسلحة، بل أصبحت رموزاً للتدريب على الشجاعة والدفاع عن النفس، ما يعكس استمرار تأثير هذا التراث العريق في الثقافة اليابانية المعاصرة ويبرز قيمه الروحية والفنية.
كما قدم الجناح الياباني تجربة فريدة لممارسة طقوس شاي «تشادو» التقليدي، الذي يُعرف في اليابانية باسم «سادو»، وتعود جذوره لأكثر من ألف عام.
وأكدت يوكا هيرايوا، كبيرة مدربي جمعية «أوراسينكي اليابانية» في أبوظبي، أن جذور طقوس السادو تعود إلى عام 1521 مع الأب الروحي سن ريكيو، الذي أسسها على أربعة مبادئ أساسية هي الانسجام والاحترام والنقاء والهدوء.
وتميز المعرض هذا العام، بعرض قطع فنية مبتكرة ترتكز على إعادة تدوير المواد المستهلكة والطبيعية والصناعية، لتتحول إلى أعمال فنية متقنة تجمع بين الجمال والوظيفة والفكر البيئي المستدام، معززة رسالة الابتكار والإبداع الإماراتي في ميادين الاستدامة والفن التشكيلي.
وقال الشيخ الدكتور علي بن عبدالله المعلا، فنان تشكيلي، إن مشاركته الأولى في المعرض تجسدت في وضع بصمة فنية خاصة عبر قطع مبتكرة تعتمد أساساً على إعادة تدوير المواد وتحويلها إلى أعمال راقية تملأ الفراغ بأسلوب فني متقن مع مراعاة الاستخدام المريح، مؤكداً التزامه بمعايير دقيقة لا يتنازل عنها.
واستعرض أبرز أعماله في المعرض، من بينها أريكة الإمارات أو أريكة الاتحاد المصنوعة من مخلفات شجر الغاف، والتي استغرق تنفيذها 3 سنوات لتخرج بالشكل الذي يعكس خريطة الدولة بالكامل، مع تمثيل امتداد الجذع بأبعاد دقيقة على هيئة خريطة الإمارات، ما يمنحها مكانة فنية استثنائية.
وأشار إلى محور التراث في بعض القطع، لافتاً إلى أن الكرسي يضم عدداً من الحرف اليدوية التراثية الإماراتية القديمة مثل السدو المدرج على قائمة اليونيسكو للتراث الثقافي، ولفت إلى قطعة أخرى أطلق عليها اسم «ركن الطبيعة»، وهي عبارة عن أريكتين تلتقيان عند جذع زاويته فريدة، مزودة بصخرة نمت عليها الجذور بشكل طبيعي، ما أكسبها قيمة فنية عالية وتميزاً فريداً.
من جانبه، يشارك مجلس أبوظبي الرياضي بجناح يمثل منصة تفاعلية، ويشهد الجناح مشاركة أندية أبوظبي للرياضات البحرية، وأبوظبي للصقارين، وأبوظبي للقوس والسهم، وأبوظبي للمبارزة، ونادي غنتوت لسباق الخيل والبولو. ويشكل جناح المجلس منصة تفاعلية، لتعريف الجمهور بالتراث الرياضي للدولة، وتعزيز ارتباط المجتمع برياضاته المتنوعة، وتسليط الضوء على جهوده في دعم وتنظيم الفعاليات الرياضية محلياً وعالمياً.
تعزيز الهوية
وأكد المجلس أن هذه المشاركة تأتي في إطار حرصه على إبراز دوره المحوري في دعم مختلف الرياضات، وتعزيز الهوية الوطنية، عبر الرياضات التراثية والحديثة.
وفي ذات السياق، أعلن معرض أبوظبي الدولي للصيد والفروسية اختيار هيئة أبوظبي للتراث كشريك تراثي في فعاليات النسخة الثانية والعشرين من المعرض، وتقدم الهيئة تجربة تراثية غنية عبر جناح يضم منصات متنوعة، أبرزها ركن الأزياء التراثية الذي يعرض «المحزم» الرجالي و«السويعية» النسائية، تجسيداً لأصالة الزي الإماراتي وذوقه الرفيع. كما تُقدّم الهيئة منصة داعمة لرواد الأعمال الإماراتيين، تعرض من خلالها مشاريع مبتكرة مستوحاة من المحلية، خاصة منتجات النخيل والتمور التي تمزج بين التراث والقيمة الاقتصادية. كما يضم جناح الهيئة فعاليات بارزة مثل مهرجان الظفرة، الذي يُعرّف الزوار بتفاصيله عبر جولة افتراضية، مع إمكانية التسجيل للمشاركة، إلى جانب ركن خاص ببرنامج «شاعر المليون» الذي يستعرض مستجدات موسمه الثاني عشر.
فيما يحتفي الجناح بالمجلس الإماراتي التقليدي، الذي يجسد روح الضيافة وقيم «السنّع»، ويمنح الزوار تجربة تراثية متكاملة تجمع بين الأصالة والتصميم العصري.
وبهدف إشراك أجيال المستقبل، تنظم الهيئة أيضاً مجموعة من الفعاليات والأنشطة المصممة خصيصاً للأطفال، لتعريفهم بتراث الإمارات الأصيل، وتعزيز ارتباطهم به، وترسيخ مكانته في نفوسهم، وكذلك رفع مستوى الوعي لديهم بأهمية الحفاظ على البيئة وتحقيق الاستدامة، والحفاظ على الموارد الطبيعية.
«كأس دبي العالمي» يخطف الأنظار
يتصدر «كأس دبي العالمي» الأيقوني منصة نادي دبي لسباق الخيل في المعرض، حيث يجذب أنظار الزوار الذين يحرصون على التقاط صور تذكارية معه. وتكتمل أركان المنصة بحضور كل من «زعبيل للأعلاف» و«زعبيل بتس»، لتقديم صورة شاملة عن منظومة الفروسية المتكاملة التي يرعاها النادي. وعبر زوار المعرض عن إعجابهم الشديد بمحتويات المنصة، والتي تمنحهم لمحة عن التحضيرات والترقب لسباق كأس دبي العالمي المقبل، المقرر إقامته في مارس 2026. (وام)

ملحوظة: مضمون هذا الخبر تم كتابته بواسطة صحيفة الخليج ولا يعبر عن وجهة نظر مصر اليوم وانما تم نقله بمحتواه كما هو من صحيفة الخليج ونحن غير مسئولين عن محتوى الخبر والعهدة علي المصدر السابق ذكرة.

قد تقرأ أيضا