«الترند» أو الأكثر تداولاً وشيوعاً ورواجاً، من قول غير محسوب، أو سلعة وإن كانت لا تساوي شيئاً، أو خصوصيات تكشفت، أو حتى فضائح رفع عنها الستر، أضحى عنوان بعض ما يجري تداوله، لا سيما ما يأتي منه عبر مواقع التواصل.
والمؤسف تهافت الكثيرين على ذلك، في أي من مجالات الحياة، من دون التزام بواجب، أو اتباع المفيد، أو تقليد الإيجابي، بعيداً من الانجراف من دون حساب العواقب، أو التفكير في النتائج، أو حتى التقيد بالعادات والتقاليد، والقيم والأصول.
«الترند» أضحى هوساً لدى بعضهم، وجزءاً لا يتجزأ من حياتهم اليومية، وتحول، كما أكد المستشار القانوني سعيد الطاهر، إلى ظاهرة اجتماعية تؤثر في سلوكهم، وتعيد تشكيل طريقة تفكيرهم، وتفاعلهم مع القضايا من حولهم.
وقال «الترند» موضوع، أو حدث، أو سلوك، يلقى انتشاراً واسعاً في مدة قصيرة، وغالباً يجري تداوله بكثافة على مواقع التواصل، وقد يكون مرتبطاً بحادثة معينة، أو تحدٍّ ترفيهي، أو حتى ظاهرة ثقافية أو اجتماعية، وغيرها من الظواهر التي تتصدر المشهد الرقمي عالمياً.
ولا شك في أن حب الظهور، والبحث عن الشهرة السريعة عبر منصات التواصل، من أبرز أسباب هذا الهوس، حيث أضحى بعضهم يحرصون على تقليد «الترندات»، والمشاركة فيها من دون تفكير، فضلاً عن ذلك فلهذا الهوس آثار سلبية كثيرة، من أهمها نشر الشائعات، والمشاركة في تصرفات ضارّة قد تكون رائجة، وقد يُستخدم «الترند» لأغراض تجارية، لتحقيق الأرباح، والكسب السريع.
مسؤولية قانونية
وتابع الطاهر: من جانب آخر لا يمكن إنكار أن بعض «الترندات» تسهم في نشر الوعي، أو الترفيه المقبول، لكن المشكلة تكمن في أن الناس غالباً يتفاعلون بلا معرفة حقيقية عن أصل الموضوع المثار في حينه، لذلك من المهم أن نُميّز بين التفاعل العفوي، والتفاعل المدفوع بالهوس، أو ضغط المجتمع.
عدا ذلك فإن «الترند» ظاهرة تعكس ما يثار في المجتمع في حينه، ومن الضروري أن نتعامل معه بوعي ومسؤولية، وألّا نسمح له بأن يتحكم في سلوكنا، فليس كل ما هو رائج يستحق أن نتابعه ونتّبعه، من دون إدراك للتبعات السلبية، أو المسؤولية القانونية، التي قد تترتب على اتباعه دونما إدراك أو وعي، ومنها المسؤولية الجنائية، التي تتركز في نشر محتوى مسيء أو فاضح، والتحريض على الكراهية أو العنف، والتعدي على الخصوصية.
ووصل إلى القول: هناك مسؤولية قانونية مدنية لهذا الهوس، منها دفع تعويض مالي للمضرور، جراء نشر بعض المعلومات الخاصة عن الأفراد من دون علمهم، ما يؤدي إلى الإضرار بسمعتهم، أو نشر محتوى أدبي، أو رقمي محمي بحقوق النشر من دون أخذ موافقة صاحب المحتوى، بغية الشهرة عبر «الترند».
ليس جديداً
ويرى الخبير التقني د. عبيد المختن أن «الترند» أو الموضة الجديدة، في تقليد الآخرين ليست جديدة على المجتمعات، حيث كان التقليد سابقاً يعود لأمور محددة، من دون إساءة الأفراد بعضهم لبعض أولمجتمعهم، أما اليوم فأصبح بعضهم يرون التقليد سمة إيجابية، حيث يرون فيه مواكبة لما يجري في المجتمع.
وقال: مع انتشار مواقع التواصل، ظهرت موجة جديدة من التقليد للحصول على المشاهدات، وعلامات الإعجاب التي بدأت تستهوي بعضهم، لا سيما مع علمهم بالأرباح الطائلة التي قد يحققها الواحد منهم عبر حساباته على مواقع التواصل.
وبشكل عام هناك جانبان لظاهرة «الترند» وهما أن يعمل الفرد لنشر المعرفة، مع بحث الآخرين عنه إذا كان محتواه إيجابياً، في حين قد يسعى آخرون للتقليد، سواء لرقصة، أو لاقتناء شيء معين، أو بأداء مشاهد تمثيلية، وغيرها، ونشر ذلك بالتحديد على تطبيق «تيك توك»، لحصد المشاهدات الكثيرة.
حصد المشاهدات
وأضاف: نحن اليوم لا نقول للفرد لا تتوقف عن متابعة الناس، أوتقليد الآخرين، ولكن توقف عما يسيء إليك شخصياً، وإنسانياً، فبعضهم يقلد ما يسيء لإنسانيته بشكل عام، وبالفعل رأينا حوادث كثيرة منها اعتداء، وتعدّ على ممتلكات الآخرين، وغير ذلك، فيما كان السبب الأساسي فيها اللهاث وراء حصد مشاهدات.
لذا نشد على أيدي من يتمسكون بأن يكونوا «ترند» إيجابياً حميداً، بتقديم محتوى ثقافي، اجتماعي، علمي، تراثي، يهتم به الناس، ويتابعونه ويستفيدون منه. ونقول للأبناء إن بصمة الفرد تبقى في الإنترنت، ولا يستطيع حذفها أو تغييرها، لذا عليهم الالتزام بما ينشرونه، ويتبعونه، من دون التقليد الأعمى، حتى لا يعيب الواحد منهم يوماً أي فعل كان غير محسوب العواقب ارتكبه في صغره، وعليه الاحتياط والانتباه من اليوم، والالتزام بالمفيد والإيجابي فقط.
استخدام سلبي
وذهب الإعلامي د. عبد السلام الحمادي، إلى أنه على الرغم من الإيجابيات التي تحققت بفضل التقدم التقني، وانتشار وسائط الاتصال، ومواقع التواصل، التي أسهمت في نشر المعرفة، وتعزيز التواصل بين الأفراد والمجتمعات، هناك الاستخدام السلبي لهذه المواقع، ولهاث بعضهم وراء جمع المتابعين، وإشارات الإعجاب عبر «الترند»، الذي أصبح نوعاً من الهوس.
وقال: للأسف أضحى ذلك يسيطر على سلوك كثير من الباحثين عن الشهرة، الذين يقدمون على فعل أي شيء، والإتيان بأي سلوك، أو تصرفات مسيئة ومخجلة، تتنافى مع كل القيم والأعراف، والثوابت الأخلاقية بل والعرفية، والدينية إلى الدرجة التي يمكن معها تصنيفهم بالمرضى الذين ينشرون أوبئة التفاهة، والسقوط بين أفراد المجتمع.
تصدير الغوغاء
وواصل: هذا يتفق تماماً مع ما ذهب إليه مؤلف كتاب «نظام التفاهة» الذي كان أول من حذر من انحدار السلوك العام للمجتمعات، نتيجة انجراف الكثيرين وراء هذا الهوس، ما يسهم في تصدير الغوغاء، مع صعود الساقطين من قاع المجتمع، إلى مقدمته، على حساب أصحاب المواهب، والمبدعين الجادين.
وبالفعل أصبحنا نرى الكثير ممن يسعون وراء «الترند»، يرتكبون الكثير من السلوكيات المستهجنة، والأفعال المشينة، والتصرفات غير المسؤولة، التي تتنافى مع القيم، والأخلاق، والأعراف، والتقاليد المجتمعية، ما يستوجب محاربة هذه السلوكيات ومقاومتها، بنشر الوعي، والتواصل مع الشباب، وسنّ القوانين والتشريعات، التي تجرّم هذه السلوكيات، وتحول دون انعكاس تأثيراتها السلبية على الشباب والمجتمع، حيث يتعين على الصحف ووسائل الإعلام أن تضطلع بدور رئيسي في هذا المجال.
استراتيجية للانتشار
وطرح عبدالله بالعبد الكتبي، بعض الأسباب التي تجعل الناس ينجذبون إلى «الترند»، منها أن الإنسان بطبعه كائن اجتماعي يشعر بالحاجة إلى أن يكون جزءاً مما يتحدث عنه الجميع، مع الخوف من فوات الشيء، لذلك كثير من الناس يتابعونه، خوفاً من أن يفوتهم شيء مهم أو مثير، حتى وإن لم يكن ذا قيمة فعلية.
وقال: هناك من يلاحق «الترند» طمعاً في تحقيق الشهرة السريعة، ليصنع لنفسه حضوراً رقمياً، خصوصاً على مواقع التواصل، حيث أضحى «ركوب الترند» استراتيجية للوصول للانتشار السريع، وأحياناً يكون وسيلة تسلية بسبب الفراغ أو الملل.
ويتبلور الحل في التفكير النقدي قبل التفاعل من عدمه، مع كل ما هو «ترند» شائع، ولا بدّ أن يسأل المرء نفسه عما إذا كان المحتوى يستحق الانتباه، وما الغرض منه؟ ومن المستفيد؟
وشدد على أنه من الضرورة بمكان فلترة المحتوى الرقمي، ومتابعة حسابات تقدم محتوى مفيد ومتزن، مضيفاً: لا بدّ من تكثيف التوعية الإعلامية بذلك. كما أنه من المهم توجيه الشباب والأطفال عبر المدارس والمنصات التربوية إلى استخدام مواقع التواصل بوعي، وتطوير الذات، والانشغال بالمفيد، من دون الانجراف وراء الضجيج الرقمي.
ملحوظة: مضمون هذا الخبر تم كتابته بواسطة صحيفة الخليج ولا يعبر عن وجهة نظر مصر اليوم وانما تم نقله بمحتواه كما هو من صحيفة الخليج ونحن غير مسئولين عن محتوى الخبر والعهدة علي المصدر السابق ذكرة.