عرب وعالم / الامارات / الامارات اليوم

الأزمة الديموغرافية في تُهدّد تفوقها الاقتصادي

  • 1/2
  • 2/2

التحدي الأكبر الذي تواجهه حالياً ليس إدارة ترامب وحملتها لفصل أكبر اقتصادين في العالم، بل ينبع من الداخل، إذ تشهد الصين انخفاضاً سكانياً على نطاق وسرعة لم يشهدهما العالم من قبل.

وسيُحدث هذا موجات عارمة ستمتد إلى جميع أنحاء الصين والعالم، لعقود قادمة. وقد يُعرّض تأثير ذلك على معدل النمو طويل الأجل في الصين - مهمة بكين في أن تصبح قوة عالمية تُنافس الولايات المتحدة أو تحل محلها - للخطر. ومن المحتمل أن يؤثر النقص الهائل في العمالة على سلاسل توريد المنتجات، بما في ذلك الهواتف المحمولة، والسيارات الكهربائية.

وقالت رئيسة قسم اقتصادات آسيا في شركة الأبحاث «أكسفورد إيكونوميكس»، لويز لو: «يكاد يكون من المستحيل عكس اتجاه التراجع الديموغرافي». وقدّرت أن تَقلّص القوى العاملة في الصين قد يخفض نمو الناتج المحلي الإجمالي السنوي بنسبة 0.5%، خلال العقد المقبل.

وفي عام 1990، كان متوسط العمر في الصين 23.7 عاماً، وفقاً لبيانات الأمم المتحدة، وكان متوسط إنجاب المرأة الصينية 2.51 طفل، وهو أعلى بكثير من معدل الإحلال البالغ 2.1، اللازم للحفاظ على استقرار السكان.

ولكن بحلول عام ، تغيرت الصورة الديموغرافية بشكل كبير، وكان متوسط العمر 39.1، وكانت النساء يُنجبن طفلاً واحداً في المتوسط. وفي عام 2022، وفقاً لبيانات التعداد السكاني الصيني، بلغ عدد سكان الصين ذروته عند 1.4 مليار نسمة، أما الآن فهو آخذ في الانخفاض.

وتسير الصين الآن على مسار يُنذر بالخطر. وتتوقع الأمم المتحدة أنه في عام 2050، سينخفض عدد سكان الصين إلى 1.26 مليار نسمة، وسيزداد توزيع الأعمار سوءاً، وسيكون نحو 10% منهم دون سن 15 عاماً، ولكن نحو 40% سيكونون فوق سن الـ60.

وبحلول عام 2100، سينخفض عدد سكان الصين إلى أكثر من النصف ليصل إلى 633 مليون نسمة، وفقاً لتوقعات الأمم المتحدة. وسيكون 49 مليون شخص فقط، أو 7.8%، دون سن الـ15. وفي المقابل، سيكون نحو نصفهم، أي 52% فوق سن الـ60.

قيود الإنجاب

وتُعدّ تدابير ضبط السكان التي طبقتها الصين في سبعينات القرن الماضي، من الأسباب الجوهرية لمشكلات الصين الحالية. فقد أدت حملة حكومية لتأخير الزواج وإنجاب عدد أقل من الأطفال، وزيادة الفجوات بين الولادات، إلى انخفاض حاد في معدل المواليد في أوائل السبعينات.

لكن وسط مخاوف من أن سياسة «الزواج المتأخر» لم تكن كافية، فرضت الحكومة الصينية رسمياً قيوداً - على إنجاب معظم الآباء - بطفل واحد في عام 1979. وكثيراً ما لجأت السلطات إلى عمليات التعقيم القسري والإجهاض لتطبيق سياسة الطفل الواحد، وفرضت غرامات باهظة على المواليد الزائدين على الحد.

وأدى هذا النهج القاسي إلى نجاح سياسة الطفل الواحد. وانخفضت معدلات المواليد بشكل حاد، ما أجبر السلطات على تخفيف السياسة في عام 2015، والسماح للوالدين بإنجاب طفلين في عام 2016، ثم ثلاثة أطفال في عام 2021، لكن معدلات المواليد لم تنتعش، وشهدت انخفاضاً طفيفاً بعد الجائحة في عام 2024. وفي الواقع، ومع رفع تدابير تحديد النسل، انخفض معدل المواليد بشكل أكبر، من 1.77 طفل لكل امرأة في عام 2016، إلى 1.12 في عام 2021. وانخفض معدل الخصوبة في الصين بشكل حاد في السنوات الأخيرة.

وربما يكون هذا الانخفاض في الإحصاءات انعكاساً لارتفاع كلفة تربية الطفل في الصين، والتي يبلغ متوسطها نحو 74 ألفاً و963 دولاراً، بما في ذلك الطعام والتأمين الصحي والرسوم الدراسية منذ الولادة إلى التخرج في الكلية، وفقاً لتقرير صادر عن معهد «يووا» لأبحاث السكان، ومقره بكين، والكلفة أعلى من ذلك في المدن الكبرى، إذ تبلغ كلفة تربية طفل في شنغهاي أكثر من 140 ألف دولار.

وتُنفق الحكومة الصينية الآن أموالاً طائلة على المشكلة، لكن قد يكون ذلك قليل ومتأخر جداً. وفي الشهر الماضي، كشفت بكين عن دعم جديد بقيمة 500 دولار أميركي سنوياً تقريباً للسنوات الثلاث الأولى من حياة الطفل. وأشار بعض المعلقين على مواقع التواصل الاجتماعي، إلى أنهم سيفكرون في إنجاب مزيد من الأطفال إذا كان الدعم أكبر بـ10 أضعاف مما يُقدّم.

تغيير المسار

وفي محاولة لتغيير مسار معدل المواليد، تسعى الحكومة الصينية إلى إقناع الجيل الجديد - الذي يزداد تشككاً - بالزواج. وفي عام 2024، لم يسجل سوى 6.1 ملايين صيني للزواج، أي أقل من نصف عدد من تزوجوا عام 2013، والبالغ 13.5 مليوناً، وفقاً لوزارة الشؤون المدنية الصينية. وتُعدّ معدلات الزواج مؤشراً جيداً لمعدلات المواليد المستقبلية، نظراً لأن جميع الأطفال الصينيين تقريباً يولدون لوالدين متزوجين رسمياً.

وقال الشاب الصيني، يان: «الزواج وإنجاب الأطفال ومواصلة النسل العائلي ليست مسؤوليات أو التزامات يجب على الجميع الوفاء بها. ونحن نعيش لبضعة عقود فقط في هذا العالم، وعلينا قضاء مزيد من الوقت في الاستمتاع به»، مضيفاً أنه سيستخدم بعضاً من وقت فراغه لرعاية والديه المسنين.

ولا يقتصر الأمر على انخفاض عدد المواليد الجدد، بل إن كبار السن الصينيين يبقون لفترة أطول.

ويشهد متوسط العمر المتوقع في الصين ارتفاعاً ملحوظاً، ومن المتوقع أن يتضاعف عدد كبار السن خلال 30 عاماً المقبلة. وستُشكل شيخوخة السكان في الصين ضغطاً غير مسبوق على نظام التقاعد في البلاد، الذي يُموَّل إلى حد كبير من عائدات دافعي الضرائب. وبحلول عام 2100، وفقاً للأمم المتحدة، سيكون عدد الأشخاص خارج القوى العاملة أكبر من عددهم داخلها. عن «واشنطن بوست»


انخفاض حاد

تمتعت الصين لعقود بدور «مصنع العالم»، مستفيدة من قوتها العاملة الهائلة لتصنيع السلع بأسعار رخيصة وبسرعة. ومع الانخفاض الحاد بعدد الأشخاص في سن العمل في الصين، فقد تكون تلك الحقبة على وشك الانتهاء الآن.

وقالت رئيسة قسم اقتصادات آسيا في شركة الأبحاث «أكسفورد إيكونوميكس»، لويز لو: «تُشكّل التصنيعية للصين حالياً 30% من الإجمالي العالمي، لكن سيتعين على هذه النسبة الانخفاض، لأن الصين لن تتمتع بإنتاجية عمل كافية»، وأضافت: «إن انهيار الطاقة التصنيعية للصين أمر لا مفرّ منه».

إنها ليست مجرد مسألة أرقام، بل مسألة مواقف أيضاً. وأضافت لو: «لقد أصبح من الممكن للصين أن تكون مصنع العالم في المقام الأول، من خلال الجيل الذي وُلد بين عامي 1960 و1980»، متابعة: «كان هؤلاء الناس على استعداد تام للعمل في المصانع والتصنيع، أما الآن فالأجيال الشابة - ببساطة - لا ترغب في العمل بالمصانع».

• تُعدّ تدابير ضبط السكان التي طبقتها الصين في سبعينات القرن الماضي، من الأسباب الجوهرية لمشكلات الصين الحالية.

• الصين تشهد انخفاضاً سكانياً على نطاق وسرعة لم يشهدهما العالم من قبل.

• تسير الصين الآن على مسار يُنذر بالخطر، وتتوقع الأمم المتحدة أنه في عام 2050، سينخفض عدد سكان الصين إلى 1.26 مليار نسمة.

تابعوا آخر أخبارنا المحلية والرياضية وآخر المستجدات السياسية والإقتصادية عبر Google news

تويتر لينكدين Pin Interest Whats App

ملحوظة: مضمون هذا الخبر تم كتابته بواسطة الامارات اليوم ولا يعبر عن وجهة نظر مصر اليوم وانما تم نقله بمحتواه كما هو من الامارات اليوم ونحن غير مسئولين عن محتوى الخبر والعهدة علي المصدر السابق ذكرة.

قد تقرأ أيضا