ملاحظة: هذه المراجعة خالية من الحرق للموسم الخامس والأخير من . لكنها تحتوي على حرق من المواسم السابقة.
أحببت مسلسل YOU. هذا العمل الدرامي الذي جعلنا نقع في غرام قاتل متسلسل بطريقة لم نكن نتوقعها، ونجح في مفاجأتي مع كل موسم جديد رغم أنني كنت أظن في نهاية كل موسم أن القصة وصلت لنقطة النهاية المثالية. بدأت أشعر بذلك منذ الموسم الثاني، الذي قدّم نهاية ممتازة لمسار شخصية جو غولدبرغ (بين بادجلي)، حين اكتشف أن المرأة التي أحبها، لوف (فيكتوريا بيدريتي)، هي قاتلة أكثر جنوناً منه. كانت نهاية صادمة ومذهلة جعلت القصة تبدو مكتملة، وكأنها لا تحتاج للاستمرار. لكن... نتفليكس قررت تجديده لموسم ثالث.
ثم جاء الموسم الثالث، وانتهى هو الآخر بنهاية جيدة جداً، بدا معها وكأن المسلسل قال كل ما لديه. جو يتزوج قاتلة أخرى تعكس كل ما يكرهه في نفسه، ويُجبر على العيش معها في ريف هادئ وسط حياة عائلية مثالية ظاهرياً، تمثل نوعاً من العقوبة المثالية له. تلك الخاتمة، خاصة مع لقطة النهاية التي يلمّح فيها لوقوعه في حب فتاة جديدة، أكدت أن جو لن يتغير أبداً، وكانت بمثابة ختام رائع جديد.
لكن مجدداً... قررت نتفليكس الاستمرار، وهذه المرة انتقلنا بالموسم الرابع إلى لندن، في قالب جديد ومختلف. وكان هذا الموسم ممتعاً بدوره، مع تقديم قصة يحاول فيها جو حل لغز جريمة قتل والتغير للأفضل ونهاية صادمة جعلتني أعطي الموسم الرابع تقييماً جيداً جداً، حيث يتبين أن جميع جرائم القتل التي يبحث جو عن مرتبكها كانت في الواقع من تنفيذه هو، مع تطور حالته الذهانية إلى انفصام شخصية خلال محاولته الصادقة للتغير، حيث انفصلت شخصيته المظلمة تماماً عن شخصيته الرومانسية والحالمة لتترك لها مجالاً للتطور من دون التوقف عن القتل. كانت أيضاً تلك نهاية مثالية للمسلسل لو أنه توقف هنا.
لكن... ومرة أخرى... أصرت نتفليكس على الاستمرار بالمسلسل لموسم خامس مع إعطائه خاتمة أخرى، قد تكون جيدة بحد ذاتها لمسار الشخصية، لكنه لم يصل لمستوى المواسم السابقة. ففي حين قدم كل موسم سابق شيئاً ميزه عن المواسم الأخرى مما جعلني أتقبل سلبياته مقارنة بإيجابياته، إلا أن هذا الموسم لا يقدم أي شيء جديد. بل يعود إلى جذور جو غولدبرغ القديم نفسه بنفس الأسلوب ونفس الحوارات ونفس الضحايا، مما يجعله أقل بكثير من مواسمه السابقة.
وما أريد التشديد عليه هنا هو كلمة "جو غولدبرغ القديم"، فبعد 4 مواسم من الأحداث والتطورات التي تعرضت لها الشخصية، يعود جو إلى شخصيته السابقة، كما لو أن تطوره النفسي العميق والانفصام الذي حدث له لم يكن يوماً. ربما لست خبيرة نفسية وليست لدي خلفية علمية حول اضطراب تعدد الشخصيات، لكن ببحث سريع على غوغل عرفت أن الفصام لا يُشفى تماماً، لكن المعالجة النفسية والعقاقير ممكن أن تخفف الأعراض. وفي حين أننا بالطبع لا نتابع المسلسل من باب الواقعية العلمية، إلا أنه لم يكن يجدر بالمسلسل أن يُدخل مسألة الفصام لو كان سيتخلى عنها ببساطة بالموسم التالي كما لو أنها لم تحدث، كنت أتمنى على الأقل لو أنه قال خلال ملخص السنوات الثلاث السابقة أنه خضع للعلاج مثلاً أو أنه يتناول أية أنواع أدوية، لكنه لم يفعل، وكأن كل ما سبق لم يكن.
على أي حال، دعونا نترك هذه النقطة جانباً ونتحدث عن الموسم ككل. ومن الجيد أن نتفليكس أصدرت الموسم دفعة واحدة بدلاً من تقسيمه. تبدأ الأحداث بعد 3 سنوات، حيث يخبرنا جو بصوته الداخلي المعتاد أنه عاد إلى نيويورك برفقة زوجته كيت مستخدماً اسمه الفعلي، مع مسح كل جرائمه السابقة بفضل أموال عائلة زوجته، لكنه يمتاز الآن بشخصية جديدة كلياً لدرجة تم وصفه "بالأمير الساحر"، يظهر على أغلفة المجلات مع الكثير من المعجبات. إنه مثال للزوج المثالي الذي تتمناه كل امرأة، دون أن ننسى أنه استرد ابنه أيضاً. كل شيء يبدو مثالياً في حياة جو، لكن بالطبع... الجانب المظلم منه لا يستطيع أن يختبئ طويلاً.
ينقسم الموسم إلى قسمين واضحين: يتعثر نصفه الأول بوتيرته ويسير ببطء بعض الشيء، لكنه يحتوي على ما يكفي من الأحداث المثيرة لشد المشاهدين، أما النصف الثاني فينطلق بسرعة بعد نهاية صادمة في الحلقة الخامسة تغيّر مسار القصة كلياً. هناك بعض التصرفات التي لا تبدو منطقية من بعض الشخصيات خلال ذلك، والتي لا أريد التحدث عنها تفادياً للحرق، لكن كنت أنتظر رؤية إبداع أكبر في صدم المشاهدين كما توقعنا من المسلسل سابقاً، إلا أن ذلك لا يحدث كثيراً. لكن لا يعني هذا أن الموسم بلا إيجابيات، حيث أن كل العناصر التي جعلتنا نقع في غرام هذا القاتل المتسلسل وحواراته الداخلية حاضرة: أجواء نيويورك، ومكتبة موني، والقفص الزجاجي الشهير، وامرأة جديدة يشعر بالهوس نحوها، مع جرائم قتل رهيبة، وبعض الأحداث غير المتوقعة التي تعطي الموسم بضعة جرعات من الإثارة والتوتر التي تساعد في دفع عجلة الموسم للأمام. مع تقديم شخصيات جديدة أبرزها بالطبع الفتاة الجديدة في حياة جو: برونتي (مادلين بريور) التي تقدم أداءً منعشاً، وشقيقتا كيت التوأم ريغان ومادي (آنا كامب) اللتان تضفيان أجواءً ديناميكية على الموسم، وشقيقهم غير الشرعي تيدي (غريفين ماثيوز) الذي لا يقدم الكثير للقصة، بالإضافة إلى هنري (فرانكي ديمايو) ابن جو، وغيرهم الكثير.
أكثر ما يميز YOU هو أنه يخلق هذا التناقض داخلنا: فقد تعلقنا بشخصية جو ولا نريد أن نراه يتعرض للكشف أو الاعتقال، لكن في نفس الوقت أخلاقياتنا تجعلنا نشعر أنه يجب أن يدفع ثمن كل ما فعله، وهذه أحد نقاط قوة المسلسل، أنه تمت كتابة الشخصية بقوة تجعلنا نقع في غرامها رغم كل عيوبها. وأحد الجوانب التي ينجح بها هذا الموسم هي تحطيم هذا التعاطف تدريجياً وخاصة بالحلقة الأخيرة، ربما ما ساهم في ذلك هو إضافة الحوار الداخلي لشخصية برونتي مما يجعلنا نشعر لأول مرة بما تفكر به الضحية. رأينا هذا الأسلوب بالمواسم السابقة مثل حلقة خاصة كاملة من وجهة نظر بيك بالموسم الأول، لكنا ربما كان وقعها هنا أقوى لأنها كانت خلال لحظات حاسمة. بالإضافة إلى مشهد قتالي تم تصويره بشكل رائع أضاف شعوراً كبيراً من التوتر على اللحظات الأخيرة من الموسم.
يجيب الموسم الأخير عن بعض الأسئلة العميقة: هل يمكن للقاتل أن يتغير حقاً؟ هل الظروف الصعبة تبرر القتل؟ هل ما يفعله جو هو نتيجة لكره دفين للنساء نتيجة لعلاقته بأمه مختبئاً خلف قناع الحب الذي يفتقده؟ ويسلط الضوء أيضاً على قضايا أخلاقية مثل التواطؤ والأخلاق والهوس بالآخرين. كلها تعطي كشوفات جيدة، ورغم أن الإجابات جاءت متأخرة بعض الشيء، إلا أنها تبقى مرضية.
ما يميز الموسم عن بقية المواسم بطبيعة الحال هو أنه بمثابة "خاتمة" لكل ما سبق، لذا نرى عودة شخصيات من ماضي جو، سواء عودة فعلية أو في لقطات فلاش باك أو ربما من خلال الحديث عنها، لتحصل قصة كل منها على خاتمتها، لكن للأسف غابت شخصية إيلي التي تؤديها جينا أورتيغا التي كنت أتمنى لو عرفنا أين آل بها المآل في نهاية المطاف. بالإضافة إلى أنه كانت هناك بعض اللحظات المرضية عندما رأينا تأثير ما فعله جو على الأشخاص الذين اتهموا بالجرائم التي ارتكبها هو والعبء الذي تحمّلوه هم وعائلاتهم وأصدقائهم. كل ذلك أعطى شعوراً من الرضى نوعاً ما لإكمال قصص كانت معلقة بالمواسم السابقة.
ومن ناحية أخرى، يُقدّم بن بادجلي أداءً ربما يكون الأفضل له حتى الآن، حيث ينتقل بين السحر والبكاء والندم والتهديد والانغماس المتزايد بالوهم فيما يمكن اعتباره أداءً متنوعاً ومتقلباً أقرب شيء للفصام الذي افتقر له هذا الموسم، مما يؤكد أنه أحد أعمدة نجاح هذا العمل، ويمكنني القول أن بادجلي هو من جعلني أقع في غرام المسلسل وأستمر معه حتى النهاية بلا تردد، وربما محبتي للمسلسل هي التي جعلتني قاسية على موسمه الأخير لأنني أستطيع أن أرى فيه إمكانيات غير مستغلة، خاصة من كتّاب أبدعوا في المواسم السابقة.
في نهاية المطاف، يمكن القول أن المسلسل يقدم مزيجاً من التشويق، والإيقاع غير المتوازن، والتعليقات اللاذعة، وخاتمة مناسبة ومرضية للشخصية، إلا أن طريق الوصول إليها لم يكن بمستوى المواسم السابقة. لكن بالنظر ككل إلى رحلتنا مع جو غولدبرغ، لا يمكنني إلا أن أقول بأنني استمتعت جداً بهذه الرحلة على مدار السنوات السبع الماضية، وسيبقى YOU واحداً من أبرز تجارب نتفليكس التي سأوصي بها دائماً.
في نهاية هذه الرحلة الطويلة مع جو غولدبرغ، يمكن القول إن الموسم الأخير من YOU قد لا يكون الأفضل بين مواسمه، لكنه يظل خاتمة جيدة لمسار شخصية كتبت بطريقة مميزة وجعلتنا نحبها رغم كل عيوبها. ورغم التكرار وبعض الثغرات، فإن العمل حافظ على هويته وروحه وقدم لحظات مؤثرة. وإذا كان الوصول إلى النهاية لم يكن بالسلاسة أو القوة التي كنا نأملها، إلا أن النهاية بحد ذاتها تترك أثراً مرضياً يجعل الموسم يستحق المتابعة، ويجعل من YOU تجربة درامية ستظل مميزة في ذاكرة جمهور نتفليكس.
ملحوظة: مضمون هذا الخبر تم كتابته بواسطة IGN ولا يعبر عن وجهة نظر مصر اليوم وانما تم نقله بمحتواه كما هو من IGN ونحن غير مسئولين عن محتوى الخبر والعهدة علي المصدر السابق ذكرة.