تُعد لعبة الشيش من الألعاب اللوحية الكلاسيكية التي تحظى بشعبية واسعة في العديد من المجتمعات العربية، لا سيما في الجلسات العائلية أو التجمعات الودية. يُطلق عليها أحيانًا اسم “لعبة السجن”، لما تحتويه من عناصر تعبيرية تحاكي الحجز والتحرير، وهي تشبه إلى حد كبير لعبة لودو لكنها تتميز بطابع تنافسي أكثر حدة وتعقيدًا في الحركة والتحكم.
في هذا الدليل، سنأخذك في جولة داخل تفاصيل اللعبة: من مكوّناتها الأساسية، مرورًا بالقوانين الحاسمة، وصولًا إلى أبرز الاستراتيجيات التي يعتمدها اللاعبون المهرة للفوز.

مكوّنات اللوحة ومبدأ اللعب
تتكوّن لوحة الشيش من قطعة كرتونية مربّعة مُقسّمة إلى أربعة مربّعات صغيرة، يمثل كل منها منطقة مخصصة لأحد اللاعبين، ويحيط بكل منطقة أربعة أعمدة جانبية. تُقسم هذه الأعمدة إلى 11 مربعًا متسلسلًا، الطرفان منها يحملان عبارة “أمان”، بينما تسعة مربعات وسطية تكون مرقمة من 1 إلى 9.
في كل زاوية من زوايا اللوحة توجد كلمة “سجن”، وهو مكان انطلاق قطع اللعب. أما مركز اللوحة فيحمل كلمة “مبروك”، ويُعتبر نقطة الوصول النهائي، أي “منطقة الفوز”.
كل لاعب يبدأ بأربع قطع تمثله داخل السجن، ويتم تحريكها باستخدام حجرَي نرد، في محاولة للوصول بها إلى مركز اللوحة دون أن يتم إرجاعها إلى السجن من قبل الخصوم.
قوانين اللعبة الأساسية
لكي تتقن لعبة الشيش، من الضروري فهم القوانين الدقيقة التي تضبطها:
- الانطلاق من السجن: لا يمكن تحريك القطعة من السجن إلا إذا حصل اللاعب على الرقم 6 في أحد حجري النرد. إذا تحقق ذلك، تنتقل القطعة من السجن إلى أول مربع في العمود الجانبي.
- أكل الخصم: عندما يكون الخصم على بُعد عدد من الخطوات (مثلاً 4 خطوات)، ورمى اللاعب حجري النرد فظهر 4 و2، فإنه يمكنه تحريك قطعة لمسافة 4 خطوات وإرجاع الخصم إلى السجن. يُمنع تحريك القطعة التي أرجعت الخصم، بل يتم تحريك قطعة أخرى.
- مناطق الأمان: لا يمكن أكل الخصم إذا كان في مربعات “الأمان” أو على المسارات المؤدية مباشرةً إلى مركز الفوز. هذه المناطق تمنح حماية مؤقتة.
- التحرك بعد الرمية: يمكن تحريك قطعتين مختلفتين في كل مرة بناءً على مجموع النردين، أو تحريك قطعة واحدة بجمع الرقمين. يُمنع إعادة أي دبوس (قطعة) إلى موقعه إذا تحرّك، حتى ولو بخطوة واحدة.
- عدم الرجوع: إذا تجاوز اللاعب نقطة الدخول إلى المسار المؤدي إلى الفوز، فلا يمكن العودة للخلف بأي شكل، ويضطر للالتفاف من جديد حول اللوحة.
- النرد خارج اللوحة: إذا خرج أحد حجري النرد من منطقة اللعب عند الرمية، تُلغى الدورة فورًا ويُمنع إعادة المحاولة.
- التشارك بعد الفوز: إذا فاز لاعب ووصل بأربع قطع إلى مركز اللوحة، يمكنه المشاركة بتحريك قطع لاعب آخر إذا حصل على الرقم 6، ليتم تحريك القطع بشكل جماعي.
- الاختيار الإجباري: إذا كان لدى اللاعب ثلاث قطع في المركز وواحدة في المسار، وظهر في الرمية رقمان لا يسمحان بدخول القطعة الرابعة، يكون عليه تحريكها بأكبر رقم متاح.
استراتيجيات الفوز واللعب الذكي
لعبة الشيش لا تعتمد فقط على الحظ، بل تتطلب ذكاءً في الإدارة والتخطيط. إليك أبرز الاستراتيجيات التي يستخدمها اللاعبون المحترفون:
1. تنظيم توزيع القطع
لا تقم بإخراج جميع قطعك دفعة واحدة؛ ركّز على قطعتين على الأقل ووزّع تحركاتك بحيث لا تكون جميعها في موقع خطر.
2. مراقبة الخصوم
تابع تحركات اللاعبين الآخرين بعناية، وخطّط لاصطياد قطعهم عند الفرصة المناسبة، خاصة تلك المقتربة من الفوز.
3. استخدام الأمان بذكاء
اجعل مربعات “الأمان” نقاط توقف استراتيجية قبل التحرك، ويمكنك البقاء فيها حتى تظهر فرصة هجومية أو رقم مناسب.
4. إدارة الأدوار الإضافية
عندما يظهر الرقم 6، يمكنك الاستفادة منه لإخراج قطعة أو إعادة الرمية أو التحرك مباشرة، لكن عليك حساب كل خطوة بحكمة.
5. الاختيار المحسوب
في حالات معينة يكون القرار بين تحريك قطعة جاهزة للفوز أو أخرى في وضع خطر. اختر دائمًا ما يحفظ التوازن بين التقدم والهجوم.
جوانب تميّز اللعبة
لعبة الشيش تحمل عناصر تعليمية وتفاعلية:
- تنمّي مهارات الحساب الذهني.
- تعزّز روح التعاون والتنافس.
- تحتوي على قواعد تُعلّم احترام الدور والقرارات الجماعية.
ولذلك، فهي ليست مجرد وسيلة ترفيه، بل تجربة اجتماعية وفكرية تستحق وقتك.
ما هو تاريخ لعبة الشيش وأصلها؟
لعبة الشيش لها تاريخ طويل ومثير، يمتد عبر آلاف السنين، وتُعد من أقدم ألعاب الطاولة التي عرفها الإنسان. إليك نظرة موسّعة على أصلها وتطورها عبر العصور:
الأصل التاريخي للعبة الشيش
- يُعتقد أن لعبة الشيش تعود إلى أكثر من 5000 سنة، حيث ظهرت أولى أشكالها في منطقة بلاد ما بين النهرين (العراق حاليًا)، ضمن مجموعة ألعاب تُعرف باسم “ألعاب الطاولة”.
- في مقبرة ملكية سومرية، اكتشف عالم الآثار السير ليونارد وولي لوحًا خشبيًا مزخرفًا يشبه شكل لوح الشيش الحديث، وكان مزينًا بالموزاييك والصدف والعظام.
- لاحقًا، تم العثور على ألواح مشابهة في مناطق أخرى من بلاد الرافدين، بعضها أقل زخرفة، لكنها احتوت على أحجار نرد وقطع لعب، مما يدل على وجود نظام لعب متكامل.
الشيش في الحضارات القديمة
- في مصر القديمة، وُجدت ألواح لعب وأحجار نرد داخل الأهرامات، مما يشير إلى أن الفراعنة كانوا يمارسون نسخًا من اللعبة، ربما كانت أساسًا للشيش الحديث.
- في روما القديمة، انتشرت لعبة مشابهة تُعرف باسم Ludus duidecum sciptorum، وكان الرومان مولعين بها لدرجة أنهم خصصوا طاولات خاصة للعبها في منازلهم.
- في الهند القديمة، ظهرت لعبة تُدعى باتشيسي، وهي لعبة لوحية تعتمد على النرد والحركة، ويُعتقد أنها أثّرت في تطور الشيش ولودو لاحقًا.
انتشار اللعبة وتطورها
- بعد سقوط الإمبراطورية الرومانية، اختفت اللعبة لفترة، لكنها عادت للظهور في أوروبا خلال الحملات الصليبية، حيث انتقلت من العرب إلى الأوروبيين، وارتبطت بالفرسان والنبلاء.
- في العصور الوسطى، كانت تُلعب لأغراض التسلية أو المقامرة، مما دفع الكنيسة إلى تحريمها لفترة.
- بحلول القرن الثالث عشر، أصبحت اللعبة شائعة بين عامة الناس، وتطورت تدريجيًا إلى الشكل المعروف اليوم في العالم العربي باسم “الشيش”.
هل الشيش نسخة من لعبة أخرى؟
- هناك من يرى أن الشيش هي تطوّر مباشر من لعبة باتشيسي الهندية، أو من لعبة Backgammon الغربية، لكن شكلها الحالي يحمل طابعًا خاصًا في الثقافة العربية، خصوصًا في منطقة الخليج والشام.
- بعض النسخ الحديثة من اللعبة تُعرف باسم “الشيش بيش”، وتُلعب على لوح مستطيل يشبه طاولة الزهر، مما يدل على تداخل بين عدة أنماط تاريخية.
خلاصة
لعبة الشيش ليست مجرد تسلية، بل هي امتداد لتاريخ طويل من التفاعل البشري مع الألعاب، من القصور الملكية إلى المقاهي الشعبية. تطورت عبر الحضارات، وتحوّلت من لعبة نخبوية إلى تجربة جماعية تُمارس في الجلسات العائلية والمنافسات الودية.
هل ترغب أن أعد لك فقرة افتتاحية بأسلوب سينمائي أو ترويجي لتاريخ اللعبة؟ أو ربما مقارنة بين الشيش ولودو من حيث الأصل والأسلوب؟ أنا جاهز دائمًا للإبداع معك.

كاتب
محب للألعاب منذ الصغر، وشغوف بمتابعة آخر أخبارها ومستجدات الصناعةـ والكتابة حولها واحدة من أكثر الأشياء التي استمتع بها طوال الوقت.
ملحوظة: مضمون هذا الخبر تم كتابته بواسطة سعودي جيمر ولا يعبر عن وجهة نظر مصر اليوم وانما تم نقله بمحتواه كما هو من سعودي جيمر ونحن غير مسئولين عن محتوى الخبر والعهدة علي المصدر السابق ذكرة.