عرب وعالم / السعودية / عكاظ

نمر آسيا القادم !

بصفر ديون، وصفر عقوبات، وصفر قيود تجارية، تبدأ مشوارها لتكون أحد نمور غرب آسيا بجانب وقطر والإمارات وقريباً التي بدأت أولى خطوات النهضة، بإصلاح البيت الداخلي، وسنراها قريباً تنافس بقوة بجانب شقيقاتها الخليجيات.

ولعل سوريا الجديدة ستكون الدولة الوحيدة من خارج المنظومة الخليجية القادرة على الانضمام للدول الناهضة اقتصادياً وتجارياً، في هذا الإقليم المليء بالدول الفاشلة والمتراجعة.

ليس لأن الدول الخليجية تريد أن تجامل سوريا الجديدة، ولا لأنها ستمدها بمساعدات مالية تستخدمها كمسكنات، بل لأن سوريا مؤهلة بالفعل أن تنجح، فلديها الرغبة والإمكانات والتاريخ التجاري والصناعي، والإنسان السوري الذي يضع بصمته حيثما حل، ويرفع من قيمة المكان الذي يعمل فيه، وهو ما حصل في دول المهجر التي وصل إليها مضطراً قبل عقدين من الآن، بل وحتى إبان هجراته القديمة قبل نحو 150 عاماً إلى أمريكا الجنوبية.

ولعلنا نتذكر أولاً كيف نشأت «نمور آسيا»، بالكثير من العمل وفتح الاستثمارات أمام الأموال القادمة من الخارج، وضمان حرية التجارة، وهو مسمى أطلق على مجموعة من الدول الآسيوية التي شهدت نمواً اقتصادياً سريعاً في النصف الثاني من القرن العشرين، وهي «كوريا الجنوبية، وتايوان، وهونج كونج، وسنغافورة».

سوريا تشبه تلك الدول كثيراً، فهي تمتلك الكثير من المقومات التي يمكن أن تساعدها في تحقيق نمو اقتصادي لافت، ولكن في المقابل هناك أيضاً تحديات كبيرة، عليها تجاوزها، والأهم عدم الانجرار للأفكار الاقتصادية البالية التي وقعت فيها بعض الدول، من الطمع في المستثمرين، وحرمانهم من إخراج أموالهم، وتحويل الاستثمار إلى فخ بدلاً من جائزة يستفيد منها الطرفان، وهو ما دفع المستثمرين والأموال الساخنة إلى الهرب والانتقال إلى محاضن استثمارية آمنة.

سوريا تمتلك موارد طبيعية غنية، مثل النفط والغاز الطبيعي، وهناك مؤشرات على أن شواطئها على البحر الأبيض المتوسط تملك مخزوناً هاماً من الغاز، كذلك موقع سوريا الجغرافي الإستراتيجي سيمكّنها من أن تكون مركزاً للتجارة والاستثمار في المنطقة، ومنطقة لوجستية مهمة بين العالم العربي وأوروبا، كذلك لدى السوريين تاريخ اقتصادي غني بدأ منذ رحلة (الإيلاف) القرشية، مما يمكّنها من الاستفادة من الخبرة والمهارات المتراكمة طوال أكثر من 1500 عام.

بالطبع لدى سوريا الكثير من التحديات أمام تحقيق نمو اقتصادي، خاصة ترسيخ الاستقرار السياسي والأمن في جميع أنحاء البلاد، وإعادة إعمار البنية التحتية وتطويرها، فقد أبقى النظام السابق سوريا معزولة عن العالم، ما حرمها من البنية التحتية التقليدية، وكذلك من التكنولوجيا الرقمية والتقنيات الحديثة.

بلا شك أن سوريا هي الدولة العربية من خارج دول الخليج الأكثر تأهيلاً لكي تستقطب الاستثمارات والأموال الخليجية والأجنبية، وهي الأقدر على تعظيم عوائد الاستثمار، ولعل أهم نصيحة يمكن أن توجه للسوريين اليوم هي حرية انتقال الأموال من وإلى سوريا، والسماح بإخراج عوائد الاستثمار، والاستفادة من أخطاء دول لا تزال تحتجز أموال المستثمرين، وهو ما حرمها وسيحرمها من إعادة تجارب الاستثمار المريرة فيها.

إن بلداً مثل سوريا تمتلك شواطئ نادرة وجبالاً خلابة -ستكون ريفيرا العرب- على البحر الأبيض المتوسط إذا وظفت كما إيطاليا وفرنسا، ولديها عقول سورية خلاقة ومبدعة ومتعلمة تفخر بتراثها العربي العريق الذي لا تريد الانفصال عنه، وأيدٍ عاملة دؤوبة ونشيطة تحترم النظام وتلتزم به، وأرض الصناعة العربية، ومركز كبير للنشاط التجاري واللوجستي، ومقصد سياحي رئيسي، ومركز عقاري كبير، ستكون بلا شك نمر غرب آسيا القادم.

أخبار ذات صلة

 

ملحوظة: مضمون هذا الخبر تم كتابته بواسطة عكاظ ولا يعبر عن وجهة نظر مصر اليوم وانما تم نقله بمحتواه كما هو من عكاظ ونحن غير مسئولين عن محتوى الخبر والعهدة علي المصدر السابق ذكرة.

قد تقرأ أيضا