عرب وعالم / السعودية / عكاظ

حين تصبح الألفة خطراً خفياً

هل ما نؤمن به اليوم هو ما اخترناه حقاً؟..

في عالم يضجّ بالمؤثرات؛ لم يعد التفكير بالمستقل بديهياً، بل معركة يومية.. نعيش زمناً تتداخل فيه الأصوات، وتُعاد فيه صياغة القناعات وتسويقها كحقائق.. نظن أننا أحرار في آرائنا، لكن كثيراً مما نحمله ليس نتاج اختيار واعٍ، بل تأثيرات تسللت إلينا دون أن نشعر.

كم فكرة آمنت بها لمجرد أنها تكررت؟ وكم مبدأ تخليت عنه لأنه لم يعد رائجاً؟..

غالباً؛ تبدو الأمور طبيعية، فقط لأننا اعتدناها وتعايشنا معها، فالبشر بطبعهم يتأثرون بما يحيط بهم، سواء أكان ذلك من كتاب، أو محمول، أو ، أو سلوك عابر، لكن في حاضرنا؛ أصبحت المؤثرات أكثر خفاءً، وأشدّ تأثيراً، تتسلل إلى وعينا بهدوء، وتُحدث فينا تغيّراً لا نلاحظه، لكنه يبدل نظرتنا للحياة مع الوقت.

المعضلة ليست في التأثّر، بل في غياب الوعي به، وهنا يظهر ما يُعرف بـ«مبدأ الألفة»؛ تكرار الفكرة أو السلوك حتى تألفه النفس وتقبله، وإن كان في جوهره خاطئاً. وهذا ما يجعل الألفة خطيرة؛ فهي تكرّس الزيف حتى يبدو طبيعياً. مثلاً؛ عندما ينتشر وباء ويُصاب به أغلب الناس، قد يتوقف البعض عن ، ليس لأن الخطر زال، بل لأنه أصبح مألوفاً. وهكذا تصاب القلوب أيضاً، فتألف الذنب تدريجياً، حتى لا يعود يُرى كذنب إلا لمن أراد أن يبصر الحقيقة بصدق.

ومع كثرة معارضة آرائنا، نميل -دون وعي- إلى قبول ما كنا نرفضه، فقط لأننا ألفناه. وبتكرار هذا النمط، تتشكل شخصية مهزوزة، تتبنّى ما لا يُشبهها، وترفض ما لم تُفكّر فيه أصلاً. وهكذا يفقد الإنسان بوصلته شيئاً فشيئاً، ويذوب في محيطه، فيتغير بتغير الآخرين، ويعيش حياة لا تُشبهه.

لسنا محصّنين من التغيّر، لكننا مسؤولون عن وعيه. ففي زمنٍ يُغلف الزيف بالمألوف، ويُروَّج الباطل حتى يبدو حقاً، لا ينجو إلا من تسلّح بالوعي واستنار بالبصيرة.

أخبار ذات صلة

 

ملحوظة: مضمون هذا الخبر تم كتابته بواسطة عكاظ ولا يعبر عن وجهة نظر مصر اليوم وانما تم نقله بمحتواه كما هو من عكاظ ونحن غير مسئولين عن محتوى الخبر والعهدة علي المصدر السابق ذكرة.

قد تقرأ أيضا