الاقتصاد الحديث يعيد تعريف العلاقة بين الصحة والتنمية، فالعامل السليم أكثر إنتاجية، أقل غياباً عن العمل، وأقدر على التعلّم والتطوّر. في المقابل، ترتفع كلفة الأمراض المزمنة والوقاية المتأخرة، لتثقل كاهل الحكومات والأسر على حد سواء. تشير تقديرات البنك الدولي إلى أن كل دولار يُنفق على الوقاية الصحية قد يوفر ما بين 3 إلى 10 دولارات على المدى البعيد من تكاليف العلاج وفقدان الإنتاجية. ليس هذا فحسب، بل بات القطاع الصحي نفسه أحد محركات الابتكار والاستثمار. الصحة الرقمية، التأمين الصحي الذكي، تحليل البيانات السريرية، وتطبيقات الذكاء الاصطناعي في التشخيص والعلاج، كلها نماذج لاقتصاد صحي قابل للنمو والتوسع.
في المملكة العربية السعودية، يتجسد هذا التحول ضمن إطار رؤية 2030 التي تضع الصحة في صميم الاستدامة والتنمية البشرية. لم تعد القضية مقتصرة على تقديم الخدمات الصحية، بل على بناء نظام متكامل لإدارة الموارد والمخاطر والكفاءات، من خلال أدوات اكتوارية، وتحليل متقدم للبيانات، وآليات تعاقد تعزز مبدأ القيمة مقابل المال.
ومع هذا التحول، تتغير نظرتنا للصحة: من حق اجتماعي فقط، إلى استثمار في رأس المال البشري. فالأنظمة الصحية الفعّالة لم تعد رفاهية، بل ضرورة إستراتيجية لبناء اقتصادات قادرة على المنافسة والصمود أمام الأزمات، كما ظهر جلياً خلال جائحة كوفيد-19.
في المحصلة، لا ينبغي أن يُنظر إلى الصحة على أنها عبء، بل إن تجاهل الاستثمار فيها هو العبء الحقيقي. والأنظمة التي تفهم هذا التحدي، وتبني مؤسسات تمويل ذكية، هي من سترسم ملامح الاقتصاد القادم.
أخبار ذات صلة
ملحوظة: مضمون هذا الخبر تم كتابته بواسطة عكاظ ولا يعبر عن وجهة نظر مصر اليوم وانما تم نقله بمحتواه كما هو من عكاظ ونحن غير مسئولين عن محتوى الخبر والعهدة علي المصدر السابق ذكرة.