عرب وعالم / السعودية / صحيفة سبق الإلكترونية

الكفاءات الوطنية: مفتاح المستقبل الرقمي لعمالقة التكنولوجيا في المملكة

تم النشر في: 

06 أغسطس 2025, 7:15 صباحاً

تشهد المملكة العربية تحولاً نوعياً متسارعاً في إطار رؤية 2030، يعيد صياغة قواعد ممارسة الأعمال داخل المملكة. وفي خضم هذا التحول الجذري، لم تعد تقنية المعلومات مجرد عامل تمكين، بل أصبحت ركيزة أساسية في مسيرة التقدم الوطني.

ويتجلى ذلك من خلال الارتباط الاستراتيجي بين الذكاء الاصطناعي والبيانات، والحوسبة السحابية، وتحديث القطاع العام، مدعوماً بالاستثمار الحكومي غير المسبوق وبرامج الخصخصة. ولا شك بأن الفرص أمام الشركات التكنولوجية العالمية باتت استثنائية وغير مسبوقة، إلا أن العديد منها لا يزال يعتمد على استراتيجيات مبيعات تقليدية، دون إرساء أسس لقيمة مستدامة على المدى الطويل.

وعلى مدى العقدين الماضيين، تطورت علاقة الشركات التكنولوجية العالمية مع السوق عبر مراحل متعددة. ففي بداياتها، كانت المملكة تُلبَّى احتياجاتها التقنية عن بُعد من خلال مراكز إقليمية أو عالمية.

ومع صدور التوجيهات الحكومية، شرعت هذه الشركات في افتتاح مكاتب محلية استجابةً للطلب المتزايد على خدمات تقنية المعلومات. غير أن المرحلة الحالية تتطلب مقاربة جديدة؛ فمع تقدم المملكة بثبات نحو تحقيق مستهدفات رؤية 2030، بات حجم وطموح المبادرات الوطنية يستوجب التزاماً أعمق يتمحور حول الإنسان واستثمار المواهب الوطنية.

ويرى ممدوح العليان، المدير الإداري لشركة "دي اكس سي تكنولوجي" (DXC Technology) في المملكة العربية السعودية، وهي شركة عالمية رائدة مدرجة في قائمة Fortune 500 لتقديم خدمات التكنولوجيا، أن الشركات التي ستتمكن من تحقيق النجاح في هذه المرحلة القادمة هي تلك التي تدمج نفسها في النسيج المحلي.

وقال العليان: «تكمن القوة الحقيقية للمملكة في كوادرها الوطنية. فالمواطنون السعوديون يمتلكون فهماً عميقاً للثقافة المحلية والطموحات الوطنية، وهم ملتزمون بالبقاء والمساهمة على المدى الطويل. وبالنسبة لعمالقة التكنولوجيا مثل دي اكس سي تكنولوجي، الذين يرون في المملكة سوقًا استراتيجيًا، فإن السعودة لا تُعد مجرد التزام تنظيمي، بل تمثل ميزة تنافسية حقيقية تُعزّز من قدرة الشركة على النمو والتأثير محليًا».

وتعمل شركة دي اكس سي تكنولوجي وفق استراتيجية متكاملة ترتكز على ثلاثة محاور رئيسية. يتمثل المحور الأول والأكثر أهمية في اعتبار السعودة فرصة نوعية للاستفادة من المعرفة العميقة والالتزام الصادق للمحترفين السعوديين.

وتعزو الشركة نجاحها إلى أن ما يقارب 50% من موظفيها في المملكة هم من المواطنين السعوديين، فيما تشكل النساء 40% من هذه النسبة. وتطمح دي اكس سي تكنولوجي إلى رفع نسبة السعودة إلى 60% خلال السنوات الثلاث المقبلة، مع الاستمرار في التركيز على إدماج الجنسين في الوظائف.

وأضاف العليان: «أوضحت قيادة المملكة أن إطلاق طاقات المرأة السعودية هو عامل محوري في دفع عجلة الاقتصاد. ونحن نعمل بصورة مستمرة على تعزيز قيم التنوع والشمولية في سياسات التوظيف والتطوير لدينا، مما يساعدنا على استقطاب أفضل المواهب في القطاع والاحتفاظ بها».

أما المحور الثاني من الاستراتيجية، فيُركّز على كيفية تعامل الشركات مع تحديات استقطاب المواهب بين الأجيال. وفي هذا السياق، أوضح العليان قائلاً: «تمتد رؤية المملكة لعقود مقبلة، ولا يمكن تحقيق أهدافها الطموحة دون بناء قاعدة مستدامة من الكفاءات الشابة».

وأشار إلى أن التدريب الجامعي لطالما كانت جزءاً من خطط التوظيف، لكنّ البرامج الأكثر فاعلية هي التي تتجاوز التدريب النظري إلى إشراك الخريجين في مهام حقيقية وذات أثر ملموس.

وأضاف: «نُدرك الإمكانات الكبيرة لدى الشباب، ونعمل على تطويرها من خلال ربط مهاراتهم بمشروعات واقعية، وتقديم خطط تطوير ممنهجة، إلى جانب التوجيه والإرشاد المهني. وخلال شهرين فقط، يصبح الخريجون جزءاً فعّالاً من مشاريع قائمة».

وقد سجّل برنامج الخريجين في شركة دي اكس سي تكنولوجي معدل احتفاظ وظيفي يقارب 80%، وهو ما يعكس أهمية بناء الخطوة الأولى بشكل مدروس لضمان مسيرة مهنية مستدامة ونمو فعّال للكوادر الوطنية.

كما تعمل الشركة على عقد شراكات استراتيجية مع عدد من الجامعات السعودية، من بينها جامعة الأعمال والتكنولوجيا (UBT)ووادي طيبة، وذلك بهدف بناء مسارات واضحة ومتكاملة تمتد من التعليم إلى التوظيف.

وشدّد العليان على أهمية أن تضع الشركات متعددة الجنسيات هذه المسارات ضمن أولوياتها الاستراتيجية، لضمان وجود خطوط إمداد مستدامة من الكفاءات الوطنية المؤهلة، بما يواكب تطلعات المملكة نحو اقتصاد معرفي قائم على الابتكار والموهبة.

أما المحور الثالث، والذي كثيراً ما يُغفل في خطط بعض الشركات، فيتعلّق بـالأثر المجتمعي. إذ لا يزال تركيز العديد من المؤسسات محصوراً في العقود والتنفيذ، دون إيلاء أهمية حقيقية لكيفية الإسهام الفعلي في إثراء المجتمعات المحلية التي تنشط فيها.

وفي هذا السياق، أشار العليان إلى أن رؤية المملكة 2030 لا تُقاس فقط بمؤشرات الأداء الاقتصادية، بل تشمل أيضًا الارتقاء بجودة الحياة للمواطنين والمقيمين، قائلاً: «تُقاس قيمة التكنولوجيا الحقيقية بمدى مساهمتها في تحسين حياة الناس».

وأوضح أن هذا المفهوم يشكّل أساسًا في عمل الشركة، ويتجسّد في شراكات دي اكس سي تكنولوجي مع منظمات مجتمعية مثل جمعية صوت متلازمة داون والمؤسسة الخيرية لرعاية الأيتام (إخاء). أضاف: «إن التزامنا بترك أثر مجتمعي ملموس يعزّز ارتباطنا الحقيقي بالمجتمعات التي نعمل ونعيش فيها، ويُذكّر فرق العمل لدينا دوماً بمعنى وأهمية ما نقوم به».

وأشار العليان إلى أن هذه المرحلة تمثل فرصة استثنائية غير مسبوقة للمهنيين السعوديين، لافتاً إلى أن دي اكس سي تكنولوجي تسعى حالياً لتوظيف أكثر من 150 متخصصاً سعودياً ضمن خططها التوسعية في مختلف أنحاء المملكة. وتتماشى هذه الاستثمارات من قبل الشركات التكنولوجية العالمية مع طموحات المملكة في ريادة المشهد العالمي في مجالات الذكاء الاصطناعي، والحوسبة السحابية، والأمن السيبراني، ما يسهم في خلق وظائف نوعية ذات أثر عالٍ.

وفي الوقت ذاته، وجه العليان نصيحة للشباب السعودي قائلاً: «على الشباب أن يتأنوا في اختيار الجهات التي ينضمون إليها. فبعض الشركات لا تزال تنظر إلى السعودة على أنها متطلب إداري، وليس فرصةً حقيقيةً للاستثمار في تطوير الأفراد. إن كنت تطمح للنمو، فابحث عن شركة تؤمن بك وتطور مهاراتك وتمنحك مكانة في رؤيتها الاستراتيجية. فهكذا تُبنى مسيرة مهنية عالمية تُسهم في تحقيق قصة نجاح المملكة».

واختتم العليان حديثه قائلاً: «مع تسارع وتيرة التحول في المملكة، فإن المهنيين السعوديين الذين ينضمون إلى مؤسسات ذات نهج شمولي يركز على الإنسان، لن يكونوا فقط شهوداً على التغيير، بل سيكونون من صُنّاع مستقبل المملكة».

ملحوظة: مضمون هذا الخبر تم كتابته بواسطة صحيفة سبق الإلكترونية ولا يعبر عن وجهة نظر مصر اليوم وانما تم نقله بمحتواه كما هو من صحيفة سبق الإلكترونية ونحن غير مسئولين عن محتوى الخبر والعهدة علي المصدر السابق ذكرة.

قد تقرأ أيضا