عرب وعالم / السعودية / عكاظ

من إلى عواصم العالم.. ألوان الخزمري تنسج الحكاية

على امتداد مسيرته الفنية حمل أحمد الخزمري ألوانه كرفيق حياة لا يفارقه متنقلاً بها من إلى عواصم العالم؛ لينسج من خلالها حكايات بصرية تعكس روح المكان ودفء الزمان وتترجم إحساسه العميق بالإنسان والطبيعة معاً، فمنذ بداياته الأولى وهو يرى في الفن لغة تتجاوز الحدود، ورسالة تتسع لكل الثقافات، فكانت لوحاته مرآة لروحه ونافذة لغيره، يطلون منها على عالم مليء بالصفاء والرومانسية والتجريد المدهش.

عرف الخزمري في الساحة التشكيلية والخليجية صديقاً محباً للفنانين ورفيق مسيرتهم، فاتحاً مرسمه للجميع، مستقبلاً زواره بابتسامة وخلق رفيع، وداعماً للمواهب الشابة، ومشجعاً لها بلا ، مؤمناً أن نجاح أي فنان هو إضافة للمشهد الفني بأكمله؛ لذلك لم يكن حضوره مقصوراً على معارضه الشخصية، بل كان دائماً في الصفوف الأولى من أي نشاط فني أو ثقافي يقدم خدمة للمجتمع أو دعماً للفن.

تتميز أعماله بصفاء لوني يريح العين، وتوزيع ذكي للألوان يمنح اللوحة توازناً بصرياً محكماً وضربات فرشاة هادئة، لكنها عميقة تحاكي التراث وتحاوره وتدمج بين الحداثة والأصالة، فتولد من هذه العلاقة أعمال تحمل بصمة واضحة لا تخطئها العين. لوحاته وإن بدت أحياناً محاطة بغموض مريح إلا أنها تكشف ثراءً بصرياً وروحياً، وتترك مساحات للتأويل الشخصي، وتجعل المتلقي جزءاً من العمل لا مجرد مشاهد له.

الطبيعة بالنسبة للخزمري ليست خلفية صامتة، بل شريك أساسي في تكوين اللوحة، فهو يستلهم من الأزرقات والضبابيات والسحب مساحات واسعة للخيال ويجعلها رموزاً روحية تعكس علاقته بالكون والزمان والمكان، وفي كثير من أعماله تشعر كأنك أمام مشهد كوني مترامي الأطراف، لكن بروح سعودية الجذور.

أعمال الخزمري فيها قدرة على الجمع بين هدوء الألوان وقوة الفكرة، إذ تتناثر المساحات اللونية على لوحاته مغمورة بأضواء تارة وتارة أخرى يحدث حواراً صامتاً بين الألوان. لديه قدرة على تفكيك الكتل اللونية وإعادة تركيبها في نسق بصري متماسك يفتح الباب لتفسيرات متعددة ولرحلة تأملية عميقة، وبضربات الفرشاة السريعة والخفيفة يمنح لوحاته طاقة حركية تشبه النبض في عروق الحياة.

لم تقتصر مسيرته على الإبداع الفردي، فقد أسس مجموعة مسار التشكيلية مع نخبة من الفنانين، وأسهم في تنظيم عشرات المعارض داخل المملكة وخارجها من القاهرة وباريس إلى طهران ودبي وعمان، وشغل منصب مستشار ورئيس الفنون البصرية بالجمعية العربية السعودية للثقافة والفنون بجدة، إضافة إلى عضويته في العديد من اللجان والمؤسسات الفنية والثقافية، وكان له دور بارز في تحكيم المسابقات وتنسيق الفعاليات الكبرى.

جوائزه وشهاداته تكشف حجم التقدير الذي ناله، فقد حصل على الجائزة الأولى في مسابقة أبها الثقافية وجوائز مسابقة السفير وجائزة سوق عكاظ وجائزة روح القيادة عن عمل فني عن الملك فهد- رحمه الله- كما اقتنيت أعماله في متاحف ومؤسسات بارزة مثل البنك الأهلي وأمانة جدة ومستشفى التخصصي وعدد من الجهات والشخصيات داخل المملكة وخارجها.

أحمد الخزمري ليس مجرد فنان يرسم، بل هو حالة إنسانية وجمالية تمشي بين الناس، تمنح الحياة لوناً ومعنى، فاحترامه لفنه ولأصدقائه ومجتمعه جعله مدرسة في السلوك قبل أن يكون مدرسة في الرسم، حكاياته البصرية ستظل ممتدةً كما امتدت ألوانه من جدة إلى عواصم العالم.

أخبار ذات صلة

 

ملحوظة: مضمون هذا الخبر تم كتابته بواسطة عكاظ ولا يعبر عن وجهة نظر مصر اليوم وانما تم نقله بمحتواه كما هو من عكاظ ونحن غير مسئولين عن محتوى الخبر والعهدة علي المصدر السابق ذكرة.

قد تقرأ أيضا