عرب وعالم / السعودية / عكاظ

رحيل القاضي الرحيم

الحزن يعم مواقع التواصل الاجتماعي في العالم على رحيل القاضي فرانك كابريو، صاحب شخصية إنسانية ذات أبعاد عاطفية وانحياز للضعفاء والمظلومين في قاعة محكمته في بلدة صغيرة هي بروفيدنس في ولاية رود آيلاند الأمريكية، كم من الملايين تابعوا جلسات المحاكمة التي يرأسها هذا القاضي الإنسان لحالات معدمة أمامه، وكيف تعامل معها بروح القانون بعيداً عن الشدة والتجهم، شاهدنا جلسات المحاكمة وهو يعطي دروساً في الإنسانية في محكمته لمهاجرين أو طلاب أجانب أو كبار في السن أو مُدعى عليهم من ثقافات وأديان مختلفة، وكل هذه العوامل كانت أسباباً لديه للتعاطف معهم في محاكماتهم، وتخفيض العقوبات المالية المفروضة عليهم إلى مبالغ رمزية جداً بسبب الفقر الشديد الذي يعيشه هؤلاء الماثلون أمامه، وجدناه في بعض تلك الحالات يشرك أطفال المُدعى عليهم في نوعية الأحكام الصادرة على ذويهم في مقاطع من تلك المحاكمات التي حققت مليارات المشاهدات في العالم لما فيها من عِبرٍ من التسامح والمحبة والانحياز لهؤلاء الأشخاص الفقراء والمهمشين من مختلف الفئات والأعمار في المجتمع والذين سوف يكونون عرضة لمشكلات أكبر لو طُبق عليهم القانون بحذافيره، ولكن هذا القاضي الأيقونة كانت له طريقته الخاصة التي كلها عطف وإنسانية مع من يقف أمامه في محكمته، وباعتقادي أن طريقته قد قدمت وجهاً وشخصية عظيمة سوف نتذكرها كثيراً بعيداً عن الاختلافات الثقافية والسياسية والدينية، هذه الشخصية وسلوكها الإنساني والعاطفيّ هو ما يحتاجه العالم من نشر مفاهيم العدالة المفعمة بالقيم والعاطفة بعيداً عن التجهم والعنف غير المبرر في قاعات المحاكم في العالم، فهذا السلوك قد ينشر ثقافة الالتزام بالقوانين من قبل الناس عندما يشاهدون مثل هذه الممارسة من قبل القاضي فرانك كابريو، أتذكر كيف تعاطى مع مخالفٍ أمامه عمره ٩٥ عاماً، والمخالفة التي ارتكبها هي قيادة سيارته بسرعة عالية في منطقة مدارس، وعند الأخذ والرد معه من قبل القاضي كابريو اكتشف أن سبب قيادة المتهم بهذه السرعة أنه يأخذ ابنه المعاق إلى المستشفى كل أسبوع بسبب مرض في الدم يعاني منه ابنه البالغ من العمر ٦٧ عاماً. حالات إنسانية متعددة تعاطى معها هذا القاضي الإنساني بكل رحمة وحب وانحاز لها في مشاهد كلها إنسانية وكوميديا في الغالب بالكيفية التي يتعاطى فيها مع هؤلاء الماثلين أمامه، وفي البعض منهم لغتهم الإنجليزية ضعيفة، ونشاهد أن أبناءهم يقومون بالترجمة لهم في محكمة القاضي فرانك كابريو.

رحل القاضي الرحيم كابريو بعد معركة قاسية وعنيفة مع مرضه، وكيف طالب محبيه حول العالم بالدعاء له في رحلته مع هذا المرض، وقد تحسنت حالته قبل فترة، وأرجع ذلك لدعوات محبيه بالعالم. عالم الثورة المعلوماتية وما نشاهده في مواقع التواصل الاجتماعي قلص الحدود وأصبحنا جزءاً من هذا الكون وقريبين ومشتركين في حب مثل هذه الحالات والشخصيات الإنسانية التي لها تأثير كبير في العالم من ناحية العدالة الاجتماعية بعيداً عن الفروقات الدينية والإثنية؛ فنحن في قاعة محكمة القاضي فرانك كابريو أمام مدرسة وجامعة في البساطة والحب من قاضٍ كله عواطف مقدراً ظروف البسطاء الذين يقفون أمامه.

على روحه الرحمة هذا الإنسان الكوني الذي أسعد الملايين في العالم بطريقة تعاطيه مع المخالفين للقانون بطريقة مبتكرة كلها إنسانية وأخلاقية بعيداً عن النمطية ضد المُدعى عليهم بسبب لونهم أو دينهم أو خلفيتهم الاجتماعية.

أخبار ذات صلة

 

ملحوظة: مضمون هذا الخبر تم كتابته بواسطة عكاظ ولا يعبر عن وجهة نظر مصر اليوم وانما تم نقله بمحتواه كما هو من عكاظ ونحن غير مسئولين عن محتوى الخبر والعهدة علي المصدر السابق ذكرة.

قد تقرأ أيضا