حدث مفصلي في مسيرة التنمية الثقافية، تمثّل بإنشاء جامعة الرياض للفنون وتوقيع اتفاقات استثمارية بلغت 1.3 مليار دولار خلال أعمال النسخة الأولى من مؤتمر الاستثمار الثقافي 2025.
حدث بمثابة إشارة لانطلاقة مرحلة جديدة في التفكير الثقافي والاستثمار الإبداعي، بما يعزز مكانة السعودية حاضنةً رئيسيةً للمواهب والفنون على مستوى العالم.
يقول وزير الثقافة الأمير بدر بن فرحان: إن الجامعة ستُصنف ضمن أهم المشاريع الاستراتيجية، إذ تستهدف أن تكون من بين أفضل 50 جامعة دولية متخصصة في الفنون ورفد القطاع الثقافي بمواهب محلية وعربية ودولية، من خلال برامج أكاديمية متقدمة، وتخصصات متعددة، ومناهج تواكب أحدث المعايير العالمية في مجالات الفنون المختلفة.
تضم الجامعة 13 كلية ثقافية تغطي نطاقاً واسعاً من الفنون والآداب والإبداع، تبدأ بثلاث كليات تمثل نواة الانطلاق، بتقديم برامج تعليمية بدرجات متنوعة (بكالوريوس، ماجستير، ودكتوراه).
هذا التنوع يعكس رؤية شاملة، تضع الجامعة في صدارة المؤسسات التعليمية المتخصصة في المنطقة.
الحدث لم يتوقف عند الجانب الأكاديمي، بل حمل بعداً استثمارياً مهماً، أكده وزير الاستثمار المهندس خالد الفالح، أن القطاع الثقافي والفني يشهد إقبالاً متزايداً من المستثمرين الأجانب، فمن بين 52 ألف ترخيص وسجل تجاري للمستثمرين الأجانب هناك 1,700 رجل أعمال ينشطون بالفعل في مجالات الثقافة والفنون والترفيه.
رقم يعكس حيوية القطاع، وتحوّله من مجال قائم على المبادرات الفردية أو الدعم الحكومي المباشر، إلى قطاع جاذب لرؤوس الأموال والاستثمارات النوعية. ويأتي متسقاً مع رؤية السعودية القديرة
التي جعلت من الثقافة ركناً أساسياً من أركان التنمية المستدامة، ورافعة لاقتصاد متنوع قائم على الابتكار والإبداع.
فكرة إنشاء الجامعة تحمل فوائد استراتيجية بعيدة المدى، ستوفر منصة للأجيال الشابة لتطوير مهاراتها وصقل مواهبها محلياً مما يخلق جيلاً جديداً من الفنانين والمبدعين والموهوبين السعوديين القادرين على المنافسة عالمياً.
وسيسهم المشروع في تعزيز الصناعات الإبداعية، في مجالات التصميم والسينما والمسرح والموسيقى والفنون البصرية والتشكيلية.
إن الاستثمار في الثقافة يعزز قيم الانفتاح والتنوع والتفاعل الحضاري، ويفتح المجال أمام حوار مجتمعي واسع عبر منصات الفن والإبداع، ويسهم في بناء هوية وطنية حديثة متصالحة مع تراثها، ومنفتحة في الوقت نفسه على تجارب العالم.
لا يمكن قراءة المشروع في سياقه السعودي فقط، بل ينبغي النظر إليه مشروعاً حضارياً أوسع لاستقطاب المواهب من دول مجلس التعاون، ليساهم في تكامل الجهود الثقافية والفنية بين دول الخليج وتوفير بيئة للتبادل الأكاديمي والبحثي بما يسهم في رفع مستوى التعليم الفني في المنطقة برمتها.
كما إن الجامعة ستكون بمثابة جسر تواصل ثقافي بين المشرق والمغرب العربيين، من خلال احتضانها طلاباً وأساتذة وفنانين من مختلف البلدان، معززة بذلك التبادل الثقافي، مضيفة بعداً جديداً لدور المملكة بصفتها قلب العالم الإسلامي في الجوانب الدينية والروحية، وفي قيادة مشروع ثقافي حضاري يعكس التنوع الذي يزخر به العالم الإسلامي في مجالات الفن والإبداع.
إنشاء الجامعة يبعث رسائل متعددة، أن الاستثمار في الثقافة ليس ترفاً، بل هو خيار استراتيجي يُمكّن الدول من تعزيز قوتها الناعمة، ويمنحها مكانة مؤثرة في المشهد العالمي.
وأن السعودية، في تحوّلها الوطني الشامل، تدرك أن التنمية لا تقتصر على الاقتصاد والصناعة والتكنولوجيا، بل تشمل بناء الإنسان وصقل ذائقته الجمالية.
موجهة للعالم، رسالة مفادها أن المملكة ليست فقط دولة نفطية، بل دولة فن وثقافة وإبداع، وأنها مقبلة على أن تصبح أحد أهم المراكز العالمية في هذا المجال. بمشروع حضاري متكامل سيعيد صياغة المشهد الثقافي السعودي والإقليمي.
وستكون الجامعة منصة لصناعة المبدعين، ومركزاً للاستثمار الثقافي، وجسراً للتواصل العربي والإسلامي، وأداة لتعزيز القوة الناعمة السعودية.
إنها بداية لنهضة ثقافية كبرى، تضيف بعداً جديداً إلى مشروع المملكة التنموي، وتمنحها موقعاً ريادياً في مستقبل الفنون والثقافة، على مستوى العالم.
إنها واحدة من أعظم التحوّلات في تاريخنا الحديث، في عهد الملك سلمان بن عبدالعزيز، وولي العهد الأمير محمد بن سلمان.
أخبار ذات صلة
ملحوظة: مضمون هذا الخبر تم كتابته بواسطة عكاظ ولا يعبر عن وجهة نظر مصر اليوم وانما تم نقله بمحتواه كما هو من عكاظ ونحن غير مسئولين عن محتوى الخبر والعهدة علي المصدر السابق ذكرة.