ويمكن بالإجمال القول إن المملكة استطاعت خلال الأعوام الماضية في ظل الظروف الساخنة أن ترسِّخ مكانتها كقائد عالمي، من دون أية تدخلات في شؤون الدول الأخرى. وعلى رغم تحديات البناء الوطني، بموجب خطط رؤية 2030، التي اختطها وبرع فيها ولي العهد الأمير محمد بن سلمان بن عبدالعزيز، فإن السعودية استطاعت تلبية متطلبات جودة حياة مواطنيها، من تعليم، وصحة، وسكن، وتوظيف، بموازاة فتح أبوابها للعالم سياحياً ورياضياً وترفيهياً.
ومن خلال كل ذلك الحراك الدبلوماسي النشط، نجحت المملكة في مواصلة القيام بدورها الحيوي إقليمياً وعالمياً، وحضورها الجيوبوليتيكي في الإقليم، الذي يكاد لا يستقر على حال.
وكانت رؤى 2030 خيطاً ناظماً لمسار الدبلوماسية السعودية نحو تصفير مشاكل الإقليم والوساطة في حلحلة النزاعات الدولية، بتركيز خاص على الشراكات، والوساطات والتحالفات، والانفتاح على الآخر.
والحقيقة أن هذا النهوض «السعودي الجيوبوليتيكي» تحقّق على رغم وجود تقلبات وتحديات حادة لا يمكن لكثير من الدول مواجهتها.
فقد استطاع ولي العهد التقدّم بسياسة سعودية مرنة تقوم على الديناميكية بجهود دبلوماسية لافتة في أتون أزمة الحرب الإسرائيلية في قطاع غزة، والعدوان الإسرائيلي على لبنان، وسورية، وتبعات انهيار نظام بشار الأسد في سورية، وسقوط المشروع الإيراني في الإقليم.
وباعتقادي أن سر نجاح دبلوماسية الرياض، التي يقودها بفاعلية عالية الأمير محمد بن سلمان، يكمن في بناء أفضل علاقات مع العالمَين العربي والإسلامي، وكذلك مع القوى الغربية والآسيوية، ما جعل السعودية ركيزة دبلوماسية أساسية في المشهدَين الإقليمي والدولي. وأضحت بذلك بلداً مؤثراً في منطقة أثخنتها الأزمات، وأدمتها الصراعات، حتى أن قادة دول العالم باتوا يتطلعون إلى الرياض بحثاً عن حلول لكثير من الأزمات المستعصية.
ولا بد من القول إن القيادة السعودية نجحت في توظيف أهمية تأثير بلادها، ونفوذها ودورها على الساحتين الإقليمية والدولية، ما أوجد لها صدى وتجاوباً كبيرَين، في قدرتها على حل الأزمات القريبة والبعيدة على حد سواء.
وتبدّت نجاحات الدبلوماسية السعودية في تحوّل الرياض إلى وجهة للزعماء العرب والمسلمين والغربيين، الباحثين عن حلول لأزمات مستحكمة تعبث باستقرار بلدانهم وأقاليمهم. وقد استطاع الأمير القدير محمد بن سلمان ببراعة أن يقرن بين السياسة الخارجية والنجاح في بناء شراكات اقتصادية، وتفاهمات سياسية كانت لها جدواها في تخفيف أجواء المنطقة والعالم من الأزمات والتعقيدات والصراعات.
ولا غنى عن القول إن الدبلوماسية السعودية لا تقتصر أهدافها على تعظيم المكاسب الاقتصادية والسياسية فحسب؛ بل إن السلام والاستقرار هما ركيزتها الكبرى.
إذ وسط الأمواج الهائجة في شتى أنحاء العالم؛ واصلت دبلوماسية محمد بن سلمان تعزيز تحالف الرياض الإستراتيجي مع واشنطن وموسكو ولندن وبكين وباريس ودلهي وإسلام آباد، وبناء مزيد من الشراكات الدولية، وتطوير العلاقات مع دول أخرى تربطها علاقات وثيقة بالرياض. ولهذا حققت مساعي المملكة نجاحاً معقولاً في الوساطة بين روسيا وأوكرانيا، وما استتبع ذلك من تبادل للأسرى بين الجانبين، وتعزيز العلاقات مع موسكو، خصوصاً في مجال التعاون للحفاظ على استقرار أسواق الطاقة العالمية، وسط التوترات التي يشهدها العالم، وصولاً إلى الدور الذي قامت به الدبلوماسية السعودية في معالجة الحرب الإسرائيلية على غزة، ورفض الرياض أي مساعٍ لتصفية القضية الفلسطينية، وتهجير شعب غزة، وإعطاء الوضع الجديد في سورية فرصة راجحة لإعادة الإعمار، وإعادة الاستقرار الاقتصادي والأمني لسورية. وبلغت نجاحات الدبلوماسية السعودية المسؤولة ذروتها بالنجاح المدوّي لمؤتمر «حل الدولتين» في نيويورك الشهر الماضي، والدور الكبير والمهم الذي قام به الأمير محمد بن سلمان في الاتصالات مع واشنطن، التي انتهت بالقمة العربية الإسلامية التي عقدها الرئيس الأمريكي دونالد ترمب في نيويورك، التي أسفرت عن إعلان خطته لإنهاء الحرب في قطاع غزة، وانفتاحه على ضرورة إعطاء الفلسطينيين حقوقهم في قيام دولتهم المستقلة، على أرضهم التاريخية.
الأكيد أن المزيج المتفرد من «الدبلوماسية السعودية»، جعل الأمير محمد بن سلمان أحد أبرز المؤثرين الناجحين الذين غيّروا وجه العالم خلال العقدين الأول والثاني من الألفية الثانية، وهو تغيير ستظهر أبعاده الكاملة خلال العقود القادمة، التي ستشهد مزيداً من النجاحات والإنجازات السعودية الكبيرة.
أخبار ذات صلة
ملحوظة: مضمون هذا الخبر تم كتابته بواسطة عكاظ ولا يعبر عن وجهة نظر مصر اليوم وانما تم نقله بمحتواه كما هو من عكاظ ونحن غير مسئولين عن محتوى الخبر والعهدة علي المصدر السابق ذكرة.