في تطور سياسي وقانوني مدوٍّ في واشنطن، وجهت هيئة محلفين اتحادية كبرى اتهامات رسمية إلى مستشار الأمن القومي الأمريكي السابق جون بولتون، المقرب سابقًا من الرئيس دونالد ترمب، بسبب سوء تعامله مع معلومات استخباراتية سرية للغاية.
تتضمن هذه القضية 18 تهمة جنائية، وتهدد بأن تكون واحدة من أبرز القضايا الأمنية في تاريخ الولايات المتحدة الحديث، وقد تؤدي إلى سجنه مدى الحياة في حال الإدانة.
تفاصيل الاتهامات
تحول مستشار الأمن القومي الأمريكي السابق إلى أحد أبرز منتقدي الرئيس دونالد ترمب، وتشير لائحة الاتهام المؤلفة من 26 صفحة إلى أن بولتون استخدم حسابات بريد إلكتروني شخصية وتطبيق مراسلة مشفر لإرسال أكثر من 1000 صفحة من ملاحظاته اليومية أثناء عمله كمستشار للأمن القومي بين عامي 2018 و2019 إلى اثنين من أقاربه دون أي تصاريح أمنية.وتشمل هذه الملاحظات معلومات مصنفة «سرية للغاية»، من بينها خطط عسكرية، وعمليات سرية، ومصادر استخباراتية حساسة. وتكشف اللائحة أن بولتون كان مدركًا لحساسية ما يرسله، إذ بدأ بعض ملاحظاته بعبارات مثل: «قال موجز الاستخبارات…»، و «أثناء وجودي في غرفة العمليات، علمتُ…».
بداية القصة
لم تبدأ المراسلات السرية لبولتون صدفة، بل بعد يوم واحد فقط من دخوله البيت الأبيض في أبريل 2018. وكتب حينها لأحد أفراد عائلته: «لمذكراتي في المستقبل!!!». وكان يهدف لاستخدام هذه الملاحظات لاحقًا في كتابة مذكراته التي أثارت ضجة كبرى عام 2020.وفي يوليو 2021، تعرضت حسابات بولتون للاختراق من قبل هاكر مرتبط بالحكومة الإيرانية. وأرسل المخترق رسالة ساخرة قال فيها: «قد تكون هذه أكبر فضيحة منذ رسائل هيلاري كلينتون.. ولكن من جانب الجمهوريين هذه المرة!»
وعلى الرغم من إبلاغ السلطات الأمريكية بالاختراق، لم يُخبر بولتون مكتب التحقيقات الفيدرالي أن حسابه يحتوي على معلومات سرية، وهو ما اعتُبر عاملًا حاسمًا في توجيه التهم.
وتعود جذور الأزمة إلى عام 2020 عندما حاولت إدارة ترمب منع نشر مذكرات بولتون الشهيرة «الغرفة التي حدث فيها ذلك»، والتي انتقد فيها الرئيس علنًا. وفتحت وزارة العدل حينها تحقيقًا أوليًا لكنه تعثر لاحقًا، قبل أن يعاد تفعيله في عهد إدارة بايدن بعد اكتشاف المراسلات غير الآمنة.
وفي أغسطس 2025، داهم عملاء FBI منزل بولتون في ماريلاند ومكتبه في واشنطن، وصادروا وثائق ومذكرات ورقية وأجهزة رقمية. وتبين أن بعضها يحمل تصنيفات سرية. وكانت هذه الأدلة من العناصر الأساسية في دعم لائحة الاتهام.
خصوم ترمب في مرمى النار
قضية بولتون لا تأتي بمعزل عن السياق السياسي. فهي جزء من حملة استهداف شنها ترمب ضد خصومه السياسيين، من بينهم جيمس كومي وليتيتيا جيمس.لكن على عكس هاتين القضيتين، تمت ملاحقة بولتون من خلال المسار القضائي التقليدي، دون أوامر استثنائية من البيت الأبيض.
وفي مفارقة لافتة، استشهد الادعاء بتصريحات لبولتون تعود إلى سنوات، قال فيها: «لو فعلت ما فعلته هيلاري كلينتون، لكنت في السجن الآن».
واليوم، يجد نفسه في قلب قضية مشابهة.
الدفاع يهاجم
قال محامي بولتون آبي لويل إن القضية «حُسمت منذ سنوات» وإن ما فعله موكله لا يُعد جريمة. وأوضح أن المذكرات كانت معروفة لمكتب التحقيقات الفيدرالي منذ 2021 ولم تُنشر علنًا.أما بولتون نفسه، فقد وصف القضية بأنها «محاولة لترهيب منتقدي ترامب»، مضيفًا: «الأمر لا يتعلق بي فقط، بل بحرية التعبير والمعارضة السياسية في الولايات المتحدة».
وفي المقابل، رحبت المدعية العامة بام بوندي بالاتهامات مؤكدة أن «كل من يستغل موقعه ويهدد الأمن القومي سيُحاسب. لا أحد فوق القانون».
أبعاد قانونية وسياسية
يواجه بولتون المحاكمة بموجب قانون التجسس لعام 1917، وهو القانون نفسه الذي استخدم في ملفات كبرى شملت هيلاري كلينتون، وترمب، وبايدن. ويرى محللون أن هذه القضية قد تصبح أداة ضغط سياسية كبيرة في مرحلة دقيقة من الحياة الأمريكية.ومن المقرر أن يسلم بولتون نفسه للسلطات الفيدرالية اليوم (الجمعة)، ويمثل أمام محكمة في جرينبيلت ماريلاند. وفي حال إدانته، قد يواجه السجن المؤبد، ما يجعل قضيته واحدة من أهم المحاكمات السياسية والأمنية في تاريخ الولايات المتحدة الحديث.
أخبار ذات صلة
ملحوظة: مضمون هذا الخبر تم كتابته بواسطة عكاظ ولا يعبر عن وجهة نظر مصر اليوم وانما تم نقله بمحتواه كما هو من عكاظ ونحن غير مسئولين عن محتوى الخبر والعهدة علي المصدر السابق ذكرة.