عرب وعالم / السعودية / عكاظ

حسين عبد الرسول.. طفل غيّر مجرى التاريخ بـ«جرّة ماء»

في صباحٍ من شتاء عام 1922، كان الصبي الصعيدي حسين عبد الرسول يحمل جرة ماء على كتفه تحت شمس وادي الملوك، غير مدرك أن قدميه الصغيرتين تقفان على باب التاريخ نفسه.

لم يكن ابن الـ12 ربيعا يدري أن تعثّره العابر فوق الرمال الجافة سيقوده إلى فتح أعظم مقبرة عرفها الإنسان: مقبرة الفرعون الذهبي توت عنخ آمون.

وبينما كان حسين يسقي العمّال في بعثة التنقيب البريطانية بقيادة هوارد كارتر، سقطت جرة الماء من يده، وانسكب الماء فوق الرمال التي بدت أكثر صلابة من المعتاد.

ركع الطفل على الأرض يحفر بيديه الصغيرتين، حتى اصطدمت أصابعه بحجر منقوش.. حجر قاد بعد أيام قليلة إلى مدخل المقبرة الملكية التي ظلت مغلقة أكثر من 3000 عام.

ببراءة طفل لا يدرك عظمة ما أنجز، أسرع إلى المشرف البريطاني يخبره بما وجد، لتبدأ واحدة من أعظم لحظات الاكتشاف في تاريخ الإنسانية.

من وادي الملوك إلى المتحف الكبير

بعد أكثر من قرن، وفي لحظة احتفاء استثنائية، استعاد المصريون مساء أمس (السبت) اسما غاب طويلا عن ذاكرتهم الجماعية.

في حفل افتتاح المتحف المصري الكبير بحضور الرئيس عبدالفتاح ، خُصص ركنٌ لتكريم الطفل الذي كان أول من لمس مدخل المقبرة الذهبية.

لم يكن هذا مجرد تكريم رمزي، بل اعتراف متأخر بالفضل الإنساني والتاريخي لأسرة مصرية شاركت في صنع مجد علمي خُطف ضوءه لعقود طويلة.

وقف نوبي حسين عبدالرسول، ابن المكتشف فخورا إلى جوار صورة والده، مرتديا الجلباب الصعيدي ذاته الذي ارتداه الجد في صورةٍ التقطت له عام 1922، كأن الزمن انحنى احتراما لتاريخٍ لم يُكتب كما يجب. وقال: «لم يكن والدي يتخيل أن سقوط جرة ماء سيكون سببا في تخليد اسمه في التاريخ».

ذلك الحجر الصغير الذي اكتشفه حسين كان بداية رحلة أخرجت للعالم أكثر من 5000 قطعة أثرية من الذهب والأحجار الكريمة، بينها التابوت الذهبي الشهير والقناع الجنائزي لتوت عنخ آمون.

وبقيت مقتنيات المقبرة محفوظة في حالتها الأصلية، لتصبح المقبرة الأكمل والأجمل في تاريخ الآثار القديمة، ويمتد أثرها إلى تغيير نظرة العالم إلى الحضارة المصرية كلها.

ورغم أن اسم كارتر البريطاني ظلّ وحده يتردد في كتب التاريخ، فإن الاعتراف الحالي بالطفل المصري يعيد للتاريخ توازنه، ويذكّر العالم أن أي اكتشاف عظيم يبدأ غالبا بخطوة بسيطة فوق الرمل.

الخلود من تراب الأقصر

حين عرض المتحف الكبير فيلما توثيقيا يروي قصة الاكتشاف، بدت العيون معلّقة بوجه الطفل الفقير الذي لم يقرأ ولم يكتب، لكنه منح وطنه أعظم اكتشاف أثري في القرن الـ20.

وفي لحظة التصفيق التي تلت عرض الفيلم، لم يكن الحاضرون يصفقون لتمثال أو مقبرة، بل لذاك الطفل المصري الذي لم يسعَ إلى المجد، فخلّده المجد نفسه.

أخبار ذات صلة

 

ملحوظة: مضمون هذا الخبر تم كتابته بواسطة عكاظ ولا يعبر عن وجهة نظر مصر اليوم وانما تم نقله بمحتواه كما هو من عكاظ ونحن غير مسئولين عن محتوى الخبر والعهدة علي المصدر السابق ذكرة.

قد تقرأ أيضا