في نهاية كل عام، يخضع الموظفون في المؤسسات الحكومية والخاصة لتقييمات أداء سنوية تُبنى عليها قرارات جوهرية تتعلق بالترقيات والحوافز والسجل المهني، وهي عملية يُفترض أن تكون موضوعية تستند إلى معايير الأداء الفعلية لا إلى الانطباعات الشخصية. غير أن الواقع يشير إلى أن التقييمات كثيراً ما تتأثر بعوامل بشرية خارج نطاق العمل، كالعلاقات الشخصية، والمزاج العام للمدير، أو حتى مواقف عرضية غير مرتبطة بجودة الأداء، ما يجعل العدالة في هذه العملية تحدياً إدارياً يتكرر كل عام.
يشير خبراء الإدارة إلى أن التقييمات غير الدقيقة لا تضر الموظف فحسب، بل تضعف بيئة العمل وتحبط فرق الأداء المتميزة، إذ يشعر الأفراد بأن الجهد لا يقاس بالكفاءة بل بالقبول الشخصي. وتوضح دراسات الموارد البشرية، أن ٦ من كل ١٠ موظفين يعتبرون أن تقييمهم لا يعكس أداءهم الحقيقي بسبب تحيز المشرف المباشر أو غياب الأدلة الملموسة التي تدعم القرار، وهو ما يُضعف الثقة في النظام الإداري ويدفع بعض الكفاءات إلى الانسحاب الصامت.
ولتحقيق العدالة في التقييمات، توصي الممارسات الإدارية الحديثة بضرورة تطبيق معايير قياس واضحة ومعلنة منذ بداية العام، ترتكز على مؤشرات الأداء الأساسية (KPIs) المرتبطة بمخرجات العمل لا بالتصورات الفردية. كما يجب تنويع مصادر التقييم عبر إشراك أكثر من طرف، مثل الزملاء والعملاء الداخليين، لضمان رؤية شمولية تقلل من التحيزات. أما المدير المباشر، فعليه أن يُوثّق ملاحظاته المهنية طيلة العام لا أن يبني رأيه على انطباع الشهر الأخير.
وتبرز أهمية برامج تدريب المديرين على التقييم المحايد، إذ تُظهر البحوث أن الإداريين الذين يخضعون لتدريب في مهارات التغذية الراجعة والعدالة التنظيمية أكثر قدرة على تقديم تقييمات منصفة ومحفّزة. كما يمكن استخدام الأنظمة الإلكترونية الذكية التي تُدخل عناصر التحليل الكمي وتُقلل من التقدير الذاتي، بما يضمن توازناً بين الحكم البشري والمعيار الموضوعي.
فالتقييم العادل لا يُنظر إليه كأداة عقاب أو ترقية فحسب، بل كمرآة تطوير مهني تمنح الموظف تصوراً واضحاً عن نقاط قوته وفرص تحسينه. وحين يشعر الموظف بأن تقييمه قائم على أدلة ونتائج لا على مشاعر أو مواقف، يتحول النظام من مصدر قلق إلى دافعٍ للتحفيز والإنتاجية.
أخبار ذات صلة
ملحوظة: مضمون هذا الخبر تم كتابته بواسطة عكاظ ولا يعبر عن وجهة نظر مصر اليوم وانما تم نقله بمحتواه كما هو من عكاظ ونحن غير مسئولين عن محتوى الخبر والعهدة علي المصدر السابق ذكرة.
