إلى كل امرأة مفتونة بعالم الجمال، متتبعة لكل ما هو جديد في الموضة، عاشقة للأناقة وتفاصيل الإطلالة، تعالي نأخذك في رحلة خلف الكواليس، حيث ينبض عالم المكياج بالحياة، بعيداً عن أضواء المنصة وزحمة الفلاشات. من باريس إلى نيويورك، ومن ميلانو إلى طوكيو، يقف خلف كل عرض أزياء لافت نخبة من فنانات وفناني المكياج الذين يصنعون السحر في الظل ليخطف الأبصار في النور.
من رسم هذه الملامح الفريدة؟ من أبدع في مزج الألوان بهذا التناسق؟ من اختار هذا التباين اللافت بين البشرة والشفاه؟ في هذا التقرير، ستتعرفين إلى من يصوغ الجمال لحظة بلحظة، من يبتكر الاتجاهات قبل أن تنتشر، ومن يعمل تحت ضغط هائل ليخرج كل عارضة كتحفة فنية تمشي بثقة.
اليوم، سأصطحبك في رحلة مختلفة تماماً. لن نكتفي بمشاهدة العرض من المقاعد الأمامية، بل سنتسلل معاً إلى ما وراء الستار. إلى قلب الحركة، حيث يسود التوتر، وتختلط الفوضى بالإبداع، ويولد الجمال من عمق الضغط.
سنتعرف إلى أولئك الجنود المجهولين الذين يرسمون ملامح الموضة موسماً بعد آخر؛ الفنانين، المدراء الإبداعيين، المساعدين، والمبتكرين الذين لا تظهر صورهم على أغلفة المجلات، ولكنهم يقفون وراء كل صيحة مكياج تخترق العالم.
فنان المكياج في الكواليس أكثر من مجرد خبير تجميل
فنان المكياج في عروض الأزياء لا يقتصر دوره على تنفيذ لوك جمالي، هو مفسر بصري لرؤية المصمم، مؤرخ فني لكل قطعة تعرض، وصانع لهوية العرض. فنان المكياج الرئيسي أو "Key Makeup Artist"، يتولى قيادة فريق بأكمله من المحترفين، يحدد هو الشكل العام للمكياج، ويضمن انسجامه مع القصة التي يريد المصمم سردها من خلال الأقمشة، الإضاءة، والموسيقى.
مهامه تشمل:
- ابتكار اللوك الأساسي للمكياج.
- عرض النماذج التجريبية على المصمم.
- تدريب الفريق على تنفيذ اللوك.
- الإشراف الكامل على تطبيق المكياج في يوم العرض.
خطوات التحضير من الخيال إلى الواقع
- اللقاء الأول مع المصمم: يتم فيه فهم فكرة المجموعة، الألوان الأساسية، والخلفية الفنية للعرض.
- ابتكار الإطلالة: يبتكر فنان المكياج لوكاً تجريبياً متكاملاً باستخدام عارضة واحدة.
- مرحلة المراجعة: يعرض اللوك على المصمم وفريقه الفني، ويتم إجراء التعديلات اللازمة.
- بروفة الكواليس: يتم تدريب فريق المكياج على تطبيق اللوك بدقة على العارضات.
- يوم العرض: تحت ضغط الوقت، ينفذ المكياج على كل عارضة خلال دقائق معدودة، غالباً وسط زحمة وصخب شديديْن.
أدوات وتقنيات متطورة خلف الكواليس
- مستحضرات احترافية: مثل MAC Pro، Make Up For Ever، Krylon، تستخدم لأنها مقاومة للحرارة والإضاءة.
- المكياج وفق الإضاءة: يتم تكييف الألوان لتناسب الإضاءة المستخدمة على المنصة.
- تقنية الطبقات: يتم تطبيق المكياج على مراحل خفيفة لضمان ثباته.
- مواد مبتكرة: الريش، المعادن، الطلاء، وحتى عناصر ثلاثية الأبعاد تستخدم أحياناً لتحقيق الإبهار المطلوب.
تحديات الكواليس حيث لا وقت للخطأ
- تغييرات مفاجئة: المصمم قد يغير فكرة اللوك قبل العرض بلحظات.
- تنوع البشرة والملامح: وجوب التكيف مع أشكال وأنواع البشرة المتعددة.
- تعدد العروض: بعض العارضات ينتقلن بين أكثر من عرض يومياً، مما يتطلب إزالة وإعادة المكياج كلياً.
علاقة فنان المكياج بالمصمم: حوار بصري وروحي
في عالم عروض الأزياء، لا يعد فنان المكياج مجرد منفذ لتعليمات، بل هو شريك بصري حقيقي للمصمم. العلاقة بينهما تبدأ منذ اللحظات الأولى لتخطيط العرض، وتستمر حتى آخر ثانية قبل انطلاق العارضة على المنصة. هذه العلاقة قد تبدو خلف الكواليس، لكنها تؤثر مباشرة في كيف سيتلقى الجمهور العرض، وكيف سيفهم كل تصميم.
حوار إبداعي منذ البداية
قبل العرض بأسابيع، يبدأ المصمم بمشاركة أفكاره وفلسفة مجموعته مع فريق العمل الفني، ويتصدر فنان المكياج هذا الفريق. يتبادلان الحديث عن مصادر الإلهام: هل المجموعة مستوحاة من لوحة فنية؟ من عصر تاريخي؟ من بيئة معينة؟
ثم يترجم فنان المكياج هذه المفاهيم إلى رموز بصرية على الوجه؛ لون الشفاه، شكل الحاجب، نسيج البشرة. كلها عناصر يجب أن تنطق بنفس الرسالة التي تنطق بها الأقمشة والقصات.
انسجام تام مع النمط العام للعرض
يأخذ فنان المكياج بعين الاعتبار كل ما يدور في ذهن المصمم:
- نوع الأقمشة (مخمل، شيفون، جلد...).
- ألوان التصاميم.
- الإضاءة المستخدمة.
- الموسيقى المصاحبة للعرض.
فلا يمكن مثلاً أن يستخدم مكياجاً قوياً مع مجموعة ناعمة رومانسية، أو مكياجاً كلاسيكياً مع عرض يحمل طابعاً ثورياً. إنه توازن دقيق بين الإبداع والولاء لرؤية المصمم.
ثقة متبادلة وتاريخ مشترك
بمرور الوقت، تتكون علاقات طويلة الأمد بين بعض الفنانين والمصممين، لتصبح أشبه بالثنائيات التاريخية في الفن. هذه العلاقة تخلق مساحة أكبر للجرأة والتجريب؛ لأن كل طرف يعرف كيف يفكر الآخر.
أمثلة شهيرة:
- بات مكغراث وألكسندر ماكوين: وصلت العلاقة بينهما إلى حد العبقرية، إذ كانت مكغراث تبتكر مكياجاً يتجاوز الزينة، ليصبح جزءاً من السرد الدرامي للعرض.
- توم بيشو مع شانيل: جلب بيشو حداثة أنيقة تتماشى تماماً مع رؤية كارل لاغرفيلد، وظهرت في مكياج نظيف يعكس فخامة العلامة.
- فال غارلاند مع جون غاليانو: حيث تماهى الجنون الفني مع إبداع بصري صادم أحياناً ومبهر دائماً.
في لحظة الضغط: الحسم بيد المكياج
في بعض الأحيان، يتغير اتجاه المكياج قبل العرض بلحظات، بناء على مزاج المصمم أو إعادة تفسير للرسالة. هنا يظهر دور فنان المكياج الحقيقي: عليه أن يعيد توزيع الفريق، أن يعدل الألوان، أن يبدع تحت ضغط الوقت... وفي كل هذا، عليه ألا يخون الرؤية الفنية للمصمم.
فنان المكياج كمشارك في صناعة الاتجاه
في العديد من الحالات، تولد صيحات المكياج من فكرة اقترحها فنان المكياج للمصمم، لا العكس؛ بمعنى أن العلاقة لا تسير فقط من المصمم نحو فنان المكياج، بل هناك تغذية راجعة يقدمها الفنان، وقد تقود إلى تغيير بعض التفاصيل في التصميم نفسه.
يمكنك الاطلاع أيضاً على: مكياج البشرة المضيئة يعود بقوة في صيف 2025: إليكِ طريقة تطبيقه خطوة بخطوة
أشهر فنانات وفناني المكياج في عالم عروض الأزياء العالمية
Pat McGrath
بات مكغراث لم تقتصر فقط على تنفيذ المكياج في عروض الأزياء، بل كانت دائماً على رأس الطليعة في صناعة صيحات المكياج التي غيّرت وجه الجمال عالمياً، فقد أدخلت أساليب وتقنيات جديدة على مستوى الألوان، الأدوات، والتطبيقات التي أصبحت اليوم جزءاً أساسياً في روتين المكياج اليومي.
- المكياج الفاخر والمتعدد الأبعاد: مكياج مكغراث يتسم بعمق الألوان وتأثيرات الضوء، ما جعل المكياج يظهر أكثر حيوية وواقعية. أصبح هذا الأسلوب نموذجاً يحتذى به في صناعة الجمال.
- المكياج التجريبي: من خلال تطبيق ألوان جريئة ومواد جديدة مثل الجليتر، الأحجار الكريمة، وحتى الطلاء اللامع، جعلت مكغراث المكياج أكثر من مجرد أداة تجميلية، بل أصبح جزءاً من تجربة فنية. تأثيرها في هذا المجال لا يحصى، إذ ابتكرت ألواناً وأسلوب مكياج أصبح شائعاً في الموضة اليومية، مثل المكياج المعدني والمكياج الدرامي الغني بالألوان.
- مكياج غير تقليدي: قامت مكغراث بإدخال مكياج لا يتبع القواعد التقليدية، مثل الآيلاينر الغرافيكي، وتدرجات الشفاه الغريبة، ما منح كل عرض لمسة فريدة تركت أثراً عميقاً على عالم المكياج.
- التأثير على العلامات التجارية: من خلال شراكتها مع MAC Cosmetics، أطلقت منتجات أثرت بشكل كبير على صيحات المكياج العالمية، مثل ظلال العيون اللامعة، أحمر الشفاه بلون غير تقليدي، وأدوات المكياج المتطورة.
Val Garland
- كسرت مفهوم الكمال في المكياج: كانت من أول من قدم فكرة أن الجمال لا يجب أن يكون مثالياً أو متماثلاً. في عروض Vivienne Westwood وComme des Garçons، ظهرت العارضات بشفاه غير مرسومة تماماً أو بكحل غير متوازن عمداً، ما جعل هذا الأسلوب لاحقاً تياراً في عالم الموضة.
- جمعت بين الفن التشكيلي والمكياج: استخدمت الألوان بطريقة فنية معبرة، مستوحاة من مدارس الفن التجريدي والسريالي. في بعض العروض، بدا المكياج وكأنه لوحة على الوجه، ينقل إحساساً أو فكرة أكثر من كونه فقط للتجميل.
- غيرت شكل الوجه بالمكياج: اعتمدت على تقنيات بصرية لتفكيك ملامح الوجه وإعادة تركيبها، مثل إخفاء الحواجب تماماً، أو اللعب بالظل والنور لتغيير مركز العين أو حجم الفم. هذه التقنيات أصبحت أساساً لمفاهيم المكياج الفني لاحقاً.
- استخدمت خامات غير تقليدية: كانت سباقة في إدخال مواد مثل الريش، الورق، البلاستيك، الأقمشة، وحتى الزجاج في المكياج. هذه المواد أضفت طابعاً مسرحياً وتجريبياً قوياً، وأثرت في مكياج الأزياء الراقية والمجلات الفنية.
- أثرت على حركة الجمال العالمي: الكثير من الصيحات التي نشاهدها اليوم، مثل المكياج "المرسوم يدوياً"، أو البشرة ذات التأثير الفني، يمكن تتبعها إلى أعمال فال غارلاند. أسلوبها ترك أثراً واضحاً ليس فقط في العروض، بل أيضاً في الحملات الإعلانية والمجلات والمؤثرين.
Tompecheux
- رائد المكياج الكلاسيكي العصري: اشتهر توم بيشو بجمعه بين الأناقة الباريسية واللمسة العصرية. أعاد صياغة مفاهيم الجمال الكلاسيكي، مثل الشفاه الحمراء والآيلاينر الدقيق، بأسلوب أنيق ومتناغم مع الموضة الحديثة. هذه التوازنات أصبحت من أهم أسس مكياج عروض الأزياء الفاخرة.
- قوة البشرة الطبيعية المثالية: أسهم في ترسيخ مفهوم "البشرة المثالية" أو "البشرة الثانية"، حيث لا يبدو المكياج ظاهراً، بل يبرز جمال البشرة الحقيقي. في عروض Chanel وDior، اعتمد طبقات خفيفة للغاية مع إضاءة ناعمة، مما أثر على توجه العلامات التجارية الكبرى نحو مستحضرات الـ"Skin-like".
- تأثيره في الجمال العملي للمودرن وومن: في الكثير من عروض Yves Saint Laurent وBalmain، قدم إطلالات نسائية قوية، واقعية، وعملية، تعكس جمال المرأة العاملة والمستقلة. هذه الإطلالات انتقلت إلى إعلانات العلامات التجارية ومستحضرات "no-makeup makeup look".
- موازنة المكياج مع الموضة: بيشو كان من القلائل الذين يملكون حساً فنياً يسمح لهم بجعل المكياج امتداداً طبيعياً للملابس وليس منفصلاً عنها. لطالما قال إن "المكياج الجيد لا يلاحظ، لكنه يحس"، وهذا المبدأ أثر في مفهوم الجمال الخفي الذي بات مرغوباً عالمياً.
- إرثه في دور الأزياء: كمدير مكياج سابق لـ Estée Lauder وYSL Beauté، كان له دور مباشر في تطوير مستحضرات أصبحت أيقونية (مثل الهايلايترات الذهبية والظلال المحايدة)، ولا تزال تؤثر على صيحات السوق التجاري حتى اليوم.
Lisa Eldridge
- جعلت المكياج التعليمي رائجاً عالمياً: كانت من أوائل فنانات المكياج اللواتي قدمن محتوى تعليمياً على اليوتيوب بأسلوب راقٍ واحترافي، ما غيّر طريقة تعليم المكياج حول العالم، خصوصاً للفتيات المهتمات بالمظهر الطبيعي والأنيق.
- رائدة المكياج الهادئ والناعم: عرفت بإطلالاتها الطبيعية التي تبرز جمال البشرة الحقيقي. هذا الأسلوب انتقل من الكواليس إلى الحملات التجارية، وأثّر بشكل مباشر في شعبية صيحة “your skin but better” التي غزت منصات التجميل.
- أثرت على صيحات الشفاه العالمية: من خلال إطلاقها لمجموعة أحمر الشفاه Lisa Eldridge Lipsticks ذات الألوان المخملية الدقيقة المستوحاة من أرشيف مكياج هوليوود القديم، ساعدت على عودة الشفاه الكلاسيكية غير اللامعة والدرجات الحمراء العميقة للساحة.
- حضورها في الكواليس الراقية: رغم شهرتها على الإنترنت، إلا أنها عملت خلف كواليس Chloe، Lancome، وPrada، وقدمت إطلالات أنثوية رومانسية أثرت في صيحات المكياج الربيعي والخريفي.
- الربط بين التاريخ والجمال الحديث: استخدمت خلفيتها في تاريخ الفن والجمال لصياغة إطلالات تدمج بين تقنيات الماضي ورؤية الحاضر، مما أثر على جمالية التصوير الفوتوغرافي في المجلات والعروض على حد سواء.
Peter Philips
- مهندس مفهوم "البشرة الكوتور": منذ توليه منصب المدير الإبداعي لقسم المكياج في Dior، أعاد صياغة مفهوم البشرة الراقية (Haute Skin)، حيث أصبحت البشرة المشدودة والمضيئة بإتقان جزءاً من هوية مكياج عروض الأزياء، خصوصاً في Dior Couture.
- ابتكار صيحات فنية حديثة: كان أول من استخدم عناصر غير تقليدية كالـ"كريستالات"، والرموش المطلية باللون الأبيض، والآيلاينر الغرافيكي في عروض Fendi وDior. هذه الصيحات أصبحت فيما بعد أساساً لعدد هائل من حملات التجميل والمجلات.
- أدخل المكياج الملون إلى الواجهة: في زمن كانت تسيطر فيه الدرجات الترابية، قدّم Philips ظلالاً مشرقة وجريئة (مثل الأزرق الكهربائي والوردي النيون) بطريقة راقية، مما أعاد الحياة للألوان في مكياج العيون ورفع الإقبال على المستحضرات الجريئة عالمياً.
- غير شكل عروض التجميل الرقمية: في السنوات الأخيرة، دمج التكنولوجيا مع المكياج من خلال عروض افتراضية، وابتكر فيديوهات دعائية لمستحضرات Dior Makeup بأسلوب سينمائي، مما غير شكل تسويق مستحضرات المكياج.
- تأثيره طويل الأمد على السوق التجاري: كل لوك رئيسي يصممه لعروض Dior يتحول لاحقاً إلى خطوط إنتاج كاملة في الأسواق، مثل صيحة "الشفاه الزجاجية" و"الحواجب الطبيعية المنظمة" التي بدأت من كواليسه وأصبحت ترنداً عالمياً.
ملحوظة: مضمون هذا الخبر تم كتابته بواسطة سيدتى ولا يعبر عن وجهة نظر مصر اليوم وانما تم نقله بمحتواه كما هو من سيدتى ونحن غير مسئولين عن محتوى الخبر والعهدة علي المصدر السابق ذكرة.