تكنولوجيا / البوابة العربية للأخبار التقنية

تسلا تدخل .. فهل يمكنها النجاح في سوق السيارات الكهربائية المكتظ بالمنافسين؟

  • 1/2
  • 2/2

شهد شهر أبريل 2025، انطلاقة رسمية لعمليات شركة تسلا للسيارات الكهربائية في المملكة العربية ، في خطوة مهمة ومُرتقبة تعكس عزم الشركة على التوسع في أسواق جديدة واستجابتها لتنامي الاهتمام بالسيارات الكهربائية في المملكة.

وقد كشفت تسلا عن إستراتيجيتها لدخول السوق ، التي تشمل: تمكين العملاء من شراء تسلا مباشرة عبر الإنترنت، وافتتاح صالات عرض تفاعلية في المواقع الحيوية والمراكز التجارية الكبرى، لتوفير تجربة أحدث طرازات تسلا للجمهور، بالإضافة إلى البدء بإنشاء شبكة متطورة من محطات الشحن لضمان سهولة الاستخدام والتنقل، وتأسيس مراكز صيانة وخدمة متخصصة لتقديم الدعم الفني وخدمات ما بعد البيع لملاك سيارات تسلا في المملكة.

وأكدت تسلا أنها ستبدأ بيع شاحنتها الكهربائية (Cybertruck)، في المملكة العربية السعودية، بالإضافة إلى العربية المتحدة وقطر، وهي المرة الأولى التي يُباع فيها هذا الطراز الكهربائي المثير للجدل خارج أمريكا الشمالية منذ الكشف عنه، وستبدأ عمليات التسليم في أواخر عام 2025 الجاري، وفقًا لما ورد في موقع تسلا الإلكتروني.

وتأتي هذه الخطوة التوسعية لشركة تسلا في وقت تواجه فيه الشركة نفسها تحديات على الصعيد العالمي، أبرزها التباطؤ النسبي في وتيرة النمو وتزايد المنافسة في أسواق رئيسية. وفي المقابل، تتزامن هذه الانطلاقة مع جهود حثيثة تبذلها المملكة العربية السعودية كجزء من رؤيتها المستقبلية لتحقيق أهداف طموحة لتوطين قطاع السيارات الكهربائية، وتقليل الاعتماد على الوقود الأحفوري.

ولكن في ظل هذا المشهد المتنامي، تبرز منافسة قوية وشديدة في السوق السعودي، ويأتي هذا التنافس من شركات قوية تتمتع بحضور راسخ أو بدعم محلي كبير ومميز، مثل: شركة (لوسيد) Lucid، التي تستثمر فيها المملكة بنحو كبير والتي افتتحت خلال شهر سبتمبر أول منشأة لتصنيع السيارات في المملكة، مما يمنحها ميزة تنافسية كبيرة، وشركة (سير) Ceer، التي تُعدّ مشروعًا مشتركًا بين صندوق الاستثمارات العامة السعودي وشركة فوكسكون، وهي أول علامة تجارية وطنية لصناعة السيارات الكهربائية في المملكة، مما يضمن لها دفعة قوية ومكانة خاصة في السوق.

بالإضافة إلى شركة (BYD) الصينية، التي تفوقت على تسلا آخرًا في حجم المبيعات العالمية للسيارات الكهربائية، مما يؤكد قوتها التنافسية وقدرتها على التوسع في مختلف الأسواق الدولية، بما يشمل السوق السعودي.

وفي ظل وجود هذه القوى التنافسية المتعددة، التي تجمع بين الدعم المحلي والقوة العالمية، يثير دخول تسلا إلى السوق السعودي تساؤلات مهمة حول مدى قدرة تسلا على المنافسة بفعالية واكتساب حصة سوقية مؤثرة ومستدامة في هذا السوق الحيوي، الذي يشهد تحولات متسارعة وتزايدًا ملحوظ في عدد المنافسين.

دخول تسلا إلى السوق السعودي:

تسلا تدخل السعودية.. فهل يمكنها النجاح في سوق السيارات الكهربائية المكتظ بالمنافسين؟

تأخر دخول تسلا إلى السوق السعودي لسنوات، إذ يأتي هذا التوسع بعد سنوات من دخول الشركة أسواقًا أخرى في المنطقة، مثل: الإمارات وقطر والأردن، ويربط العديد من المراقبين والتحليلات السوقية تأخر توسع تسلا في السعودية بخلاف سرّبته الصحافة بين إيلون ماسك وسعادة محافظ صندوق الاستثمارات العامة السعودي في عام 2018، حول صفقة استثمارية محتملة كان من المفترض أن يقوم بموجبها الصندوق بضخ استثمارات ضخمة في شركة تسلا لمساعدة إيلون ماسك في خطته المعلنة آنذاك لتحويل الشركة إلى كيان خاص وإلغاء إدراجها في البورصة، وقد تلى ذلك، ربما كنتيجة لهذا الخلاف أو التوتر، استثمار الصندوق بنحو كبير في شركة لوسيد موتورز (Lucid Motors)، التي تُعدّ منافسًا رئيسيًا لتسلا في قطاع السيارات الكهربائية الفاخرة، ليصبح لاحقًا المستثمر الأكبر فيها.

وقد تغيرت الكثير من المعطيات خلال السنوات الخمس الماضية، إذ تواجه تسلا اليوم تحديات جديدة في سوقها الأم، الولايات المتحدة، للمواقف السياسية المثيرة للجدل، التي تبناها إيلون ماسك. وقد انعكس ذلك سلبًا على قيمة الشركة السوقية، التي انخفضت بنسبة كبيرة خلال مدة قصيرة، وشملت تداعياتها اعتداءات على ملاك سيارات تسلا، ومظاهرات أمام معارضها في عدة مدن أمريكية.

كما تواجه شاحنة (Cybertruck) مبيعات عالمية أقل من التوقعات، إذ لم تتجاوز مبيعات هذه الشاحنة  6,406 وحدة في الربع الأول من عام 2025،في حين بلغت المبيعات 12,991 وحدة في الربع الرابع من عام 2024، وتشير تقارير سابقة لصحيفة (Business Insider) إلى أن تسلا قد خفضت بعض أهداف الإنتاج المحددة للشاحنة في مصنعها الضخم في تكساس خلال الأشهر القليلة الماضية.

وتؤكد بيانات أخرى هذا التحدي، إذ بلغ إجمالي عدد شاحنات (Cybertruck)، التي سُلمت حتى 20 مارس الماضي أقل من 50,000 وحدة، وذلك وفقًا لإشعار استدعاء صدر خلال شهر مارس الماضي، ويُعدّ هذا الرقم بعيد جدًا عن الأهداف الطموحة التي وضعها إيلون ماسك قبل إطلاق الشاحنة في عام 2023، إذ كان يخطط لإنتاج 200,000 شاحنة سنويًا، وقبل إصدارها، سجلت الشاحنة نحو 1.5 مليون حجز سابق وفقًا للإحصات التي نشرها موقع (Electrek) سابقًا.

وفي تعليق على أداء المبيعات، وصف جلين ميرسر، رئيس شركة (GM Automotive) للاستشارات في مجال السيارات، الأرقام الحالية بأنها خيبة أمل شديدة، مؤكدًا أنه لا توجد طريقة حقيقية لوصف سجل مبيعاتها اليوم بخلاف ذلك.

وفي ظل هذه الظروف، يبدو أن ماسك في حاجة إلى تعزيز علاقاته وتوسيع نطاق حضور شركته في أسواق جديدة وواعدة مثل السوق السعودي، الذي قد يمثل ملاذًا آمنًا للشركة لتعويض بعض الخسائر التي تكبدتها في أسواق أخرى، خاصة في أوروبا، إذ أثرت توجهات ماسك السياسية في إقبال العملاء على سيارات تسلا.

سوق السيارات الكهربائية في السعودية:

قد لا يكون قرار شركة تسلا بالتوسع في السعودية مرتبطًا مباشرة بأزمتها التنافسية الحالية أو التحديات العالمية، التي تواجهها على صعيد المبيعات والإنتاج في أسواق أخرى، ولكن توقيت هذا الإعلان يمنح هذه الخطوة أهمية مضاعفة، فالسوق السعودي يمثل فرصة كبيرة للنمو.

إذ يُصنف سوق السيارات في المملكة أنه أكبر سوق في العالم العربي من حيث حجم المبيعات والنشاط التجاري، وذلك وفقًا لتقرير موقع (فوكس تو موف) المتخصص في أبحاث أسواق السيارات حول العالم، ومن المتوقع أن ينمو قطاع السيارات في المملكة بمعدل سنوي يبلغ 12% بحلول عام 2030، مدفوعًا بالاستثمارات الإستراتيجية في التصنيع المحلي، وإدخال حلول التنقل المستدامة، وتطوير القوى العاملة الماهرة وفقًا للمعايير العالمية.

وعلاوة على ذلك، تُعدّ العاصمة وحدها، بنموها السكاني والاقتصادي المتسارع وحجمها كمدينة عملاقة، سوقًا محتملًا ضخمًا للسيارات الكهربائية، فقد أعلنت الهيئة الملكية لمدينة الرياض هدفًا طموحًا للغاية يوضح حجم التحول المستهدف، يتمثل في وصول نسبة السيارات الكهربائية إلى 30% من إجمالي السيارات في العاصمة بحلول عام 2030، وذلك ضمن خطة شاملة لخفض الانبعاثات الكربونية في المدينة إلى النصف.

ولفهم مدى استعداد السوق المحلي لهذا التحول، أظهر استطلاع رأي حديث أجرته شركة الاستشارات العالمية (أليكس بارتنرز) AlixPartners في عام 2024، أن نسبة تبلغ 70% من سكان المملكة العربية السعودية مهتمون بشراء السيارات الكهربائية، ومن المتوقع أن يرتفع هذا الرقم ليصل إلى 85% بحلول عام 2035.

وتُشير هذه النتائج إلى إمكانات كبيرة لنمو سوق السيارات الكهربائية في السعودية خلال السنوات القادمة، متجاوزةً الأسواق الأمريكية والأوروبية، التي تُعدّ حاليًا أكبر أسواق تسلا، والتي تشهد استقرارًا في رغبة المستهلكين في شراء هذا النوع من المركبات بنسبة تتراوح بين 35% و43% فقط، مما يمنح تسلا فرصة ذهبية لتأسيس سوق جديدة في منطقة يمكن أن تنافس في حجمها وأهميتها الإستراتيجية أسواقها الأوروبية الكبرى على المدى الطويل وتساهم بنحو فعال في دعم نمو الشركة عالميًا.

ومع ذلك، قد تكون تسلا من بين آخر الشركات، التي تدخل سوق السيارات الكهربائية السعودي، قد سبقتها بالفعل شركة لوسيد، التي بدأت في تصنيع سياراتها محليًا في المملكة، بالإضافة إلى شركة سير، التي أسسها صندوق الاستثمارات العامة نفسه.

والأهم من ذلك، تواجه تسلا منافسة شرسة من شركة BYD الصينية، التي تمكنت من إزاحة تسلا عن صدارة مبيعات السيارات الكهربائية على مستوى العالم، وسيجعل هذا الواقع سيجعل مهمة تسلا في السوق السعودي أكثر صعوبة.

تأثير تسلا في السوق السعودي:

لن يقتصر دخول تسلا إلى السوق السعودي على بيع السيارات، بل سيسهم في تطوير البنية التحتية، فاستثماراتها الضخمة في تطوير شبكات الشحن السريع ستكون مفيدة لجميع شركات السيارات الكهربائية، إذ ستساهم بنحو كبير في تحويل السيارات الكهربائية إلى خيار عملي وجذاب للمستهلكين. وهذا تحديدًا ما يحتاج إليه السوق السعودي في الوقت الحالي لتجاوز مرحلة التبني البطيء، وبالإضافة إلى ذلك سيدفع وجود تسلا المنافسين إلى تحسين عروضهم، مما يفيد المستهلكين.

ومع ذلك، يبقى نجاح تسلا مرهونًا بقدرتها على التغلب على ولاء المستهلكين للعلامات التقليدية ومواجهة المنافسة المحلية والدولية، وهذا ما ستكشفه الأيام القادمة.

نسخ الرابط تم نسخ الرابط

ملحوظة: مضمون هذا الخبر تم كتابته بواسطة البوابة العربية للأخبار التقنية ولا يعبر عن وجهة نظر مصر اليوم وانما تم نقله بمحتواه كما هو من البوابة العربية للأخبار التقنية ونحن غير مسئولين عن محتوى الخبر والعهدة علي المصدر السابق ذكرة.

قد تقرأ أيضا