[email protected]
ارتبطت المنطقة الشرقية تاريخيا بحضارة السومرية والتي نشأت في جنوب بلاد الرافدين من العراق في الألفية الرابعة والثالثة قبل الميلاد. وكانت حضارة سومر أول حضارة عرفت أيضا في التاريخ بعد الفترة العبيدية والتي بدأ الانسان فيها ببناء المنازل والرعي والزراعة.
هذه الحضارة تركت لنا على ألواح طينية باستخدام الخط المسماري والذي هو عبارة عن خطوط متشابكة لها أشكال محددة قصتهم وأساطيرهم وقوانينهم وتواصلهم مع العالم الخارجي والتي منها ممالك دلمون والتي تشمل اليوم المنطقة الشرقية من السعودية. لم تكن مملكة سومر موحدة وكانت عبارة عن مدن بنمط دول مستقلة تتنازع السلطة بينها. وانتهت هذه الحضارة تدريجيًا مع سقوط سلالة أور الثالثة، لتبدأ فترات البابليين والآشوريين.
كما امتدت حضارة دلمون بين جزيرة البحرين وساحل المنطقة الشرقية من السعودية. حيث كانت محطات تجارية أو مستوطنات مرتبطة بدلمون التي لها علاقات وثيقة بحضارة سومر ومدنها. ومن أبرز مواقعها المكتشفة بالمنطقة موقع ثاج الأثري الذي يقع غرب الجبيل ويحتوي على مدافن كثيرة، وأسوار، ولقى تعود إلى الألف الأول قبل الميلاد. رغم أنه ارتبط لاحقًا بالقبائل العربية، فإن التبادل الثقافي مع دلمون واضح فيه. وبالأحساء نجد المدافن العديدة التي تعد بالآلاف وتعود الى تلك الفترة الزمنية بعدد من مناطقها، وأيضا نجد تشابه كبير بين النظام المائي المتطور لعيون وينابيع الأحساء الذي يشبه ما كان يُستخدم في حضارات دلمون القديمة. كذلك نجد آثارا لدلمون في جزيرة دارين وتاروت من محافظة القطيف والتي عثر فيها على تماثيل وأوانٍ فخارية ونقوش تعود للعصر الدلموني. كذلك ما اكتشف في الظهران من آثار دلمونية. كما ان هناك العديد من الموانئ بالمنطقة الشرقية والتي تعود الى تلك الفترة الزمنية مما اكتشف من آثار من بعثات علمية.
ومن أهم الالواح السومرية ببلاد الرافدين التي اشارت إلى ديلمون لوح "انكي وننخر ساج" الذي أشار ان بدلمون جنة الآلهة، كذلك الالواح التجارية التي وجدت في أور مقر نبي الله إبراهيم عليه السلام والتي اشارت إلى شحنات بالنحاس والعاج من ديلمون. وايضا وثيقة جمركية تفيد بدخول سفن من ديلمون لميناء بابل. ونقش ملوكي يشير لغزو سرجون الأكدى أراضي دلمون ومجان. أرض نقية ومقدسة. كما كان لدلمون مكانة مقدسة عند السومريين كما في أسطورة الخلق السومرية “انكي وننخر ساج" حيث جاء الذكر فيها أن "انكي" إله الحكمة والمياه بنى دلمون لتكون جنة خالية من المرض والموت. وهناك نص آخر يقول: في دلمون، لا يموت الإنسان... لا يُصاب بالكآبة... لا مرض فيها ولا شيخوخة."
كما ان لحضارة دِلمون مكانة مميزة في الأساطير السومرية، خاصة فيما يتعلق بالفردوس والطوفان العظيم، وهي القصة التي نقلت التوراة لاحقًا نصوص منها في فترة السبي البابلي. وترتبط دِلمون والطوفان في الأساطير السومرية بملحمة زيوسودرا / أوتنابشتيم. وهو المقابل السومري لشخصية نوح علية السلام. والقصة في الملحمة ان هناك رجل صالح أنقذه الإله "انكي" من طوفان عظيم وأرشده لبناء سفينة بعد ان قررت الآلهة إفناء البشرية. وبعد نجاته، منحته الآلهة الخلود. ثم أُرسل ليعيش في أرض مقدسة تُدعى "دلمون". وتذكر هذه الأسطورة " في أرض دِلمون، حيث تشرق الشمس، هناك عاش زيوسودرا الخالد بعد الطوفان." وفي أسطورة "انكي وننخر ساج": يذكر النص "انكي، إله المياه والحكمة، يُنعم على دلمون بالنقاء والخصب. كما يصف ديلمون" لا مرض في دلمون، لا حزن، لا موت، لا شيخوخة، لا دموع. أي أنها أرض مثالية، خالية من الشرور، مقر للآلهة وللإنسان المخلّد "زيوسودرا"
المنطقة الشرقية من أقدم المناطق المستمرة حضريا بالسعودية ومنذ قبل خمسة ألف عام. وحضارة دلمون كما في الالواح السومرية ومن خلال الاكتشافات الاثرية بالمنطقة الى الان, ما هو الا شواهد تاريخية تثبت ان المنطقة كانت محطة تجارية هامة متحفه بالمدن والمناطق المأهولة والتي تنتظر المزيد من الاكتشاف لتروي لنا قصتها وأحداثها وتعد أحد اهم المناطق بتاريخ الجزيرة بما اكتشف من قدم حضري مستمر.
ملحوظة: مضمون هذا الخبر تم كتابته بواسطة صحيفة اليوم ولا يعبر عن وجهة نظر مصر اليوم وانما تم نقله بمحتواه كما هو من صحيفة اليوم ونحن غير مسئولين عن محتوى الخبر والعهدة علي المصدر السابق ذكرة.