يمكن قراءة الجزء الرابع من المقال هنا
Bloodborne

- المطور: FromSoftware
- المنصّة: PS4
تُعد Bloodborne واحدة من أكثر التجارب الرعبية التي لا تُنسى، رغم أنها لا تُقدّم نفسها كلعبة رعب تقليدية. فهي امتداد مباشر لأسلوب ألعاب Dark Souls من حيث البناء والميكانيكيات، لكنّها تنجح في بثّ رعب يفوق بكثير ما تقدّمه ألعاب الرعب الكلاسيكية. فهي لعبة أكشن–آر بي جي تعتمد على إدارة الإحصائيات، وإتقان أسلوب القتال، واستيعاب نمط اللعب الصارم الذي تعودنا عليه من FromSoftware، ومع ذلك فهي تُشعر اللاعب بالخوف والتوتر أكثر من أية تجربة تعتمد على الرعب المباشر.
تأخذنا اللعبة إلى مدينة Yharnam، المكان الذي يبدو وكأنه كابوس مستمر مستوحى من أوروبا الفيكتورية، لكنّ هذا العالم ليس كما نعرفه، إذ يتلاشى فيه الواقع تدريجيًا ليفسح المجال لأهوال كونية مستمدة من أعمال Lovecraft. إنه عالم غارق في الدماء، ملوّث بالجنون، وتتحوّل شوارعه المرصوفة إلى متاهة من الرعب الوجودي، حيث لا يوجد شيء على ما يبدو، ولا يمكن الوثوق بأي شيء تراه.
تتفوّق Bloodborne في صنع جو خانق من التوتر، فكلما تقدّمت عبر الأزقة المظلمة، تسمع همسات خافتة من خلف الأبواب المغلقة بإحكام، وجملًا مبتورة تدفعك للتساؤل: من أنت؟ وما حقيقة “الصيد” الذي تجد نفسك جزءًا منه؟ هذا الغموض المستمر يخلق حالة من القلق العميق، تجعل كل خطوة إلى الأمام مخاطرة، وكل عدو تواجهه تهديدًا غير متوقع.
ورغم أن التركيز الأساسي في اللعبة هو القتال شديد القسوة، إلا أن الرعب النفسي هو جوهر التجربة. فالمخلوقات التي تواجهها ليست مجرد وحوش، بل تجسيدات للجنون، والتحوّل، والفساد الكوني. وترغمك اللعبة على مواجهة هذه الكائنات وجهاً لوجه بسرعة وقسوة، دون دروع أو أساليب دفاعية مريحة كما في Dark Souls، وهو ما يجعل القتال نفسه مصدرًا للرعب.
ما يميّز Bloodborne أكثر هو السرد الغامض. فهي لا تخبرك القصة بشكل مباشر، بل تترك لك مهمة تجميع قطع الحكاية عبر البيئة، والأدوات، والحوارات المبتورة. ومع الوقت تبدأ الصورة بالاكتمال، وتنقلب كل توقعاتك رأسًا على عقب، لتكشف عن قصة أعمق وأشدّ رعبًا مما يبدو على السطح.
إنها أفضل لعبة رعب كوني (Eldritch Horror) في عالم الألعاب، وليست مجرد تجربة لعب، بل رحلة في قلب كابوسٍ زنخٍ من الأسرار، والدماء، والجنون. ستدفعك رغبتك في اكتشاف الحقيقة إلى الاستمرار، تمامًا كما يدفعك نظام القتال الوحشي إلى إتقان مهاراتك للبقاء.
Bloodborne ليست فقط من أفضل ألعاب FromSoftware، بل واحدة من أعظم ألعاب الرعب والتجربة النفسية في تاريخ الألعاب.
Devotion

- المطور: Red Candle Games
- المنصّة: الحاسب الشخصي (PC)
على الرغم من أنّ لعبة Devotion أصبحت معروفة اليوم بسبب مشكلات إصدارها وما رافقه من جدل، فإنّ قيمتها الحقيقية تكمن في كونها درسًا متقنًا في سردّ البيئة وكيف يمكن للمكان وحده أن يصنع رعبًا لا يُنسى. فهذه ليست لعبة تعتمد على المواجهات أو البقاء أو حتى القفزات المرعبة المفاجئة، بل تعتمد على إحساس ثقيل بالخوف الزاحف الذي يزداد خطوة بخطوة كلما اكتشفت المزيد من خبايا المنزل الذي تتجوّل فيه.
جوهر الرعب في Devotion هو المعرفة؛ إذ يتكشّف كل جزء من القصة عبر تفاصيل صغيرة تبدو عابرة، لكنها تُعيد تشكيل الصورة بكاملها مع تقدّمك في اللعبة. صور على الجدران، أصوات مكتومة في الممرات، غرف تتغير ملامحها بشكل غير طبيعي كلها عناصر تُراكم التوتر النفسي وتخلق شعورًا متصاعدًا بأنّ شيئًا مأساويًا قد حدث هنا، وأنّ الحقيقة أكثر ظلمة مما تتوقع.
من الناحية البصرية، تقدّم اللعبة مستوى فنيًا مذهلًا، يستخدم الإضاءة واللون والمساحات الضيقة بطريقة تجعل اللاعب يشعر بأن المنزل نفسه شخصية حيّة تتنفّس وتراقب وتغلق عليك دائرة الرعب تدريجيًا. ورغم أنّ التفاعل في اللعبة بسيط نسبيًا ولا يعتمد على ميكانيكيات لعب معقّدة، فإنّ هذا البساطة مقصودة، لأنها تجعل التركيز بالكامل على الأجواء والقصّة والرموز، وهو ما يضع اللعبة في مصاف أعمال كلاسيكية مثل Amnesia من حيث القدرة على خلق رعب نفسي عبر الفضاء وليس عبر المواجهة.
إنّ Devotion ليست مجرد لعبة رعب، بل تجربة قصصية غامرة تُظهر كيف يمكن للألعاب أن تنقل رسائل عميقة ومؤلمة عبر السرد الصامت والبيئة وحدها. إنها رحلة قصيرة نسبيًا، لكنها تترك أثرًا ثقيلًا في الذاكرة، وتجعل اللاعب يعيد التفكير طويلًا في معنى الإيمان، والخوف، والانهيار البشري.
لهذا تُعد Devotion واحدة من أكثر ألعاب الرعب تأثيرًا في العقد الأخير تجربة نفسية فريدة تُبرهن أنّ الرعب الحقيقي لا يحتاج صراخًا أو مطاردات، بل يكفيه منزل واحد يحمل ماضيًا لا يريد أن يُنسى.
Resident Evil 4 (2023)

- المطور: Capcom
- المنصّات: PS4، PS5، Xbox Series X، PC
يُعد Resident Evil 4 Remake واحدًا من أكثر مشاريع Capcom طموحًا في سلسلة الريميكات التي تعمل عليها منذ سنوات، وهو مشروع يُثبت أنّ الشركة وصلت إلى مستوى نضج واضح في إعادة صياغة ألعابها الكلاسيكية. فالنسخة الأصلية التي صدرت عام 2004 كانت ولا تزال واحدة من أهم ألعاب الرعب والبقاء في التاريخ، وقد تركت بصمتها على أجيال من اللاعبين. ومع ذلك، فإن النسخة الجديدة لعام 2023 لا تكتفي بإعادة تقديم التجربة نفسها، بل تسعى إلى تطويرها وتضخيمها وإعادة تشكيلها بالكامل لتناسب معايير ألعاب الجيل الجديد، دون أن تفقد روحها الأساسية.
من اللحظة الأولى التي يدخل فيها Leon S. Kennedy إلى القرية الإسبانية المُعزولة، يشعر اللاعب بأن اللعبة نجحت في المزج بين الأجواء الأصلية التي أثارت الرعب منذ عقدين، وبين التحديثات البصرية والميكانيكية التي تجعل كل مواجهة أكثر توترًا وواقعية. البيئة أصبحت أكثر كثافة، والإضاءة أكثر درامية، والظلال تلعب دورًا نفسيًا مهمًا في صناعة الرعب البطيء الذي تشتهر به السلسلة. كذلك تم تصميم القرويين (Ganados) بشكل جديد يجعلهم أكثر عدائية وتهديدًا ويكشف عن تأثير طفيليات Las Plagas على أجسادهم وحركتهم بطريقة مؤلمة للنظر.
أما نظام القتال فقد حصل على تحسينات جوهرية. أصبح استخدام الأسلحة أكثر سلاسة، وحرّية الحركة أثناء التصويب أصبحت جزءًا طبيعيًا من التجربة. كما تمت إعادة صياغة أنماط الذكاء الاصطناعي للأعداء، بحيث لم يعودوا مجرد أهداف تتحرك في خط مستقيم، بل خصومًا يتعاونون ويهاجمون بطرق غير متوقعة.
ويظهر هنا الدور الكبير لـ الـMerchant الذي يعود بشخصيته الغامضة وصوته الأيقوني ونبرته البريطانية المميزة. مخزونه أصبح أغنى وأكثر تنوعًا، مع خيارات تطوير محسّنة للأسلحة تُشجع اللاعب على التجريب وبناء أسلوب لعبه الخاص.
وبالطبع، لا يمكن تجاهل قائمة الأعداء والزعماء الأسطورية في اللعبة فـ Dr. Salvador بمنشاره المرعب، والأختان Bella Sisters، وأولئك المصابون الذين تنفجر رؤوسهم لتكشف عن طفيليات متلوية كلهم يظهرون بقوة أعنف وتصميم بصري أكثر رعبًا من ذي قبل. لقد أصبحت مواجهاتهم أحداثًا سينمائية كاملة تُشعرك بأنك في قلب معركة بقاء شرسة.
كما أنّ المشاهد الأكثر هدوءًا في اللعبة لا تقل أهمية عن المعارك العنيفة، فالتوتر الذي تولده البيوت المظلمة والممرات الضيقة، والصمت المفاجئ بعد موجة من الصراخ، والإحساس بأن العيون تراقبك من خلف الشقوق… كلها عناصر تجعل من Resident Evil 4 Remake تجربة رعب نفسي وجسدي في آن واحد.
تستطيع النسخة المُعاد تطويرها أن تُقدّم نفسها بثقة باعتبارها إحدى أفضل ألعاب الرعب في العقد الأخير، وأحد أفضل ألعاب الأكشن على الإطلاق. فهي تحترم الأصل وتعيد إحياءه بقدر كبير من الاحترام والإبداع، وفي الوقت نفسه تُقدّم مستوى من الجودة يجعلها تجربة مستقلة وضرورية حتى لمن لم يلعب النسخة الأصلية.
إنها لعبة تجمع بين النوستالجيا والحداثة، وبين الحركة والرعب، وبين الوفاء للماضي والتطلع إلى المستقبل وهو توازن لم تنجح فيه سوى قلة قليلة من الألعاب عبر تاريخ الصناعة.
كاتب
لاعب متمرس، أعشق ألعاب القصة، ولا أجد حرجًا في قول أنني أحب ألعاب التصويب من منظور الشخص الأول أيضًا.
ملحوظة: مضمون هذا الخبر تم كتابته بواسطة سعودي جيمر ولا يعبر عن وجهة نظر مصر اليوم وانما تم نقله بمحتواه كما هو من سعودي جيمر ونحن غير مسئولين عن محتوى الخبر والعهدة علي المصدر السابق ذكرة.
