يمكن قراءة الجزء الخامس من المقال هنا
Amnesia: Rebirth

- المطور: Frictional Games
- المنصّات: PS4، PC، Xbox One، Xbox Series X
تعود سلسلة Amnesia بجزء جديد يُعيد بناء جوهر الرعب النفسي الذي اشتهرت به، لكن مع رؤية أكثر نضجًا وتركيزًا على السرد العميق والرحلة الإنسانية وسط أهوال تفوق الفهم البشري. في Amnesia: Rebirth يعيش اللاعب تجربة غامرة من خلال شخصية Tasi Trianon، المستكشفة الفرنسية التي تجد نفسها تائهة في صحراء مرعبة، تقودها ذكرياتها الممزقة إلى أسرار تتجاوز حدود الواقع.
الجزء الجديد لا يتخلى عن العناصر الأساسية التي صنعت هوية السلسلة، مثل نظام sanity الذي يتدهور تدريجيًا عند البقاء في الظلام أو النظر إلى الوحوش، مما يجعل كل خطوة داخل الممرات المظلمة قرارًا يحمِل خوفًا حقيقيًا. ومع ذلك، فإن هذه الميكانيكية تأتي هنا ضمن سياق قصصي أكثر ترابطًا، حيث تصبح الحالة النفسية لـTasi جزءًا من رحلتها الشخصية وليس مجرد عنصر لعب منفصل.
ما يميز Rebirth عن سابقيه هو إحساسه الأدبي الواضح؛ فالرعب لا يأتي فقط من الوحوش أو الظلال، بل من انكشاف الذات، ومن محاولة Tasi لفهم ما حدث، ومن الأسئلة الأخلاقية والإنسانية التي تُطرح تدريجيًا. القصة تتحرك باستمرار بين الحاضر والذكريات، بين عالم واقعي وآخر غريب ومشوه، مما يمنح التجربة عمقًا سرديًا نادرًا في ألعاب الرعب.
تقدّم اللعبة ألغازًا متنوعة تتطلب التفكير، وتواجه اللاعب بـ وحوش مُخيفة تُجدد الإحساس بالعجز والضعف الذي لطالما اعتمدت عليه السلسلة. لكن رغم هذا الرعب المباشر، فإن اللحظات الهادئة التي تتكشف فيها القصة وتلتف مؤامراتها هي ما يجعل اللعبة مؤثرة ومشدودة حتى النهاية.
لا يعتمد نجاح Amnesia: Rebirth على أن تكون من محبّي السلسلة سابقًا؛ فهي تعمل كلحظة رعب مستقلة أيضًا. إنها تجربة تدفعك للرغبة في معرفة ما سيحدث بعدها تمامًا مثل كتاب لا تستطيع إغلاقه. ومع كل كشف جديد، تنفتح طبقات جديدة من الغموض والصدمة، مما يجعل الرحلة نحو الحقيقة أكثر رعبًا وعمقًا مما قد تتوقع.
وبهذا تقدم اللعبة واحدة من أكثر تجارب الرعب نضجًا واندماجًا في العقد الأخير، حيث يجتمع الخوف، والغموض، والكتابة المتقنة في تجربة لا تُنسى.
Dead Space (2023)

- المطوّر: Motive Studio
- المنصّات: PS5، Xbox Series X، PC
يأتي Dead Space Remake (2023) كإحدى أكثر عمليات إعادة التطوير جرأة وإتقانًا في جيل الألعاب الحديث، فهو لا يكتفي بإحياء العمل الأصلي الصادر عام 2008، بل يعيد تشكيله بدقة وبراعة ليمنح اللاعبين تجربة رعب فضائي أكثر كثافة وجمالًا وعمقًا. منذ اللحظة التي تطأ فيها قدما المهندس Isaac Clarke أرض محطة USG Ishimura، يشعر اللاعب بأنّه يدخل إلى مكان حيّ يتنفس الظلام، ويخفي وراء جدرانه المعدنية أسرارًا مرعبة لا تريد أن تُكشف.
تبدو Ishimura في النسخة الجديدة أكثر تهديدًا وإزعاجًا مما كانت عليه سابقًا؛ فالإضاءة الخافتة، والأنفاس المعدنية التي تصدر من الأنابيب، والصمت الموحش الذي يقطعه صراخ بعيد أو صوت خطوات غريبة كلها عناصر تُشكّل لوحة رعب نفسي لا مثيل لها. ومع كل خطوة داخل هذه السفينة التي تبدو مهجورة، يتزايد شعور اللاعب بأن الحضارة تخلّت عن هذا المكان منذ زمن، تاركةً وراءها بقايا بشرية مشوّهة تحوّلت إلى Necromorphs، مخلوقات تتميز بقسوة ووحشية تجعل أي مواجهة معها معركة نجاة حقيقية.
يعتمد الرعب في Dead Space 2023 على التوتر المستمر أكثر من القفزات المفاجئة. تحركات الأعداء غير المتوقعة، أصوات الزحف داخل الجدران، وانقطاع الإضاءة في أكثر اللحظات حساسية كلها عناصر تزيد من توتر اللاعب، مما يجعل كل مواجهة اختبارًا للأعصاب قبل أن تكون اختبارًا للمهارة. كما أنّ العودة القوية لسلاح Plasma Cutter السلاح الأكثر شهرة وفاعلية في السلسلة تُعيد التأكيد على أسلوب القتال القائم على تشريح الأعداء بدلًا من استهداف رؤوسهم، وهي آلية لعب تُميّز Dead Space عن غيرها من ألعاب الرعب والبقاء.
من ناحية بصرية وصوتية، ارتقى الريميك بمستوى اللعبة إلى حد مذهل. الجسد المتحلل للـNecromorphs، الدماء التي تتناثر على الجدران، والظلال التي تتحرك باستمرار كلها عناصر تمت إعادة بنائها بدقة عالية تضع اللاعب في حالة يقظة تامة. أما المؤثرات الصوتية فقد أصبحت أكثر واقعية وترويعًا؛ فصرخات الوحوش، والهمسات المريبة، وضجيج الأجهزة داخل السفينة تُعتبر جزءًا أساسيًا من هوية Dead Space الجديدة، وتزيد من الإحساس بأن الخطر يقترب في كل لحظة.
ولا يمكن الحديث عن النسخة الجديدة دون ذكر Impossible Mode، وضع اللعبة الأكثر قسوة الذي يعتمد على الموت الدائم، حيث أي خطأ صغير يعني إعادة اللعبة من بدايتها. هذا الوضع أصبح رمزًا للتحدي، وأحد الأسباب التي جعلت Dead Space Remake يُصنف كواحد من أفضل ألعاب الرعب في السنوات الأخيرة.
حتى لو لم يسبق لك لعب نسخة 2008، فإن Dead Space 2023 تُعد تجربة أساسية لكل محبي الرعب والبقاء، فهي تقدم قصة غامرة، أجواء خانقة، وتصميمًا بصريًا وصوتيًا يرقى إلى مستوى الأفلام السينمائية. إنها لعبة تُظهر كيف يمكن لعمل كلاسيكي أن يُولد من جديد بروح حديثة دون أن يفقد هويته الأصلية، وتُعد مثالًا يُحتذى به في كيفية تقديم ريماستر أو ريميك ناجح بحق.
SOMA

- المطوّر: Frictional Games
- المنصّات: PS4، Xbox One، PC
تُعد SOMA واحدة من أكثر ألعاب الرعب النفسي عمقًا وإزعاجًا في تاريخ ألعاب الفيديو، وهي تجربة تترك أثرًا طويلًا في ذهن اللاعب، ليس بسبب الوحوش أو القفزات المفاجئة، بل بسبب أسئلتها الفلسفية الثقيلة التي تُعيد تشكيل مفهوم الهوية والوعي والإنسانية. وعلى الرغم من بعض العيوب خصوصًا في أقسام التسلل التي تبدو أحيانًا مربكة وغير متقنة فإنّ قوة SOMA الحقيقية تكمن في قصتها وطريقة سردها، وهي قصة تُعتبر من أكثر الحكايات إزعاجًا وإثارة للقلق في هذا النوع من الألعاب.
تدور الأحداث في قاعدة تحت بحرية متداعية تُدعى PATHOS-II، وهي بيئة خانقة بامتياز؛ جدران مغطاة بالصدأ، أجهزة تتحلّل ببطء، كابلات كهربائية تتدلّى كأنها أشلاء، وممرات مظلمة لا يعلم أحد ما ينتظر في نهايتها. هذا العالم ليس مجرد خلفية للأحداث بل هو كائن حيّ يتنفس الرعب مع كل خطوة تخطوها، ويتحوّل تدريجيًا إلى مكان أكثر تشوهًا وروعة كلما تعمّقت في استكشافه.
العناصر البيولوجية والتقنية المتداخلة تخلق جوًا يذكّر قليلًا بـ BioShock، لكن SOMA تختلف تمامًا في طابعها. فهي لا تركز على المغامرة أو الأكشن، بل على الرعب الأخلاقي والوجودي. هنا لا تُخيفك الوحوش فقط، بل تُخيفك الأسئلة التي تطرحها اللعبة عن نفسك:
من أنت؟
هل وعيك هو أنت؟
وماذا يحدث عندما تُفصل روحك عن جسدك؟
وماذا لو أصبح الإنسان مجرد برنامج، أو ذاكرة، أو نسخة ناقصة من ذاته؟
العالم الذي تُقدّمه SOMA مليء بالآلات المكسورة التي تحمل بقايا وعي بشري، وبمخلوقات تتحرك بطريقة غير طبيعية نتيجة اختلاط التكنولوجيا بالحيز البيولوجي. كل مواجهة، وكل تسجيل صوتي، وكل غرفة تفتحها تضيف طبقة جديدة من عدم الارتياح، وتُظهر إلى أي مدى وصلت التجارب البشرية إلى حافة الانهيار الأخلاقي.
ولمن يريد خوض التجربة دون مواجهة الوحوش، أضافت Frictional Games وضع Safe Mode الذي يسمح لك بالتركيز على القصة فقط. ومع ذلك، حتى بدون تهديد مباشر، تظل SOMA لعبة قادرة على تفتيت أعصابك، لأن رعبها الحقيقي ليس في المطاردة، بل في التأمل في معنى الوجود ذاته.
إنها لعبة تختمها ثم تظل تفكر فيها لساعات وربما أيام. لعبة تجعلك تُراجع أفكارك حول ماذا يعني أن تكون “إنسانًا”. SOMA واحدة من أعمق وأقسى تجارب الرعب النفسي التي أُنتجت على الإطلاق، وتجربة يجب ألا يفوّتها أي لاعب يبحث عن رعب يتجاوز الجسد ليمسّ العقل والروح.
كاتب
لاعب متمرس، أعشق ألعاب القصة، ولا أجد حرجًا في قول أنني أحب ألعاب التصويب من منظور الشخص الأول أيضًا.
ملحوظة: مضمون هذا الخبر تم كتابته بواسطة سعودي جيمر ولا يعبر عن وجهة نظر مصر اليوم وانما تم نقله بمحتواه كما هو من سعودي جيمر ونحن غير مسئولين عن محتوى الخبر والعهدة علي المصدر السابق ذكرة.
