قال الرئيس التنفيذي المدير العام لـ«دي بي ورلد» دول مجلس التعاون الخليجي، عبدالله بن دميثان، إن دولة الإمارات تعتبر الأمن الغذائي في مقدمة أولوياتها بعيدة المدى، وتعتمد على الخدمات اللوجستية محوراً أساسياً لتحقيق ذلك.
وأضاف لـ«الإمارات اليوم» أن دولة الإمارات انتقلت من استيراد 90% من المنتجات الغذائية، إلى إنشاء منظومة متكاملة قائمة على الزراعة المتطورة والمعالجة الحديثة، وشبكات سلاسل التبريد عالية الكفاءة، مؤكداً أن البنية التحتية لدبي حالياً توفر منظومة أغذية زراعية متكاملة، تشمل: الإنتاج والتخزين والمعالجة والتوزيع على جميع أنحاء العالم.
وتابع بن دميثان: «يستحوذ (ميناء جبل علي) على نحو 73% من إجمالي تجارة الأغذية والمشروبات في دولة الإمارات من حيث القيمة»، مشيراً إلى أن استثمار «دي بي ورلد» الأخير البالغ 550 مليون درهم في منشأة المحطات الزراعية، سيسهم بشكل كبير في تعزيز قدراتها على تخزين ومعالجة السلع الزراعية على مستوى المنطقة، بما في ذلك الحبوب والبقوليات وفول الصويا، ما يدعم استمرارية التوريد، وتعزيز مستويات الاكتفاء الذاتي.
ولفت بن دميثان إلى أن منظومة الغذاء العالمية تشهد ضغوطاً متنامية تهدد استقرارها، فيما تشكل الأزمات المناخية والتوترات السياسية والاضطرابات في سلاسل التوريد تحدياً أمام المنهجية التي يتبعها العالم في إنتاج الغذاء ونقله وطرق الوصول إليه، لافتاً إلى أن واحداً من كل تسعة أشخاص حول العالم يبيتون وهم يعانون الجوع، وهو تحدٍّ تفاقم بسبب هشاشة الطرق التجارية وتصدع سلاسل توريد الأغذية.
وأضاف: «في عام 2022، أدت الحرب في أوكرانيا إلى توقف مفاجئ لصادرات الحبوب، ونظراً إلى أهمية أوكرانيا كمورد رئيس للقمح وزيت دوار الشمس عالمياً، فقد كان تأثير تلك الحرب فورياً، وشهدت الدول المستوردة للغذاء في إفريقيا والشرق الأوسط وجنوب آسيا ارتفاعات حادة في الأسعار، وضغوطاً هائلة على سلاسل التوريد، ليجسّد هذا المشهد درساً مباشراً حول سرعة وتأثير الأزمات الجيوسياسية في الأمن الغذائي العالمي».
وذكر بن دميثان أن التحديات الجديدة تفرض ضرورة إحداث تحول جذري في أنظمة الغذاء، قائلاً: «تشهد التجارة العالمية حالياً مرحلة من إعادة التوازن، فيما تلعب الاقتصادات الناشئة دوراً متنامياً ومحورياً، وتتشكل في الأفق مسارات تجارية جديدة، وفي هذا السياق، ستكون المنصات التي تجمع هذه الدول، سواء من خلال الشراكات الثنائية أو المنتديات متعددة الأطراف، عاملاً رئيساً في إعادة رسم خريطة سلاسل التوريد العالمية».
وتابع: «تعكس التطورات الأخيرة ضمن مجموعة (بريكس) هذا التحول بوضوح، لاسيما توسعها لتضم دولة الإمارات ومصر وإثيوبيا وإندونيسيا»، لافتاً إلى أن «بريكس» تمثّل اليوم أكثر من 54% من سكان العالم، وتنتج نحو نصف المحصولات الزراعية على مستوى العالم.
ورأى بن دميثان أن تطور المجموعة يشير إلى وجود تحول نحو تجارة متعددة الأقطاب وأكثر شمولية، كما يفتح آفاقاً جديدة واسعة للتجارة والاستثمارات، مشيراً إلى أن ذلك يوفر لدولة الإمارات فرصة لمشاركة إنجازاتها وتجاربها الناجحة، والإسهام بفاعلية في تطوير نماذج جديدة للتعاون، ترتكز على مبادئ الترابط والابتكار والاستثمار.
ونبه إلى أن العديد من المناطق لاتزال تواجه تحديات ملحوظة تتعلق بإجراءات التخليص الجمركي، وتباين المعايير الغذائية، وضعف الربط ضمن سلاسل التبريد، وقال: «نظراً إلى العمر القصير للسلع القابلة للتلف، فيجب أن يتم العمل على توفير سلاسل توريد سلسة».
وأكد بن دميثان أن تشكيل اتفاق إقليمي أو جماعي يركز على تسهيل تجارة الأغذية عبر تحديد «مسارات خضراء» سريعة للسلع سريعة التلف، وتوفير استثمارات متسقة في مرافق التخزين المبردة وشبكات السكك الحديدية الداخلية والأنظمة الرقمية، يُعدّان خطوة حاسمة لتسريع إجراءات التخليص الجمركي وتقليل الهدر وزيادة توافر الغذاء في المناطق التي تعاني نقصه.
وأضاف أن الإجراءات الأخرى التي تحظى بالأهمية نفسها تشمل توحيد المعايير للحد من التباين التنظيمي، مؤكداً أنه يمكن لدولة الإمارات، بفضل ما تتميّز به من مرونة تنظيمية وبنية رقمية متطورة، أن تؤدي دوراً قيادياً في هذه الجهود.
وتابع: «ضمان نجاح ذلك يستدعي مواءمة الخطط الوطنية للبنية التحتية مع أهداف التجارة الإقليمية، ومن دون ذلك، سنواجه خطر إنشاء أصول لا تخدم الأسواق المناسبة، حيث يشكل دمج الخدمات اللوجستية والتصنيع والتخليص الجمركي ضمن مراكز متكاملة حلاً عملياً يسهم في تقليص أوقات العبور، وخفض الكُلفة، وتعزيز موثوقية سلاسل التوريد. وقد أثبت هذا النموذج فاعليته في جبل علي، ويمثّل تجربة رائدة يمكن تكرارها في الأسواق الناشئة في جميع أنحاء العالم».
وشدد بن دميثان على أهمية توطيد علاقات التعاون بين الحكومات ومزودي الخدمات اللوجستية والمستثمرين في القطاع الخاص، لتوسيع نطاق هذا النجاح وتحقيق أقصى استفادة منه، كما شدد على أهمية ربط الابتكار عبر المناطق، حيث تشهد عملية انتقال الغذاء من المزرعة إلى المائدة تحولاً كبيراً بفضل المراقبة الرقمية للمحصولات والزراعة التجديدية، والتنبؤات المدعومة بالذكاء الاصطناعي وتقنيات «بلوك تشين».
وقال إن الفرصة اليوم تكمن في ربط هذه التقنيات بين المناطق المختلفة، إذ يمكن لمنصة تعاونية تجمع الحكومات والشركات الناشئة والمؤسسات متعددة الأطراف أن تُسرّع وتيرة البحث والتطوير في مجال التقنيات الزراعية، وتدعم التدريب في مجال الزراعة الذكية مناخياً، وتوفر للمناطق التي تعاني نقص الغذاء إمكانية وصول رقمي أكبر للمنتجين، وأشار إلى أنه يمكن للجهات الفاعلة في قطاع الخدمات اللوجستية أن تُسرّع هذا التقدم من خلال توفير المنصات المادية والرقمية التي من شأنها إيصال الأفكار المبتكرة إلى الأسواق.
وأكد بن دميثان أن الأمن الغذائي مسؤولية عالمية، ويتطلب تكاملاً فعلياً بين البنية التحتية والابتكار والسياسات والموارد البشرية لضمان تحقيقه، وقال: «لا تقل أهمية نقل الغذاء بأمان وسرعة وفاعلية في هذا العالم المترابط عن أهمية إنتاجه. ومع ظهور ديناميكيات تجارية جديدة، فإن دورنا يكمن في تعزيز ترابط العالم وضمان أن تشمل منظومة الأمن الغذائي العالمي جميع المناطق من دون استثناء».
تابعوا آخر أخبارنا المحلية والرياضية وآخر المستجدات السياسية والإقتصادية عبر Google news
ملحوظة: مضمون هذا الخبر تم كتابته بواسطة الامارات اليوم ولا يعبر عن وجهة نظر مصر اليوم وانما تم نقله بمحتواه كما هو من الامارات اليوم ونحن غير مسئولين عن محتوى الخبر والعهدة علي المصدر السابق ذكرة.