أكّد رياضيون أن عزوف الجماهير عن مدرجات دوري أدنوك للمحترفين، خلال الموسم الماضي، يعود إلى عدد من العوامل المتراكمة، أبرزها غياب اللاعب المواطن بشكل ملحوظ عن تشكيلات الأندية، وضعف التسويق والترويج للمسابقة، إلى جانب تراجع مستوى المنافسة وانحصارها بين عدد محدود من الفِرَق، وابتعاد الفِرَق ذات الشعبية الجماهيرية الكبيرة عن المنافسة.
ورغم أن دوري أدنوك يُعدّ من أغلى الدوريات على مستوى المنطقة، من حيث حجم الإنفاق، فإن أغلب المباريات خلال الموسم الأخير أُقيمت أمام مدرجات شبه خالية، باستثناء مواجهات القمة، أو المباريات التي تستضيفها بعض الأندية ذات الجماهيرية الثابتة، مثل العين، والوصل، وشباب الأهلي، والشارقة، والوحدة.
وكانت رابطة دوري المحترفين توقفت عن الإعلان عن الأعداد الجماهيرية في كل جولة، رغم وجود جوائز جماهيرية للأندية، كما أن هذه الجوائز توقفت بسبب ضعف الحضور الجماهيري.
وانحصر الحضور الجماهيري القوي هذا الموسم في مباريات «الكلاسيكو» بين شباب الأهلي والشارقة، وكذلك «ديربي» الوصل وشباب الأهلي، بينما شهدت مباريات أخرى حضوراً جماهيرياً ضعيفاً لا يتجاوز 100 مشجع، خصوصاً في مباريات المنطقة الشمالية، مثل لقاءات العروبة والوحدة التي هبط فيها فريق العروبة رسمياً إلى دوري الدرجة الأولى.
وأكّد عدد من الفنيين والمحللين لـ«الإمارات اليوم» أن الاعتماد المفرط على اللاعبين الأجانب على حساب اللاعب المواطن أسهم في خلق فجوة بين الجماهير والأندية، في ظل تراجع التمثيل المحلي داخل أرض الملعب، ما أضعف الروابط العاطفية والانتماء الجماهيري.
وطالب آخرون رابطة المحترفين واتحاد الكرة بتسويق البطولة بشكل أفضل، مشيرين إلى غياب المبادرات النوعية والتجارب الجاذبة للمشجعين، إضافة إلى ضعف التفاعل الرقمي والميداني، وغياب استراتيجية واضحة لاستقطاب العائلات والشباب إلى المدرجات.
اللاعب المواطن
أكّد عضو مجلس إدارة نادي النصر السابق، المحلل الفني حسن سهيل، أن غياب الجماهير عن مباريات دوري أدنوك للمحترفين في الموسم الأخير لم يكن مصادفة، بل نتيجة أسباب واضحة ومتعددة، أبرزها الضعف في كل من هوية المسابقة وأدوات التسويق التي تعتمدها رابطة المحترفين واتحاد الكرة.
وقال: «من وجهة نظري، أحد أهم الأسباب هو كثرة اللاعبين الأجانب في الفرق، ما أفقد الدوري هويته الوطنية، وأبعد الجماهير عن الأندية، لأن الناس بطبيعتها تتفاعل مع اللاعب المواطن الذي يعبر عنهم، وليس مع المحترف الذي يأتي ويرحل».
وأشار إلى أن ضعف التسويق للبطولة يُعدّ عاملاً رئيساً في العزوف الجماهيري، مضيفاً: «رابطة دوري المحترفين واتحاد الكرة يجب أن يقدما جهوداً أكبر في التسويق، علينا أن نبتكر طرقاً جديدة لتقريب الدوري من الناس».
وأكّد سهيل أن الحل يبدأ بإعادة النظر في التركيبة الفنية للأندية، مع التركيز على تعزيز حضور اللاعبين المواطنين، لأنهم العنصر الجاذب للجمهور، وهم من يصنعون القصة والانتماء، كما أشار إلى أن انحصار المنافسة بين فريقين فقط، في إشارة إلى شباب الأهلي والشارقة، أضعف جاذبية الدوري، وقال: «المنافسة يجب أن تكون مفتوحة، لكن الواقع أن أكثر الفرق صرفاً هي من تسيطر، وهذا يقلل من الإثارة».
وتابع: «رغم أن دورينا من أغلى البطولات في المنطقة، فإن مستواه الفني متواضع في كثير من المباريات، وهذا لا يشجع الجمهور على المتابعة أو الحضور».
المنافسة بين فريقين
وأكّد نجم المنتخب الوطني السابق، المحلل الفني عبدالرحمن محمد، أن ضعف الحضور الجماهيري في عدد من مباريات الموسم لا يعني أن الموسم كان خالياً من التفاعل الجماهيري، لافتاً إلى أن هناك مباريات شهدت حضوراً جيداً يعكس اهتمام الجماهير وارتباطها بالأندية.
وقال: «لا يمكننا التعميم بأن الموسم كان ضعيفاً جماهيرياً، صحيح أن هناك المباريات كانت مدرجاتها شبه خالية، لكن في المقابل شهدنا مواجهات حضر فيها الجمهور بشكل لافت».
وأوضح أن هناك سببين رئيسين أثّرا في الحضور الجماهيري خلال الموسم، أولهما حسم المنافسة على اللقب مبكراً بين شباب الأهلي والشارقة، ما أفقد الجولات الأخيرة عنصر الإثارة والتشويق الذي يجذب الجماهير عادة.
وأضاف: «أما السبب الثاني، فهو غياب الأندية الجماهيرية الكبرى، مثل الوصل والعين عن سباق المنافسة الفعلي على اللقب، فهذه الفرق عادة تمتلك قاعدة جماهيرية واسعة تدعم المدرجات بقوة».
وأكد محمد أهمية تعزيز الجذب الجماهيري مستقبلاً، من خلال رفع مستوى التنافس، ودعم الأندية ذات الشعبية، إلى جانب تسويق أفضل للمباريات، وتحفيز الحضور عبر مبادرات مبتكرة.
قلة الخدمات
وأرجع مدير فريق الإمارات السابق، إبراهيم عباس، تراجع الحضور الجماهيري في مباريات الدوري هذا الموسم إلى مجموعة من الأسباب المتداخلة، أبرزها ضعف الارتباط بين الجماهير وفرقهم، في ظل التغيّرات الكبيرة التي طرأت على تشكيل الفرق، إضافة إلى غياب الحوافز والخدمات المناسبة للمشجعين داخل الملاعب.
وقال: «الوضع تغيّر كثيراً عن السابق، في الماضي كان اللاعب المواطن هو من يصنع الفارق داخل الملعب، وكان الأهل والأصدقاء يأتون لدعمه ومتابعته من المدرجات، بينما حالياً معظم الفرق تضم عدداً كبيراً من اللاعبين الأجانب والمقيمين، فتراجع بالتالي الحضور العائلي والجماهيري المرتبط باللاعب المحلي».
وأضاف: «الجمهور يبحث عن الانتماء، عن الهوية، وهذا أصبح مفقوداً نسبياً بسبب كثرة الأجانب، ولم يعد هناك ذلك الرابط القوي بين اللاعب والنادي والمجتمع، وهو عنصر مهم في صناعة القاعدة الجماهيرية».
وأشار عباس إلى عامل مهم آخر وهو قلة الخدمات في الملاعب، وقال: «البيئة داخل الملاعب ليست مُحفّزة بما يكفي، حيث إن الجماهير تحتاج إلى خدمات لوجستية مريحة، وأسعار مناسبة، وتجربة متكاملة تجعل من حضور المباراة متعة، وليس مجرد متابعة فنية فقط، خصوصاً أن كل شيء في المدرجات ممنوع: المياه، والمشروبات، والمأكولات، وكل ذلك يبعد الجمهور، خصوصاً العائلات، عن الحضور».
وأكمل: «حتى من الناحية الفنية، هناك ضعف في مستوى بعض المباريات وغياب الحماسة، ما يؤثر بلاشك في الحضور الجماهيري».
المناسبات فقط
أكّد مشجع نادي شباب الأهلي، فهد السليطي، أن أزمة الحضور الجماهيري في دوري أدنوك للمحترفين ترتبط بشكل مباشر بثقافة الجمهور نفسه، معتبراً أن الجمهور المحلي، في الأغلب، يكون «جمهور مناسبات»، يظهر فقط في اللحظات الحاسمة، ويغيب عن دعم الفريق في المباريات العادية أو أمام خصوم أقل قوة.
وقال: «الجمهور في الدوري الإماراتي جمهور مناسبات، لا يحضر إلا عندما يكون الفريق ينافس على بطولة، أو تكون المباراة أمام خصم قوي. أما إذا كانت المباراة ضد فريق أقل، أو عادية، تجد المدرجات خالية، فالمشكلة الحقيقية هي غياب ثقافة الحضور المستمر».
وأوضح أن هناك جماهير تبرر غيابها بأسباب مختلفة، مضيفاً: «منهم من يقول إن الطقس حار، أو لا توجد خدمات، أو أن التنظيم ضعيف، ويفضل البقاء في المنزل أو في المقهى، لكن الحقيقة أن من يحب فريقه حقاً، يذهب لمساندته في كل الظروف، وليس فقط في النهائيات أو القمم».
وأكمل: «اللاعب المقيم أضاف متعة للكرة ورفع من مستوى البطولة، وجعل المباريات أجمل وأقوى، لكن الواقع أن لكل فريق في الإمارات جماهير معينة تحضر بانتظام، والباقي يفضل البقاء بعيداً».
أبرز أسباب عزوف الجماهير عن حضور مباريات الدوري
. كثرة اللاعبين الأجانب على حساب المواطنين.
. ضعف التسويق والترويج للمسابقة.
. المنافسة على اللقب بين ناديين أو ثلاثة فقط.
. تراجع المستوى الفني لبعض المباريات.
. غياب بعض الأندية الجماهيرية عن المنافسة.
. ثقافة الجمهور وارتباطه بالمباريات المصيرية فقط.
ملحوظة: مضمون هذا الخبر تم كتابته بواسطة الامارات اليوم ولا يعبر عن وجهة نظر مصر اليوم وانما تم نقله بمحتواه كما هو من الامارات اليوم ونحن غير مسئولين عن محتوى الخبر والعهدة علي المصدر السابق ذكرة.