عرب وعالم / الامارات / صحيفة الخليج

ألعاب إلكترونية توقع الأطفال في شباك المتحرشين

تحقيق: جيهان شعيب

طال الحديث وتكرر عن التأثيرات السلبية لكثير من الألعاب الإلكترونية التي يقضي فيها الأطفال أوقاتاً طويلة، وهم يلهثون وراء الكسب في مسابقات، أو تسجيل نقاط، أو الفوز في مباريات مختلفة في هذه اللعبة أو تلك، في الوقت الذي قد ينفق الواحد منهم مبالغ طائلة -بالطبع من جيوب أسرهم- لشراء هذا اللاعب في اللعبة الفلانية، أو نيل شعار أوعلامة ما في لعبة أخرى.

إذا تغاضينا كأسر عن الوقت الذي يهدره صغارنا في ممارسة هذه الألعاب، فلا يمكن التغافل بحال عما ينطوي عليه بعض المستحدث منها، من استمالة الأطفال، والتحرش بهم، وتهديدهم حال رفضهم الإذعان، وهنا يلمع الضوء الأحمر، ويدق جرس الإنذار، منبهاً للخطورة الكبيرة، والفخ الذي قد يسقط فيه فلذات الأكباد.

برمجة الألعاب


بيت القصيد في الحديث منصة «روبلوكس» أو لعبة الأطفال، التي عملت الهيئة العامة لتنظيم الاتصالات والحكومة الرقمية «تدرا» أمس على إدخال تغييرات جديدة عليها في ، منها تعطيل التواصل داخلها من المحادثة، لحماية الصغار، إلى جانب إدخال تحسينات على المحتوى والتواصل باللغة العربية، وإضافة تحسينات على مجموعة ميزات السلامة، وأدوات الرقابة الأبوية.
ورغم أن «روبلوكس» كانت تتيح للأطفال برمجة الألعاب، وإعداد الخرائط التفاعلية، إلا أنها شهدت تحذيرات عدة، لمخاطرها المحتملة على الأطفال، ووفقاً لما قاله الخبير التقني عبد النور سامي: إن بعض ضعاف النفوس كانوا يستغلونها في الوصول إلى الصغار، واستمالتهم.
وبالبحث، نجد أن هناك وقائع تحرش بأطفال داخلها، والتي سجلتها الجهات الأمنية الخارجية، حيث تعرض طفل بريطاني 10 سنوات، للتهديد من شخص بالغ، كان تعرف إليه خلالها، معتقداً أنه يماثله عمراً كما أوهمه بذلك، فيما بدأ البالغ باستقطاب الصغير، واستمالته، بإرسال بعض الهدايا له داخل اللعبة، ومع الوقت طالبه بفتح الكاميرا على دردشة خارجي.

صور غير لائقة


ثم طلب منه صوراً غير لائقة له، وحينما الصغير، أبلغه انه سينشر صور المحادثة التي كانت بينهما، ليفضحه أمام أصدقائه، فأصيب الصغير بالخوف، واعتراه الحزن، واكتشفت أسرته الأمر، فأبلغت الجهات الأمنية، وجرى القبض على المتحرش بعد تتبع حسابه. وبالبحث أيضا نجد أن السلطات في وأمريكا، قبضت على بالغين استخدموا «روبلكس» و«فورتنايت» للتواصل مع أطفال والتحرش بهم، وفي بعض الدول العربية تقدم أولياء أمور ببلاغات تضمنت تعرض أطفالهم لمحاولات استدراج وتحرش من خلال لعبتي «فري فاير» و«بوبجي»، وأظهرت تقارير منظمة Internet watch foundation شيوع استخدام منصات الألعاب من قبل المتحرشين لاصطياد الضحايا.

مخاطر لا تعد


مخاطر الألعاب الإلكترونية عامة، وروبلوكس خاصة، وكيفية حماية الصغار من التعرض للتحرش اللفظي، والاستمالة والجذب، والمساءلة القانونية الواجبة، محل الحديث، حيث أكد الخبير سامي أن المخاطر التي يتعرض إليها الأطفال لا تعد ولا تحصى، منها الغزو الفكري الذي يؤثر في القيم والعادات، والسلوك والأخلاق، والتنمر الذي يضعف من شخصية الطفل ويحبطه، والتحرش الذي يؤدي إلى معضلات مستقبلية قد لا تعالج.
وقال: أظن أن المفتاح الأساسي لكل تلك الإشكاليات هو الاستمالة، أي استدراج الطفل بطرق ملتوية وخبيثة، وقد تكون من أشخاص مقاربين لعمر الطفل، ولكن أغلب عمليات الاستمالة تأتي من قبل أشخاص يفوقون الطفل سناً بفارق كبير، حيث رصدت الجهات الأمنية بالغين في المرحلة الثانوية ومنهم بلغوا الأربعين عاما!ً

مؤشرات الخطر


حدد الخبير سامي مؤشرات الخطر التي تظهر على الطفل، وتبيّن تعرضه للاستمالة والتحرش، وتتبلور في تفضيل الصغير العزلة قدر الإمكان، وخفوت صوته خلال تواصله مع آخرين في اللعبة أو حتى عدم إصدار صوت، خلافاً لسابق فعله في اللعب أمام أسرته، فضلاً عن حصوله على مختلفة في اللعبة، وغير ذلك، بما يتوجب على ولي الأمر أن يكون واعياً وملماً بالألعاب، ومطلعاً على تقدم ابنه في تلك اللعبة أو ذاك. 
وعن كيفية وقاية الأبناء شر التعرض لمثل هذه الانتهاكات المرفوضة، شدد على أهمية توفير متطلبات الأطفال بحد معقول، وتعليمهم الأسس والمبادئ الأخلاقية في التواصل، وقبول الهدايا من الغرباء، قائلاً: تربينا منذ الصغر على رفض أخذ قطعة حلوى من الغريب، فيما لم أجد أسرة توعي أطفالها ألا تقبل عملة أو هدية افتراضية!

سلطة تنفيذية


وصل الخبير عبد النور سامي للقول: لا بد من وجود قانون وسلطة تنفيذية تمنع أي لعبة لا تحتوي على خصائص الرقابة الأبوية، وعلى الأسرة الالتزام بوضع العمر الحقيقي للطفل على هاتفه، وجميع تطبيقاته، مع متابعته باستمرار سواء عن بعد أو بالتصفح اليدوي، حيث من الواجب على الوالدين تفعيل الرقابة الأبوية إلكترونياً وفعلياً، وإلا فليتحملوا مسؤولية ما سيتعرض إليه أطفالهم، وما قد يقدمون عليه إن جرى توجيههم من قبل متحرشين، عملوا على تصوير عائلاتهم، وبطاقاتهم، وفي ذلك انتهاك للعرض، واستيلاء على أموال العائلة أيضاً.

مساءلة قانونية


أما المحامي محمد عبد الله الرضا فأكد أن الأسرة هي خط الدفاع الأول، والركيزة الأهم في حماية الأبناء، وكذا الحصن الأساسي الذي يقيهم المخاطر المحيطة بهم، قائلا: أولى المشرع أهمية كبرى لدور الوالدين في متابعة الأبناء، وتوجيههم، حيث اعتبر الإهمال، أو التقصير في رعايتهم، سبباً قد يعرضهما للمساءلة القانونية.
حيث ينص قانون حقوق الطفل «وديمة» على وجوب حماية الطفل من الإهمال، والإساءة، والاستغلال، كما يرتب قانون العقوبات الاتحادي مسؤولية جنائية، على ولي الأمر إذا أخل بواجباته، بما يعرّض القاصر للخطر، وبذلك، فإهمال الأسرة في متابعة أبنائها، وتركهم دون توجيه، أو رقابة، قد يؤدي إلى مساءلة قانونية، إذا ترتب على ذلك ضرر فعلي، أو بوقوع الطفل ضحية جريمة إلكترونية، أو فكرية.
لذلك ومع الانتشار الكبير للألعاب الإلكترونية، ومواقع التواصل الاجتماعي، ومخاطر العالم الرقمي، بات الأطفال أكثر عرضة لمحاولات الاستقطاب، أو الاستمالة، من قبل أشخاص مجهولين، ولا تتوقف هذه المخاطر عند حدود الابتزاز الإلكتروني فقط، بل قد تمتد إلى التأثير في أفكار الأبناء وسلوكياتهم، بما يشكّل تهديداً لاستقرار الأسرة، والمجتمع.

مساءلة جزائية


وذهب الرضا إلى أن الحماية الحقيقية تبدأ من غرس الحس الأمني لدى الطفل منذ الصغر، عبر التوعية المبكرة، بتحذيره من الغرباء على الإنترنت، وإرساء ثقافة الحوار المفتوح مع الأبناء، ليستطيعوا التعبير عن تجاربهم دون خوف، والمتابعة الذكية باستخدام أدوات الرقابة الأبوية، التي توازن بين الحماية والخصوصية.
وأضاف: تعزيز الوعي الأمني لدى الصغير لا يقتصر على الأسرة فقط، بل يحتاج إلى شراكة حقيقية بين البيت، والمدرسة، ووسائل الإعلام، بما يضمن نشأة جيل واعٍ مدرك للمخاطر المحيطة به، وقادر على مواجهة التحديات الرقمية بعقلية مسؤولة.

مسؤولية جماعية


رأت المحامية مريم صالح شامس أنه مع التطور التكنولوجي وانتشار وسائل التواصل الاجتماعي والألعاب الإلكترونية، أصبح الطفل أكثر عرضة للتحرش عبر الإنترنت، مشددة على أن هذا النوع من التحرش يُعدّ من أخطر أشكال العنف الرقمي، لأنه يتم في بيئة يصعب على الأسرة مراقبتها بشكل كامل، ولأن حماية الطفولة مسؤولية جماعية، تدخلت التشريعات الحديثة لتجريم هذه الأفعال، ووضع آليات للوقاية منها.
وشرحت مفهوم التحرش الإلكتروني بالطفل بأنه كل سلوك غير مشروع يُمارس عبر الإنترنت، أو مواقع الاتصال الحديثة، ويتضمن استغلال الطفل، أو تهديده، أو إغراءه بمحتوى جنسي، أو ألفاظ مخلة بالحياء، أو محاولة استدراجه لغرض الاعتداء الجسدي، أو النفسي.

الآثار السلبية


وتحدثت عن الآثار السلبية للتحرش الإلكتروني بالطفل، وهى اضطرابات نفسية كالخوف والقلق والاكتئاب، والعزلة الاجتماعية وضعف الثقة بالنفس، والتعرض للابتزاز أو الجرائم الجنسية، وصعوبة الاندماج في الحياة التعليمية والاجتماعية، قائلة: هناك إطار قانوني لحماية الطفل من التحرش الإلكتروني، يتركز في الاتفاقيات الدولية، ومنها اتفاقية حقوق الطفل (1989)، حيث ألزمت الدول بحماية الأطفال من جميع أشكال الاستغلال والعنف، بما فيها التحرش عبر الوسائل الإلكترونية.
بالإضافة للبروتوكولات الاختيارية، خاصة المتعلقة ببيع الأطفال واستغلالهم في المواد الإباحية، وأيضاً التشريعات الوطنية (مثال الدول العربية)، وتضم قوانين مكافحة الجرائم الإلكترونية، التي تجرّم التحرش بالطفل عبر الإنترنت وتفرض عقوبات بالحبس والغرامة، وقوانين حماية الطفل، التي توفر آليات للإبلاغ السريع، وإنشاء خطوط ساخنة للتبليغ عن الانتهاكات، والعقوبات الرادعة، التي في بعض الدول تصل إلى السجن المشدد، والغرامات العالية عند ثبوت الاستغلال الإلكتروني للطفل.

القانونية


وتعرضت لطرق الوقاية القانونية من التحرش الإلكتروني، مضيفة: هذه الطرق تتمثل في سن تشريعات واضحة تجرّم كافة أشكال التحرش الإلكتروني بالطفل، وتعزيز دور الأسرة والمدرسة في التوعية بحقوق الطفل الرقمية، وإنشاء وحدات متخصصة في الشرطة والنيابة، لمتابعة بلاغات التحرش عبر الإنترنت، علاوة على التعاون الدولي لملاحقة الشبكات التي تستغل الأطفال إلكترونياً، وإلزام شركات التكنولوجيا بوضع ضوابط لحماية الأطفال، مثل الرقابة الأبوية، ونظم التحقق من العمر، والتوعية القانونية للأطفال بلغة مبسطة حول حقوقهم، وطرق الإبلاغ عند التعرض لأي محاولة تحرش.

التأثير الأقوى


عن موقف الشارع الحكيم من انغماس كثير من الأبناء في الألعاب الإلكترونية، بما في ذلك تعرضهم لسلوكيات شاذة، في غفلة من أسرهم، وضعف انتباههم، قال الباحث الشرعي د. السيد البشبيشي: يتوهم بعض الآباء والأمهات أنه يربي أولاده وحده، ولا يدري أن هناك من يشاركه في تربية أولاده شاء أم أبى، فهناك أقارب، وجيران، ومدرسة وجامعة، وأصدقاء، وهناك وسائل إعلام وتواصل، لها التأثير الأقوى حالياً في تشكيل الفكر العقلي، والوجداني، والتوعوي لدى الأطفال. 
ولقد انتشر في زماننا كثير من التطبيقات، والألعاب الإلكترونية عبر الإنترنت، ومواقع التواصل الاجتماعي ما زاد الطين بلة، لما فيها من وسائل جذب وإغراء، وما هي في الحقيقة سوى أدوات هدم، ومضلات فتن، عصفت بالكثير من الأبناء والبنات! 
حيث منها ألعاب قائمة على القمار، والمراهنات المحرمة، جعلت صبياً يقتل جارة عجوزاً له، ليسرق مالها وذهبها لتعويض بعض خسائره في تلك الألعاب! ومنهم من وقع في براثن لعبة تحرشت به لفظياً ثم جسدياً حتى نزح إلى الشذوذ والفواحش، ومنها ما أدت بمتابعها من الأطفال إلى الانتحار خشية على أبيه أو أمه أو إخوته بسبب التهديد بقتلهم، ومنها من ضيعت دينه وعقيدته حيث أمرته لكي يجتاز المرحلة الأخيرة فيها أن يسجد لصنم أو لوثن أو نحو ذلك، فتضيع بسبب هذه الألعاب العقائد، وتضعف الأخلاق والقيم.

تكثيف الحملات


أكد الإعلامي خالد الزرعوني أن مواجهة مخاطر الاستغلال عبر الألعاب الإلكترونية، لا ينبغي أن تقتصر على الإعلام التقليدي، بل يجب أن تمتد إلى منصات التواصل الاجتماعي والإعلام الرقمي بشكل عام، لقدرتها على الوصول السريع إلى فئات واسعة من المجتمع، وإيصال الرسائل التوعوية بفاعلية أكبر.
وطالب الجهات الإعلامية والأمنية بتكثيف الحملات التوعوية بشكل مستمر، لتعزيز الثقافة الرقمية لدى الأبناء والأسر على حد سواء، قائلاً: يبقى للإعلام التقليدي دور مهم في تسليط الضوء، والضغط على القنوات الرسمية، لاتخاذ التدابير المناسبة، بما في ذلك الحد من البرامج والألعاب التي قد تشكل خطراً على الأطفال، حيث سلامة أبنائنا هي الأولوية القصوى، ولا شيء يعلو على حمايتهم، وصون مستقبلهم.

وقائع مختلفة


تعرضت فتاة أمريكية في الحادية عشرة، خلال ممارستها إحدى الألعاب الإلكترونية إلى التحرش بها من أحد اللاعبين الذي يكبرها سناً، حيث كانا يتحدثان سوياً في البداية عبر الرسائل الصوتية، ومن ثم طلب منها فتح حساب سناب شات، ليتواصل معها بشكل أعمق، وتطور الأمر، فبدأ يرسل لها صوراً خارجة، ويطالبها بالمثل، مهدداً إياها إن رفضت، كونه يعرف مكان سكنها ومدرستها، التي كانت أخبرته بهما، فأبلغت الفتاة أسرتها، التي تقدمت ببلاغ ضده.
في واقعة أخرى، وقع مراهق كان مدمناً على الألعاب الإلكترونية، في فخ حساب باسم فتاة، وعقد معها صداقة، وطلبت منه صوراً شخصية له، ومن ثم اكتشف مع الوقت أن الحساب يعود لرجل بالغ، يستخدم كذباً هوية وهمية، بدأ بابتزازه، بدفع مبالغ له، وإلا سينشر صوره، فأبلغ أسرته، وسارت الإجراءات. 
وفي أستراليا، دعا لاعب بالغ، طفل 9 سنوات كان يلعب إحدى الألعاب، للانضمام إلى عالم خاص، مستقطباً إياه بأنه سيمنحه أدوات نادرة مجاناً، وتطور الحوار بينهما، وطلب منه فتح الكاميرا ليراه، ويتفاعلا سوياً، فاكتشفت الأسرة الأمر، وتصدت له.

ملحوظة: مضمون هذا الخبر تم كتابته بواسطة صحيفة الخليج ولا يعبر عن وجهة نظر مصر اليوم وانما تم نقله بمحتواه كما هو من صحيفة الخليج ونحن غير مسئولين عن محتوى الخبر والعهدة علي المصدر السابق ذكرة.

قد تقرأ أيضا