عرب وعالم / الامارات / الامارات اليوم

مطالب بتبسيط التطبيقات الذكية لتكون صديقة لكبار المواطنين

تُمثّل الاستفادة من الخدمات الذكية تحدياً لكبار المواطنين، بسبب تعقيد الواجهات، وصعوبة الاستخدام، والمخاوف من اختراق الخصوصية، إضافة إلى عوائق تكنولوجية أخرى.

وتنبع هذه المشكلات من التصاميم المعقدة، والتحديثات المتلاحقة، وتسارع التقنيات الذكية.

وأكّد عدد من كبار المواطنين لـ« اليوم» أن بعض الخدمات الذكية لا تراعي احتياجاتهم الفعلية، ولا تضع في اعتبارها من لا يجيدون القراءة، أو من ليس لديهم خبرة تقنية، داعين الجهات المعنية إلى تصميم حلول مخصصة لهم.

وتشمل المشكلات الرئيسة التي يواجهها كبار المواطنين مع التكنولوجيا الذكية: ضعف الثقافة الرقمية والثقة بها، وتعقيد الواجهات وتشويشها، والخوف من المخاطر الأمنية، كالاحتيال الإلكتروني.

وتفصيلاً، قالت الوالدة (ر.م)، التي تعيش بمفردها مع عاملة منزلية، إنها تعاني تلقي الفواتير إلكترونياً، من دون إشعار ورقي «ما يؤدي إلى تراكم الفواتير لأشهر لتصل قيمتها إلى مبلغ كبير عليها»، مطالبة بأن تراعي الجهات الخدمية كبار المواطنين، خصوصاً من يعيشون بمفردهم، بعيداً عن أبنائهم.

بدورها، أعربت بدرية الناخي عن استيائها من البنك الذي تتعامل معه، مشيرة إلى أنها تجد صعوبة في التعامل مع التطبيقات الحديثة، خصوصاً في ما يتعلق بالمعاملات البنكية، حيث جعل التحول الرقمي إنجاز أبسط المعاملات معقداً، ويتطلب الحضور شخصياً إلى الفرع.

التطبيقات المصرفية

وقالت لبنى الحاي إن والدتها، مهرة المهيري، لا تستطيع استخدام التطبيقات الذكية، بسبب عدم تلقيها التعليم الكافي، وأضافت أن «المشكلة لا تكمن في التطبيق نفسه، بل في صعوبة تجاوب الوالدة معه، كونها غير متعلمة، حتى قراءة الإشعارات داخل التطبيق وفهمها يُعدّان عائقاً كبيراً لها».

وتابعت: «هناك لجهات معينة، نتواصل هاتفياً مع الموظف المعني أو مركز الاتصال، عند حدوث مشكلة ما، ويساعدنا على حلها بسلاسة، لكن الأمر يختلف تماماً مع تطبيقات البنوك، حيث يتطلب حل أي مشكلة التوجه إلى الفرع شخصياً، ولا يمكن لأي شخص آخر الوصول إلى الحساب أو الاطلاع عليه إلا بموجب توكيل رسمي».

خطوات معقدة

بدورها، أكّدت عفراء عبدالله أن التطبيقات الذكية تُمثّل نقلة نوعية في تسهيل الإجراءات والخدمات اليومية، خصوصاً للشباب، إذ إنهم يتعاملون مع التكنولوجيا يومياً، مشيرةً إلى أن «التجربة تختلف بشكل كبير بالنسبة لكبار المواطنين، الذين يحتاجون إلى وقت أطول وتركيز أكبر للتكيّف مع هذه الأدوات، نظراً إلى مشاغلهم الأسرية والوظيفية والاجتماعية».

وتابعت أن «الخدمات الذكية وُجِدت لخدمة جميع فئات المجتمع، وليس فئة عمرية معينة، لذا فمن الضروري أن تستفيد فئة كبار المواطنين منها، خصوصاً أنها تُغنيهم عن زيارة الجهات الحكومية أو المصرفية».

وأشادت عفراء بجهات طوّرت تطبيقات ذكية سلسة، يمكن استخدامها من مختلف الفئات العمرية، سواء كانوا كباراً أو صغاراً، دون الحاجة إلى خبرة تقنية كبيرة.

وأكدت أن «هناك تطبيقات معقدة حتى بالنسبة للشباب»، مشيرة إلى أن «هذه التحديات تتكرر بشكل خاص في بعض التطبيقات المصرفية».

وأوضحت أن «لدى بعض البنوك تطبيقات بواجهة استخدام بسيطة، وأرقام حسابات قصيرة مقارنة بغيرهم، ما يجعل عملية التحويل وسداد الفواتير سهلة جداً. وفي المقابل، هناك بنوك أخرى تعاني تطبيقاتها تعقيداً كبيراً لا يتناسب مع عدد عملائها أو مكانتها في السوق».

وقالت: إن «أحد أكبر التحديات في التطبيق يتمثّل في مرحلة تسجيل الدخول، إذ يتطلب الإجابة عن عدد كبير من الأسئلة، مثل لون السيارة، وأول مدرسة أو جامعة، وأول بلد تمت زيارته»، مشيرةً إلى أن «هذه التفاصيل قد لا يتذكرها المستخدم، والمشكلة الأكبر أنها تُعاد عند كل محاولة دخول، ما يزيد من احتمالية الخطأ، ويمنع المستخدم من الوصول إلى الخدمة».

كما لاحظت عفراء أن هناك تطبيقات تطلب التقاط صور من زاويا عدة حتى يتعرّف النظام إلى وجه المستخدم، ووصفتها بأنها «تجربة مرهقة، خصوصاً لكبار المواطنين».

وقالت: «اضطررت لالتقاط أكثر من 10 صور، وعلى الرغم من ذلك فإن النظام لم يتعرّف إليّ».

ودعت الجهات المعنية إلى مراجعة وتحديث تصميم التطبيقات الذكية، لتكون أكثر بساطة ومرونة، خصوصاً أن كبار المواطنين يعتمدون بشكل كبير عليها لإنجاز معاملاتهم الأساسية، مثل دفع الفواتير وتجديد المركبات وتسجيل الأبناء في المدارس.

وأكّدت أن رؤية القيادة الرشيدة في دولة الإمارات واضحة في هذا المجال، حيث يتم التأكيد باستمرار أن الخدمات الذكية وُجِدت للتسهيل لا للتعقيد، ويجب أن تكون التطبيقات قادرة على خدمة الجميع، لاسيما كبار المواطنين الذين يُمثّلون شريحة أساسية ومهمة في المجتمع.

رحلة عذاب

وقالت فاطمة أحمد إنها تعتمد على أبنائها في تفعيل خدمة «سالك» وتعبئة الرصيد، وأضافت: «لا تصل أي إشعارات عن عبور البوابات أو انخفاض الرصيد، إلا عندما يصل الرصيد إلى 20 أو 30 درهماً، ما يؤدي أحياناً إلى نسيان التعبئة بسبب انشغالات الأبناء».

وأكدت أن تطبيق البنك الذي تتعامل معه «معقد، ولا يمكن تفعيل البطاقة أو الدخول إلى الحساب إلا بعد رحلة شاقة تستغرق كثيراً من الوقت».

وأوضحت أن «تطبيقات بعض الجهات الخدمية تتحول إلى ما يشبه رحلة عذاب، بسبب تشابه الخيارات المتاحة، واستخدام تعبيرات لا يفهمها إلا موظفو الجهة نفسها، فضلاً عن نشر معلومات غير واضحة، ما يضطر كبار المواطنين للتوجه إلى مقر الجهة المعنية».

وقالت: «المفروض أن تحل التطبيقات الذكية هذه المشكلات، لكننا نضطر إلى أخذ رقم والانتظار لوقت طويل لحل استفسار بسيط».

تحديات

من جانبه، أكّد المستشار الخبير في مجال الإبداع والابتكار المؤسسي، أحمد شحروج، أن هناك تحديات بالفعل تواجه كبار المواطنين، وكبار السن بوجه عام في التعامل مع التطبيقات الخدمية الحديثة، وهي تحديات تختلف داخل هذه الفئة العمرية من شخص إلى آخر.

وأشار إلى أن أبرز التحديات هو وجود ممانعة نفسية لدى بعض كبار السن في التعامل مع التكنولوجيا الحديثة لإنجاز خدماتهم ومعاملاتهم، إذ نرى فعلياً بعض كبار المواطنين يفضلون زيارة مراكز خدمة المتعاملين، وتحمل مشقة الطريق، لإنجاز معاملاتهم بشكل مباشر مع الموظفين، ويرفضون إنجازها عبر التطبيقات الذكية وهم في بيوتهم.

وفسّر شحروج سلوك هذه الفئة من خلال تجارب وأمثلة واقعية عدة، في أنها لاتزال تعتقد أن إنجازها الخدمة بنفسها داخل مراكز الجهات المعنية، يمنحها مساحة اجتماعية ونفسية وصحية لا توفرها التطبيقات الذكية، وقد عبر عن ذلك صراحة بعضهم عندما زاروا مراكز خدمة العملاء من أجل إنجاز خدمة ما، فعندما يخبرهم الموظف أنه يمكن إنجاز المعاملة عبر التطبيق الذكي، يكون رد المتعامل أنه لا يفضل التطبيق، ويحب أن يحضر بنفسه لإنجاز الخدمة، ليتفاعل مع الناس ويرى أبناءه من الموظفين، كما يعتقد بعض كبار السن، أن الاعتماد على التكنولوجيا، تسبب في الجلوس في المنزل، بما يضر صحتهم، ويحد من تفاعلهم مع المجتمع.

وأشار إلى تحدٍّ آخر يتعلق ببعض التطبيقات، إذ يجد بعض كبار السن صعوبة في التعامل معها وفي إنجاز الخدمة والمعاملة، وهنا الأمر يتطلب إعادة تصميم تجربة المتعامل في الخدمات الذكية المقدمة لهذه الفئة، بحيث تكون أكثر سلاسة وغير معقدة، وتراعي طبيعة وتطلعات هذه الفئة العمرية، كأن يتم الاستعانة بالصور والصوت أو الدعم البشري عبر التطبيق، واختصار خطوات إنجاز الخدمة، وتقليل الخيارات، مع مراعاة الجوانب النفسية والاجتماعية والسن، المرتبطة بهذه الفئة عند تصميم الخدمات الموجهة لها.

واقترح شحروج تعزيز ثقافة هذه الفئة في التعامل مع التكنولوجيا الحديثة والتطبيقات الخدمية المبتكرة المخصصة لها، وذلك عبر دورات تقدمها الجهات المعنية المتخصصة، بحيث يتم تمكينهم من مواكبة هذه التكنولوجيا التي توفر عليهم الكثير من الوقت.

من جهته، قال خبير التسويق الرقمي، فيصل القدرة، لـ«الإمارات اليوم»: «إن هناك شقّين رئيسين لتسهيل إجراءات استخدام التطبيقات الرقمية لكبار المواطنين، أولهما يتعلق بالوصول للمعاملات، حيث إن تقليل الخطوات وربط المعاملات عن طريق تطبيقات معينة مسبقة الإعداد، مثل الهوية الرقمية، لتعبئة المعلومات الشخصية، سيسهل من الإجراءات، إضافة إلى تقليل عدد الصفحات لتبسيط المعاملات، أما الجانب الثاني فهو جانب التصميم، فيستلزم تكبير الخطوط والأيقونات لتناسب كبار المواطنين، خصوصاً أن الغالبية يحاولون التأقلم مع الهواتف الذكية وشاشات اللمس».

‏وأضاف: «هناك خطوة إضافية قد تتطلب مجهوداً كبيراً من الشركة أو الهيئة، وتتمثل في تخصيص مساعد افتراضي متخصص في التعامل مع كبار السن، حيث يسألهم عن نوع المعاملة، ويساعدهم على الوصول إلى الإجراء وإنجاز المعاملات المطلوبة، لكن تلك الخاصية قد تحتاج إلى بعض الوقت ليتم تطويرها».

ملحوظة: مضمون هذا الخبر تم كتابته بواسطة الامارات اليوم ولا يعبر عن وجهة نظر مصر اليوم وانما تم نقله بمحتواه كما هو من الامارات اليوم ونحن غير مسئولين عن محتوى الخبر والعهدة علي المصدر السابق ذكرة.

قد تقرأ أيضا