أثار إعلان صندوق الاستثمارات العامة السعودي (PIF) عن استحواذه الضخم على شركة Electronic Arts (EA) الأمريكية – في صفقة تاريخية تتجاوز قيمتها 55 مليار دولار أمريكي – عاصفة عالمية من الجدل السياسي والاقتصادي والثقافي، خاصة في الأوساط الغربية. كان آخرها اعتراض ساسة أمريكيون على صفقة استحواذ صندوق الاستثمارات السعودي على EA.
هذا الحدث ليس مجرد صفقة تجارية، بل يمثل نقطة تحول نوعية في صناعة الألعاب الترفيهية على مستوى العالم، ويطرح أسئلة عديدة عن مستقبل الإدارة، وآفاق تطوير الألعاب، واستقلال المحتوى، وحتى الانعكاسات على مسرح القوى الناعمة الدولي. المقالة التالية تحليل شامل يدمج بين خيوط الصفقة وتفاصيلها الدقيقة، وردود الفعل الدولية الرافضة والمتحفزة، مع قراءة معمّقة في الأسباب السياسية والثقافية والاقتصادية خلف هذا الرفض وحشد من الآراء والاقتباسات من محللين بارزين ووجهات نظر اللاعبين أنفسهم. وسنمر أخيرًا عبر تجربة الصندوق مع شركة SNK كمثال مقارن يُفكك أحدث سيناريوهات صناعة الألعاب.

تفاصيل صفقة الاستحواذ: النقاط الحاسمة
تعد صفقة استحواذ PIF على EA واحدة من أضخم الصفقات في التاريخ المالي لوول ستريت. بموجب الاتفاق، حاز التحالف الاستثماري بقيادة الصندوق السعودي، ويضم أيضًا Silver Lake وAffinity Partners (التابعة لجاريد كوشنر)، جميع أسهم EA بقيمة تبلغ 210 دولار للسهم الواحد – وهي علاوة بنحو 25% عن سعر السهم قبل إعلان الصفقة.
هيكلة الصفقة اعتمدت على مزيج بين رأس المال (36 مليار دولار) والديون (20 مليار دولار ممولة من JP Morgan)، بينما تم تحويل EA إلى شركة خاصة وغير مدرجة في البورصات العالمية. وسيستمر أندرو ويلسون في منصب المدير التنفيذي، مع الاحتفاظ بمركز الشركة الرئيسي في كاليفورنيا، في حين تؤكد البيانات الرسمية للطرفين أن الهدف هو تحرير EA من ضغوط المساهمين الفصلية وأرقام الأرباح قصيرة الأمد.
حجم الصفقة الاستثنائي يبرز في الجدول التالي:
البند | القيمة |
سعر الصفقة الإجمالي | 55 مليار دولار أمريكي |
سعر السهم | 210 دولار أمريكي |
علاوة سعرية للمساهمين | ~25% |
تمويل رأس المال | 36 مليار دولار |
تمويل دين | 20 مليار دولار |
الموعد المتوقع لإغلاق الصفقة | الربع الأول من 2027 (المالي) |
استمرار الطاقم التنفيذي | نعم (أندرو ويلسون) |
نعكس هذه التفاصيل أن الصفقة ليست مجرد انتقال ملكية مالي، بل تحوّل جوهري في بنية إدارة EA وفي الاستراتيجية الاستثمارية لصندوق الاستثمارات العامة، خاصة في قطاع الألعاب الإلكترونية العملاق، الذي تبلغ تقديرات حجمه عالميًا أكثر من 178 مليار دولار.
من الجدير أيضًا بالملاحظة، أن الاتفاق جاء بعد مفاوضات مطولة وشائعات سوقية، شهدت الأسهم على إثرها ارتفاعًا بنحو 15% قبيل الإعلان، ليقفز بعدها إلى أعلى مستوياته السنوية.
ردود الفعل الغربية الرافضة للصفقة
لم يقتصر تلقي خبر الاستحواذ على سياق اقتصادي بحت، بل تراكمت موجات الرفض والقلق من اتجاهات متنوعة، اقتصادية وثقافية وسياسية، عبر مؤسسات إعلامية غربية، وشخصيات تحليلية، ومجتمع اللاعبين على منصات التواصل الاجتماعي. ويمكن تلخيص الردود الغربية في ثلاثة مستويات مترابطة:
- أسباب سياسية: صدى حقوق الإنسان وتركيبة المال والسلطة.
- أسباب ثقافية وقيمية: الخشية من “تغيير هوية” الألعاب والتأثير على حريات التعبير.
- أسباب اقتصادية وتنافسية: الهواجس من الاحتكار وتبعات الديون والضغوط المالية الجديدة.
الأسباب السياسية لرفض الاستحواذ
يعرّف صندوق الاستثمارات العامة السعودي بأنه أحد أبرز أذرع الاستثمار السيادية لحكومة المملكة، ويأتي هذا الاستحواذ في ظل مساع واضحة تنسجم مع رؤية السعودية 2030 لتنويع الاقتصاد السعودي وتقليل الاعتماد على النفط. إلا أن ربط PIF بالحكومة السعودية، وسجل المملكة في قضايا حقوق الإنسان (خاصة في ملفات مثل حرية التعبير وحقوق الأقليات)، جعل من الصفقة هدفًا مستساغًا للانتقادات السياسية.
انبرت منظمات حقوقية مثل منظمة العفو الدولية إلى وصف موجة الاستحواذات السعودية بأنها نوع من “الغسل الرياضي” للسمعة، معتبرة أن المملكة تستخدم صفقات بحجم EA لإعادة تشكيل صورتها الدولية عبر قوة ناعمة جديدة. كما لم يغب عن التغطية الإشارة إلى حادثة مقتل الصحفي جمال خاشقجي، وقمع الناشطين داخل البلاد، ما جعل بعض وسائل الإعلام والمؤثرين يصرحون بأن “الأموال النفطية لن تغير حقيقة الواقع الحقوقي في السعودية”.
وقد جاء في تقرير Forbes تعليق لافت:
“أول ردود الفعل من مجتمع الألعاب اتسمت بشكل عام بالتشكك، إذ لم يبد كثيرون اقتناعهم بأن EA المملوكة للسعودية وجاريد كوشنر وتحت قيادة أندرو ويلسون ستقدم الأفضل لألعابهم“.
كذلك، علق محلّل Wedbush المعروف، مايكل باتشر، قائلاً:
“الاستحواذ السعودي يعكس إستراتيجية شراء النفوذ الثقافي على المدى البعيد” – بالرغم من أن دوافع الاستثمار جذابة اقتصاديًا، إلا أنه لا يمكن فصله عن مسعى السعودية لإعادة رسم صورتها الدولية.
من جهة أخرى، أثار وجود جاريد كوشنر (صهر الرئيس الأمريكي السابق دونالد ترامب) وارتباطه الشديد بالسياسة الأمريكية والمال السعودي علامات استفهام إضافية حول تداخل السياسة بالمال في رسم معالم صناعة الترفيه التفاعلي غربًا.
الأسباب الثقافية والاجتماعية لرفض الصفقة
الشق الثقافي من رفض الصفقة ينبع من خشية اللاعبين الغربيين (ومن ورائهم النخب الثقافية الغربية) من انتقال السيطرة على إرث ثقافي رقمي كبير إلى جهة قد ينظر إليها بأنها تحمل قيمًا وتصورات اجتماعية محافظة أو مغايرة لما نشأت عليه صناعة الألعاب في الغرب.
تنتشر في النقاشات الغربية إشارات متكررة إلى أن “القيم الليبرالية” التي تزخر بها كثير من إنتاجات EA (سواء في بناء الشخصيات أو فتح النقاشات الاجتماعية داخل الألعاب أو دعم التنوع الثقافي والجندري) قد تتعرض لمحاولات تدخل أو رقابة أو حتى تغيير تدريجي. هذه التخوفات أكدتها تغريدات تحت وسم #EABuyout على منصة X (تويتر سابقًا)، حيث كتب أحدهم:
“EA تصنع ألعابًا جرئية لمجتمعات متنوعة، فهل ستكون الألعاب المستقبلية أقل جرأة تحت إدارة الصندوق السعودي؟”
من ناحيته، صرح منتج SNK “ياسويكي أودا” – في سياق التجربة اليابانية مع استحواذ PIF – مؤكدا أن الصندوق لم يتدخل نهائيًا في السياسات الإبداعية، بقوله:
“بالنسبة لنا، نحن نركز فقط على صناعة الألعاب، ولسنا شركة سياسية، لذلك لم يؤثر الأمر علينا بشيء… لدينا حرية كاملة فيما نصنعه“.
إلا أن الشكوك لا تزال تحضر في مجموعات اللاعبين الغربيين:
“حتى لو لم يبدأ بالتدخل الآن، لن يتردد في المستقبل لو تعارضت لعبة مع الخطوط الحمراء للمالكين الجدد”.
الأسباب الاقتصادية للرفض
على المستوى الاقتصادي، لم تخل ردود الفعل من هواجس عميقة تخص مستقبل EA وأهم عناوينها. أول هذه الهواجس هو حجم الدين الضخم الذي جلبته الصفقة (20 مليار دولار) والذي يرى بعض المحللين أنه قد يُضطر الإدارة إلى إرساء سياسات تقشف داخلي، أو رفع وتيرة الـ Monetization بالعناوين الكبرى، ما قد يؤدي إلى تسريح موظفين أو تقليل الاستثمارات في مشاريع جديدة أو في سلاسل الألعاب التي لا تحقق أرباحًا ضخمة بالمعايير الجديدة.
كتب المحلل بول تاسي (Forbes) عن ذلك:
“هذه الديون تعني أن الأمر لن يشهد تدفقًا هائلًا من الاستثمارات لألعاب كبيرة جديدة، بل ربما العكس: خفض التكاليف وتسريح موظفين وربما إلغاء مشاريع أقل جدوى مالية”.
أما على مستوى التنافسية، فإن تخوف البعض من أن سيطرة كيان سيادي ضخم وذو احتياطات مالية غير تقليدية قد يُضعف روح الابتكار ويعزز النزعة الاحتكارية في قطاع الألعاب (خاصة في ظل امتلاك الصندوق لحصص جوهرية في شركات مثل Nintendo وTake-Two وActivision Blizzard).
وفي تصريحات أخرى لمحلل في صحيفة Bloomberg، تم التحذير من:
“ضغط الإيرادات لخدمة الديون قد يدفع EA لمزيد من الدفع داخل الألعاب (microtransactions)” – ما يثير قلق مجتمعات اللاعبين الذين ضاقوا ذرعًا بالفعل بسياسات الاستثمار القصير الأمد على حساب الجودة.
تعليقات وتحليلات من المحللين واللاعبين
برزت في وسائل الإعلام الغربية والمنصات الاجتماعية عشرات المشاركات والتغريدات، وهنا نماذج منتقاة، مع ترجمتها وشرح سياقها:
الفئة | نص الاقتباس/التعليق | المصدر |
محلل مالي | “الخشية الأهم أن تتحول EA من موجهة للجودة والتجارب الطويلة إلى الضغط على تحقيق أرباح سريعة لدفع الفوائد على الدين.” | Forbes |
لاعب غربي | “لن اشتري فيفا الجديدة حتى أعرف يقينًا أن الصفقة لم تضر الفِرق الإبداعية” | تويتر/رد فعل اجتماعي |
محلل حقوقي | “إذا سُمح لدول تفتقر للشفافية بمعايير الحوكمة أن تقود شركات الثقافة التقنية، سنخسر جميعًا” | العفو الدولية / منبر غربي |
مطور في SNK | “الصندوق السعودي لم يتدخل قط في حرية الإبداع منذ استحواذه على SNK.” | تصريح إعلامي |
إعلامي | ربطت الصفقة بتلميع صورة المملكة دوليًا أو كما يعرف بـ Sportswashing، بل استخدم لغة حادة مثل وصف المستثمرين بأسوأ الأشخاص في العالم! | موقع كوتاكو |
جيسون شراير | اعتبر أن 20 مليار دولار من الديون ستشكل خطرًا كبيرًا على EA، متوقعًا ضغوطًا تؤدي إلى تسريحات وإعادة هيكلة. | بلومبرج |
جورج أوزبورن | “مع هذه الصفقة، لم يعد الأمر مجرد مقعد على الطاولة — بل أصبح تحكماً فعلياً”. | BBC |
يتبع…

كاتب
أعشق ألعاب الفيديو منذ أيام جهاز العائلة، و أفضل ألعاب المغامرات أمثال Tomb Raider و Assassins Creed (قبل التحول للـRPG)، ليس لدي تحيز لأي جهاز منزلي بالنسبة لي الأفضل هو الذي يقدم الألعاب الأكثر تميزاً. ما يهمني هو التجارب ذات السرد القصصي المشوق فالقصة هي أساس المتعة أكثر من الجيمبلاي.
ملحوظة: مضمون هذا الخبر تم كتابته بواسطة سعودي جيمر ولا يعبر عن وجهة نظر مصر اليوم وانما تم نقله بمحتواه كما هو من سعودي جيمر ونحن غير مسئولين عن محتوى الخبر والعهدة علي المصدر السابق ذكرة.