وفي هذا التيه البشري المكتظ بالظنون والادّعاء، يراهن الكثير على تلك المرايا، فيعيشون على وقع نظرة، أو تعليق، أو حكم طارئ، أما الرهان الحقيقي، فهو ما راهن عليه العقلاء والراسخون «على النفس».
الثقة بالنفس، ليست ترفاً نفسانياً، بل ضرورة وجودية، فهي البوصلة التي تعيدنا إلى الطريق حين تتوه خرائط الآخرين. هي المفتاح إلى القبول، لا قبول الآخرين بنا، بل قبولنا لأنفسنا كما نحن بتجاربنا، بأخطائنا، وبحقيقتنا التي لا تتلوّن إلا بصدق.
من امتلك هذه الثقة، امتلك سلاحه في معركة الحياة، واستراح من عناء إرضاء من لا يُرضى.
كم من شخص انهزم لا لأن الحياة هزمته، بل لأنه صدّق شخصاً واهماً قال له إنه مهزوم، وكم من آخر ارتقى لا لأن الحظ سانده، بل لأنه آمن أنه يستحق الارتقاء.
لا يوجد فاشل على هذا الكوكب، بل هناك من توقف عند عثرته، ومن جعلها سُلّمه. فالنجاح لا يصنعه الطموح وحده، بل يُنحت من الألم، من التجربة، من ذلك الإخفاق الذي لم يكسرنا بل صقلنا.
وفي ذات السياق، لا يجب أن تغشّنا المظاهر ولا المناصب، فليست المناصب دوماً نتاج كفاءة، بل أحياناً ثمرة ظروف ومصادفات وتوازنات لا تعكس قيمة الشخص بقدر ما تعكس فوضى العالم. وهنا، من الغبن أن نجلد أنفسنا بمقارنات مع من لم يمرّ بطريقنا، ولم يحمل همّنا، ولا سقط مثلنا ثم نهض، ولا يعمل كما نعمل.
الأسوأ من نظرة الآخر، هو أن نُصبح نحن مرآة زائفة لأنفسنا، فكم مرة وثقنا بأشخاص وضعناهم في مقام المساندين، ثم كشف الزمن هشاشتهم.
الحقيقة هي أن الإنسان لا يجب أن يثق بأحد كما يثق بقدرته على النجاة، على التقييم، على النمو.
فالثقة بالذات تعني إدراكاً عميقاً لحقيقتك من أنت؟ وما تستطيع؟ إنها ملاذك حين يغدر بك من ظننته سنداً، وسلاحك حين تُقصى لأنك لم تكن جزءاً من لعبة الأقنعة.
وهي نصيحتي للشغوفين في كل مجالات الحياة، فليس من العقل أن نعيش بين ظلال الآخرين وإن كانوا مأزومين.
أخبار ذات صلة
ملحوظة: مضمون هذا الخبر تم كتابته بواسطة عكاظ ولا يعبر عن وجهة نظر مصر اليوم وانما تم نقله بمحتواه كما هو من عكاظ ونحن غير مسئولين عن محتوى الخبر والعهدة علي المصدر السابق ذكرة.