المحامية بيان زهران تشدّد على أن غياب التنظيم الرسمي أتاح المجال لجهات وأفراد غير مرخصين لاستغلال الباحثين عن الزواج عبر منصات التواصل الاجتماعي والتطبيقات غير المعتمدة؛ ما تسبب في العديد من حالات النصب والاحتيال.
ودعت إلى وضع تشريع واضح يحدّد آليات العمل ويجرّم الممارسات العشوائية، وفي حال وقوع ضرر أو ابتزاز من جهة غير مرخصة، فإن الطريق القانوني يبدأ بتقديم بلاغ للشرطة، ثم رفع دعوى قضائية، مع إمكانية استخدام المحادثات كأدلة للمطالبة بالتعويض المادي والمعنوي وفقاً للمادة 162 من نظام المعاملات المدنية، لافتةً إلى أن وقوع بعض الجرائم خارج المملكة إلكترونياً يمثل تحدياً إضافياً يتطلب تعاوناً دولياً.
وأكدت زهران أن تقنين نشاط مكاتب التوفيق يعزز من ثقة المجتمع بهذه الخدمة، خصوصاً إذا تضمّن اشتراطات واضحة مثل تأهيل العاملين، وتحديد الرسوم، وضمان الخصوصية. كما دعت إلى إدراج برامج تأهيل للمقبلين على الزواج؛ بهدف رفع الوعي وتخفيض نسب الطلاق.
وأشارت على أهمية الرقابة القانونية والمالية على هذه المكاتب، من خلال فرض سقف مالي للتكاليف، وتنفيذ تفتيشات دورية، ووجود قنوات فورية لاستقبال الشكاوى، إلى جانب تقنين استخدام الوسائل الحديثة مثل التطبيقات ومجموعات التواصل، بما يضمن حماية الأفراد من أي استغلال أو تجاوز.
التدخل بمعزل
عن رأي العريس !
أكدت المستشارة الأسرية والاجتماعية دعاء زهران لـ«عكاظ»، أن التغيرات المجتمعية التي طرأت خلال السنوات الأخيرة -لاسيما في مجالات التعليم والعمل والتطوع- أسهمت في رفع وعي الشباب تجاه اختيار شريك الحياة المناسب، مشيرة إلى أن العلاقة الزوجية الناجحة تبدأ من وعي الطرفين وحرصهما على بناء أسرة تُقام على أسس متينة يضعها الشريكان بنفسيهما.
وقالت زهران: إن بعض المجتمعات العربية لا تزال تعتمد أسلوب الاختيار التقليدي، عبر تدخل الأسرة المباشر في اختيار الزوجة، وأحياناً بمعزل عن رأي العريس تحت مبرر «البِرّ» أو أن الأهل أدرى بمصلحته، مضيفة أن هذه الطريقة قد تكون أحد الأسباب الأولية لحدوث الخلافات مستقبلاً.
وأضافت: إن انخراط الشباب والفتيات في بيئات تعليمية وعملية مشتركة، عزز من إدراكهم لصفات الشريك المناسب، وأسهم في فهم أنماط الشخصية وأساليب التعامل، مستشهدة بمقياس «هيرمان» للهيمنة الدماغية الذي يوضح الفروقات بين الأفراد ويشرح أسباب التوافق أو التنافر بين الشخصيات.
ودعت زهران إلى تأسيس مكاتب مختصة تساعد الشباب والفتيات على اختيار الشريك المناسب بمساعدة أخصائيين نفسيين واجتماعيين، وتقدم اختبارات للتوافق الشخصي والذهني، إلى جانب برامج ودورات تأهيلية تسبق مرحلة الزواج، مؤكدة أن هذه المبادرات سيكون لها أثر كبير في خفض نسب الطلاق وتعزيز الاستقرار الأسري.
الخوف
من الوصمة
أكد الأخصائي والمعالج الاجتماعي محمد الحمزة لـ«عكاظ»، أن تأسيس مكاتب رسمية ومتخصصة للتوفيق بين الزوجين، يمكن أن يسهم بشكل فعّال في خفض نسب الطلاق والحد من ظاهرة العنوسة، متى ما تم ذلك وفق رؤية متكاملة تراعي الأبعاد الشرعية والاجتماعية والنفسية.
وأوضح أن نجاح هذه المكاتب مرهون بتبني معايير دقيقة تشمل البيئة الأسرية، ومستوى التعليم والعمل، إضافة إلى تقديم جلسات إرشادية قبل الزواج تعزز من مهارات التواصل وحل النزاعات، ما يرفع من احتمالية التوافق بين الطرفين ويؤسس لعلاقات زوجية متينة ومستقرة.
وأضاف الحمزة: إن هناك تحديات اجتماعية ونفسية تواجه من يلجأون إلى مكاتب الزواج؛ أبرزها الخوف من وصمة اجتماعية يعتبر فيها البعض أن التوفيق عبر المكاتب دليل على الفشل في طرق الزواج التقليدية، إلى جانب مخاوف من اختراق الخصوصية أو استغلال المعلومات الشخصية.
ولضمان نجاح هذه المكاتب وقبولها مجتمعياً، شدد الحمزة على ضرورة وجود إطار قانوني واضح، وتوظيف مختصين مؤهلين في الإرشاد النفسي والاجتماعي، مع تقديم برامج تأهيلية ومتابعة ما بعد الزواج، والتعاون مع الجهات الرسمية والجمعيات الخيرية لدعم الفئات المستحقة، بما يجعل من هذه المكاتب جسراً يوازن بين القيم الأصيلة والمعاصرة في بناء الأسرة السعودية.
اختراق.. ابتزاز وسرقة بيانات
التقنية منال العمري حذّرت من خطورة بعض تطبيقات الزواج المنتشرة، مشيرة إلى أن غياب التشريعات الواضحة، وكون الكثير منها غير مرخص أو صادر من خارج المملكة، يجعلها بيئة خصبة لجرائم الاختراق والابتزاز وسرقة البيانات.
وأكدت العمري أن هذه التطبيقات تستغل حاجة البعض للارتباط، دون أن تقدم أي ضمانات لحماية المستخدم، موضحةً أن الهوية خلف الحسابات قد تكون وهمية أو خبيثة، ما يُعرض المستخدمين لمخاطر كبيرة.
وقدّمت العمري عدة نصائح وقائية منها التأكد من الروابط، وعدم الضغط على أي محتوى مشبوه، والامتناع عن مشاركة البيانات الشخصية، وتحديث الأجهزة باستمرار، وأهمية التصرف السريع عند التعرض للابتزاز بعدم الاستجابة، وجمع الأدلة، والإبلاغ الفوري .
وختمت العمري: «الابتزاز جريمة، والسكوت عنها يشجع المجرم. البلاغ الفوري لا يحميك فقط، بل يحمي غيرك أيضاً».
ميرا: احذروا الخطّابات !الإعلامية ميرا المغيري تقول: إن التوفيق التقليدي عن طريق الأهل كان وما زال الخيار المفضل في العديد من البيوت لأنه يعتمد على المعرفة المسبقة والثقة، لكن في ظل التغيرات المجتمعية وتسارع وتيرة الحياة، أصبحت الفرص للتعارف التقليدي أقل، وبرزت الحاجة لوجود جهات محايدة وآمنة مثل مكاتب التوفيق أو المنصات الرقمية المرخصة.
«أنا مع الفكرة إذا كانت تحت إشراف رسمي وبتنظيم يضمن المصداقية، خصوصاً أن الكثير من الشباب والفتيات يبحثون عن شريك حياة بطريقة تحفظ لهم خصوصيتهم وكرامتهم، أما الخطّابات أو المنصات العشوائية، فهي تحمل مخاطر كبيرة، ويجب أن تكون هناك رقابة صارمة عليها لحماية المجتمع من المحتالين والمستغلين».
حمزة: أغلقوا باب الابتزاز العاطفي
الإعلامية فاطمة حمزة تقول: إن وجود مكاتب رسمية ومحترفة للتوفيق بين الأزواج قد يكون نقلة نوعية في ملف العلاقات الأسرية إذا تم التعامل معه بمهنية وشفافية، واليوم كثير من الناس لا يملكون دوائر اجتماعية واسعة تساعدهم في اختيار الشريك المناسب، وأحياناً يخجلون من سؤال الأهل أو الأقارب، فيلجأون للخطّابات أو بعض المنصات التي لا تخضع لأي رقابة، وللأسف هذه الجهات قد تكون باباً مفتوحاً للاستغلال العاطفي والابتزاز، خصوصاً إذا لم يكن هناك وعي كافٍ من الطرفين.
«أنا مع إنشاء منصات رسمية بتقنيات حديثة، مدعومة بخبراء نفسيين واجتماعيين، تحفظ سرية البيانات وتقدم خدماتها ضمن ضوابط واضحة».
فتيان:
لا للمجاملات و«المجبرات»
في المقابل هناك شبان أكملوا زواجهم بطرق تقليدية.. يقول وليد: تزوجت بنت عمي، وكان هناك قبول مبدئي لأننا نعرف بعضنا منذ الطفولة، وأهلنا متفاهمون، وبعد الزواج واجهتنا مشاكل بسبب تدخلات العائلة، فكل طرف يحاول أن يسحبنا لصالحه.
زواج الأقارب له إيجابيات، وبعد التجربة أقول لا بد أن يكون هناك نضج واستقلالية قبل أي خطوة، لأن العلاقة تصبح معقدة أكثر عندما يكون «الدم» مشتركاً.
أما عبدالله القحطاني فيرى أنه ضد تدخل الأهل في الاختيار، إذ عاش هذه التجربة أكثر من مرة. ويقول إن الشخص لابد أن يعيش حياته ويختار شريكه بنفسه، لأن الأهل يختارون بعاطفة أو من منظورهم الخاص، لكن هذا لا يعني إهمال رأي الأهل، لكن التوازن مطلوب، والتفاهم بين الطرفين بعيداً عن المجاملات أو المجبرات.
«التجارة»:
التصنيف من اختصاص «الإحصاء» أكدت وزارة التجارة أن تصنيف وتنظيم الأنشطة يقع ضمن اختصاص الهيئة العامة للإحصاء، وفقاً للتصنيف الوطني للأنشطة الاقتصادية (ISIC4)، الذي يُعد دليلاً موحداً لوصف وتصنيف الأنشطة الاقتصادية للقطاعات كافة على المستويين المحلي والدولي.
وأوضحت الوزارة أن التصنيف الوطني يُبنى على التصنيف الصناعي الدولي الموحد لجميع الأنشطة الاقتصادية، ويهدف إلى توحيد رموز ووصف الأنشطة بما يضمن تكامل البيانات وتيسير إجراءات الجهات ذات العلاقة.
في ظل التحولات الاجتماعية المتسارعة، وتغيُّر نظرة الأجيال الجديدة للزواج والعلاقات الأسرية، يبرز تساؤل مهم: هل لا تزال طرق التوفيق التقليدية كافية؟ أم أن الحاجة باتت ملحّة لوجود جهات منظمة، مرخصة، وآمنة، تُعيد الثقة في اختيار الشريك؛ وفق معايير علمية ومجتمعية حديثة؟
بين مكاتب التوفيق المقترحة، وتطبيقات الزواج التي باتت سلاحاً ذا حدين، تتباين الآراء ما بين الداعمين للتنظيم والمحذرين من الوقوع في فخ الابتزاز والاحتيال الإلكتروني.
ترى المحامية بيان الزهران عبر «عكاظ»، أن ترخيص مكاتب التوفيق في الزواج خطوة مهمة نحو تنظيم النشاط وضمان تقديمه وفق معايير مهنية وأخلاقية تحفظ حقوق الأطراف، وتحد من حالات الابتزاز أو استغلال الباحثين عن الزواج، مشيرةً إلى أن الترخيص يفرض رقابة نظامية على عمل هذه المكاتب، ويُلزمها بحماية البيانات الشخصية، وتوثيق العمليات إلكترونياً، ومنع الرسوم غير النظامية.
فتيات: بعضهم يختفون فجأة !فتيات تعاملن مع خطّابات روين تجاربهن لـ«عكاظ».. تقول رنا: جربت التواصل مع خطّابة عن طريق صديقة، وكانت متعاونة، لكن الصدمة أن أغلب من عرّفتني عليهم لم يكونوا جادين فعلياً.. بعضهم يقول: إنه يرغب في الاستقرار ثم يختفي فجاة. والمشكلة أن الخطّابات كثرت أعدادهن ولا يستطيع أحد تحديد الجادّة منهن، وبعضهن يحرصن فقط على الكسب المادي، والمأمول إنشاء جهة تشرف عليهن وتراقب نشاطهن.
أما تهاني فتقول: إنها تزوجت بالطريقة التقليدية، «والدتي وخالتي رأتا أن زوجي مناسب لي وسألتا عن أهله، وتمت النظرة الشرعية بعد موافقة الكل.. لم يكن هناك سابق معرفة بيننا قبل الزواج، والحمد لله نجحنا، وأنا في رأيي أن الفتاة هي من تختار».
أكد الباحث الأكاديمي ماجد الفيصل لـ«عكاظ»، أن تنظيم وترخيص الكيانات القانونية التي تقدم خدمات التوفيق للزواج بات ضرورة ملحة، في ظل التوسع المتزايد في هذا النشاط في العديد من الدول. وأشار إلى أن هذه الكيانات قد تتبع القطاع الخاص كشركات تجارية، أو القطاع التعاوني وغير الربحي كالجمعيات الأهلية والتعاونية، وغالباً ما تخضع لاشتراطات قانونية تستند إلى القيم والمبادئ، خصوصاً القيم والضوابط الشرعية في الدول الإسلامية.
وأوضح الفيصل أن بعض الدول تشترط توفر سجل تجاري أو علامة تجارية لمزاولة هذا النشاط، فيما تشترط دول أخرى الحصول على ترخيص مهني، يتطلب بدوره مؤهلات علمية جامعية متخصصة، وأهلية قانونية، وسيرة وسلوكاً حسنَين. وأضاف أن فرض هذا النوع من التراخيص يسهم في تحقيق مهنية أفضل ويعزز من حماية المستهلكين من التجاوزات أو الإهمال أو المخالفات النظامية.
وأشار إلى أن التراخيص قد تتنوع بحسب طريقة تقديم الخدمة، سواء عبر مقر فعلي ذي عنوان مسجل، أو من خلال منصة إلكترونية على الإنترنت، مؤكداً أن هذا التنظيم القانوني يسهم في حماية خصوصية بيانات الأطراف، والحد من جرائم النصب والاحتيال التي قد يتعرض لها الباحثون عن الزواج.
وبيّن الفيصل أن خدمات التوفيق للزواج تُعد في حكم العقود المدنية التي تُبرم بين الطرفين، وتترتب عليها التزامات متبادلة تستوجب الوضوح والشفافية في تحديد الحقوق والواجبات، كما أن الخلافات الناشئة عن هذه العقود تخضع للمحاكم المختصة.
واختتم تصريحه بالتأكيد على أهمية توظيف العلوم النفسية والاجتماعية والتقنيات الرقمية الحديثة في تطوير هذه الخدمات، بما يساهم في بناء أسر متماسكة، ويُسهم في تقليل نسب الطلاق، مشدّداً على أن هذا التوجه القانوني يعزّز من أمان المجتمع واستقراره الأسري.
شرط السلوك الحسن
للعاملين في النشاط
العمودي: استعينوا
بالذكاء الاصطناعي
الإعلامية أميرة العمودي تقول: فكرة مكاتب التوفيق بين الأزواج ليست غريبة عن ثقافتنا، لكنها بحاجة لإطار قانوني ومجتمعي يدعمها ويشرّعها. هناك فئات واسعة تبحث عن حلول غير تقليدية؛ بسبب ضيق الفرص أو الظروف الاجتماعية المختلفة، ووجود مكتب رسمي يوفر بيئة آمنة ومحترمة للبحث عن شريك حياة أمر إيجابي، بشرط ألا يتحول إلى سوق استغلال أو تدخل فيه العشوائية.
«أنا أؤمن بأهمية إدخال الذكاء الاصطناعي والتحليل النفسي والاجتماعي في هذه المنصات، لتكون مبنية على أسس علمية لا عشوائية. كما يجب أن يكون هناك وعي إعلامي يرافق هذه الفكرة لتصحيح الصورة النمطية حول التوفيق عبر المكاتب».
الخطّابات: نحن أعلم بطباع الناس !
«عكاظ» استمعت إلى الرأي الآخر واستطلعت آراء عدد من الخطّابات.. تقول أم عبدالعزيز التي تعمل في المهنة منذ 20 عاماً: نعمل في النشاط منذ فترة طويلة ونعرف العائلات وطباع المجتمع، ونجتهد كثيراً للتوفيق بين الطرفين، صحيح أن فكرة المكتب الرسمي ممتازة إذا تم ضبطه بطريقة سليمة ومراعاة الخصوصية «وما يخربون شغل الناس اللي عندها خبرة مثلي».
أنا أفضّل التوفيق الشخصي، فيه تواصل مباشر، وأعرف البنت وأهلها وأهل الولد، وأتابع معهم بعد المِلكة.
أما أم أحمد فتؤكد أنها مع التنظيم، «لكن أخشى أن يؤثر ذلك على عملنا، نحن نعين الناس ونساعدهم من باب الخير، ومعرفتنا بالعوائل كبيرة. إذا أُنشئت مكاتب رسمية تحافظ على سمعتنا ونكون جزءاً من فريقها فهذا أمر طيب نقبل به»، أنا شخصياً أحب التوفيق عن طريق المعارف، وأرى أن الثقة أهم من التقنية فكثير من البنات يتعاملن معي لمعرفتهن بي منذ سنوات «نبغاك انتِي، مو التطبيق»!
أم سعد خطّابة من الشرقية تقول لـ«عكاظ»: إن كثيرين يتواصلون معها، خصوصاً المطلقين والمطلقات ومن هم فوق الثلاثين، «لا أمانع في وجود المكتب أو المنصة إذا التزمت بالضوابط ومراعاة الخصوصية، لكني أفضل العمل اليدوي لأن فيه إحساساً ومسؤولية، وأعرف البنت وش تدور، وأعرف الولد وش يبي».
أخبار ذات صلة
ملحوظة: مضمون هذا الخبر تم كتابته بواسطة عكاظ ولا يعبر عن وجهة نظر مصر اليوم وانما تم نقله بمحتواه كما هو من عكاظ ونحن غير مسئولين عن محتوى الخبر والعهدة علي المصدر السابق ذكرة.